ولما عطف على هذا ذكر الإبل وذكر الأوسق وهي أموال يطلب فيها النماء كما يطلب بالذهب والورق في التصرف بهما النماء وصار تارك التصرف بها بيعا للمتصرف ولما أنها لا توضع للتصرف بها علم بهذا المعنى أن الحلي لا زكاة فيه إذا كان متخذا للنساء لأنه لا يطلب به شيئا من النماء
وقد اختلف المدنيون في الحلي المتخذ للرجال والمتخذ للكراء فالزكاة عند أكثرهم فيه واجبة وإنما تسقط عما وصفنا من حق النساء خاصة.
واختلف الفقهاء أهل الفتوى في الأمصار في زكاة الحلي
فذهب فقهاء الحجاز مالك والليث والشافعي إلى أنه لا زكاة فيه
على أن الشافعي قد روي عنه في بعض أوقاته قال أستخير الله في الحلي وترك الجواب فيه
وخرج أصحابه مسألة زكاة الحلي على قولين
أحدهما أن فيه الزكاة على ظاهر قول النبي ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة فدل على ان في الخمس الأواقي وما زاد صدقة ولم يخص حليا من غير حلي وكذلك قوله في الذهب في أربعين دينارا دينار ولم يخص حليا من غير حلي
والآخر أن الأصل المجتمع عليه في الزكاة إنما هي في الأموال النامية والمطلوب فيها الثمن بالتصرف
ولم يختلف قول مالك وأصحابه في أنه لا زكاة في الحلي للنساء يلبسنه
وهو قول بن عمر وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وسعيد بن المسيب على اختلاف عنه والقاسم بن محمد وعامر الشعبي ويحيى بن سعيد وربيعة وأكثر أهل المدينة
وبه قال أحمد وأبو عبيد
قال أبو عبيد الحلي الذي يكون زينة ومتاعا فهو كالأثاث وليس كالرقة التي وردت في السنة يؤخذ ربع العشر منها
والرقة عند العرب الورق المنقوشة ذات السكة السائرة بين الناس
وقال أبو حنيفة والثوري في رواية الأوزاعي والحسن بن حي الزكاة واجبة في الذهب والورق كهي في غيرة الحلي
وقال محمد بن كثير عن الأوزاعي عن الزهري في الحلي الزكاة
وقال الليث ما كان منه يلبس ويعار فلا زكاة فيه وما صنع ليقربه من الصدقة ففيه الصدقة
ومن أوجب الزكاة في الحلي عبد الله بن عباس وبن مسعود وعبد الله بن عمر وعطاء وسعيد بن جبير وعبد الله بن شداد وميمون بن مهران ومحمد بن سيرين ومجاهد وجابر بن زيد والزهري وإبراهيم النخعي.
وجملة قول الثوري في زكاة الحلي قال ليس في شيء من الحلي زكاة من الجواهر واليواقيت إلا الذهب والفضة إذا بلغت الفضة مائتي درهم والذهب عشرين دينارا فإن كان الجوهر الياقوت للتجارة ففيه الزكاة
قال سفيان وما كان عنده في سيف أو منطقة أو قدح مفضض أو آنية فضة أو خاتم فيضم ذلك كله بعد أن يحسبه ويعرف وزنه فما كان منه ذهبا ضمه إلى الذهب وما كان منه فضة ضمه إلى الفضة ثم زكاة
قال الأوزاعي يزكى الحلي ذهبه وفضته ويترك جوهرة ولؤلؤه
قال أبو عمر جملة قول الشافعي في زكاة الحلي قال ببغداد (وهي رواية الحسن بن محمد الزعفراني عنه) لا زكاة في حلي إذا استمتع به أهلك في عمل مباح
قال فإن انكسر الحلي فكان أهله على إصلاحه والاستمتاع به زكى لأنه قد خرج من حد التجمل
قال وكل حلي على سيف أو مصحف أو منطقة أو ما أشبه هذا فلا زكاة فيه
قال وأما آنية الذهب والفضة مضمنه فتزكى ولا ينبغي أن تتخذ لأنها منهي عنها
قال وكل حلية سوى الذهب والفضة من لؤلؤ أو ياقوت أو زبرجد أو غيرها فلا زكاة فيه إنما الزكاة في العين وهو الذهب والفضة
وقال بمصر قد قيل في الحلي صدقة وهذا مما أستخير الله فيه فمن قال فيه زكاة زكى كل ذهب وفضة فيه فإن كان منظوما بعينه يعتبر وزنه ميزه ووزنه وأخرج الزكاة منه بقدر وزنه واحتاط حتى يعلم أنه قد أدى جميع ما فيه
ومن قال لا زكاة في الحلي فلا زكاة عنده في خاتم ولا حلية سيف ولا مصحف ولا منطقة ولا قلادة ولا دملج
قال فإن اتخذ الرجل شيئا من حلي النساء لنفسه فعليه فيه الزكاة قال ولو اتخذ رجل أو امرأة إناء فضة أو ذهب زكياه في القولين جميعا ولا زكاة في شيء من الحلي إلا في الذهب والفضة
وقال أبو ثور مثل قول الشافعي البغدادي
وقال أبو حنيفة وأصحابه كل ما كان من دنانير أو دراهم أو فضة تبرا أو حليا مكسورا أو مصنوعا أو حلية سيف أو إناء أو منطقة ففي ذلك الزكاة.
قال أبو عمر من حجة من أوجب الزكاة في الحلي مع ظاهر قوله وفي الرقة ربع العشر وقوله ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة
¥