وأما ما ذكره محمد بن أحمد بن البراء قال: قال علي بن المديني: والذين روى عنهم الحسن من المجهولين فذكرهم وذكر منهم دغفل بن حنظلة، فإن هذا لا يعني أنه مجهول لا يعرفه أهل العلم، وإنما هو ليس بمشهور في رواية الحديث، فله حديثان في صوم النصارى وسن النبيّ صلى الله عليه وسلم حين توفي، ولا يُتابع عليهما. وحديثه ليس بشيء لأن عنايته كانت بالنسب كما قال ابن سيرين، والله أعلم.

ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[20 - 11 - 10, 07:49 م]ـ

قال ابن حجر في ترجمة دغفل -في الإصابة (2/ 388) -: (وقال حرب: قلت لأحمد: له صحبة؟ قال: ما أعرفه).

وساق ذلك في ذكر إثبات صحبة دغفل ونفيها.

وهذا يفيد أن ابن حجر فَهِمَ من النص أنه كلامٌ في ثبوت الصحبة لا في حال الرجل.

ـ[السكران التميمي]ــــــــ[20 - 11 - 10, 11:29 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

كنت قد كتبت قولي هذا:

لا أنكر أن هذا ما فهمه كثير من الأئمة .. لكن قد لا يكون الصواب في فهمهم ويكون عند ذاك الواحد الذي خالفهم .. فالأمر نسبي، خاصةً إذا كان النص محتملاً لعدة أوجه.

ومسألة اختصار النص بناءً على الفهم لمضمونه من قبل فاهمه؛ أعتقد أنه طريقٌ غير سليم، ولا يحسن فعل هذا حتى مع صدق صحة الفهم وسلامته، إنما يتجاوز فيه عندما يكون المعنى واضحاً لا يتطرق إليه الاحتمال.

فيبقى على النص كما هو، ويطرح القارئ فهمه له بناءً على هذا النص المطروح من دون عبثٍ به، فقد أرى أنا غير ما ترى أنت؛ ومن نفس هذا النص المطروح!

ولعل الإمام الذهبي رحمه الله ممن وقع في هذا الخطأ غفر الله له.

قد وجد أن الإمام حربٍ رحمه الله له في هذه المسألة بالذات نقلين نقلهما الأئمة عنه رحمه الله، ومنهم الإمام ابن أبي حاتم في موضعين:

-الأول في كتابه الجرح والتعديل؛ حيث قال: (أنا حرب بن إسماعيل الكرماني فيما كتب إليَّ؛ قال: قلت لأحمد بن حنبل دغفل بن حنظلة له صحبة؟ قال: ما أعرفه.

قال أبو محمد: يعني لا يعرف له صحبة أم لا).

-الثاني في كتابه المراسيل: (قال حرب: فقلت: شيخ يقال له دغفل بن حنظلة له صحبة يروي عنه قتادة؟ قال: ما أعرفه).

ووجدنا هذا النقل بعينه في مسائل حربٍ عن الإمام؛ فقال: (قلت لأحمد: فشيخ يقال له دَغْفَل بن حنظلة له صحبة يروي عنه قتادة؟ قال: ما أعرفه.

قال حرب: وقد حدثنا أحمد يومًا آخر؛ قال: حدثنا معاذ بن هشام؛ قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن الحسن، عن دغفل بن حنظلة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض وهو ابن خمس وستين).

فبان أن نقل الإمام حرب لقول الإمام أحمد _ عموماً وليس فيما سأل عنه الإمام أحمد في مسائله _ كان على فترتين:

- الفترة الأولى: هي النقل الثاني هنا معنا؛ فنقل حربٌ عن الإمام عدم معرفته به؛ لا أنه نفى معرفة كونه صحابي .. فلذلك كما قلت لك أعقبه بالنقل الآخر عن الإمام أحمد الذي يؤيد كونه عرفه فيما بعد وروى من طريقه شيئاً؛ بغض النظر عن كونه صحابي أم لا.

ولا يحسن الاعتراض على هذه النقطة ببعد أن يكون الإمام أحمد رحمه الله لا يعرف دغفلاً لشهرته .. فإنه لابد أن نعرف متى كان هذا السؤال الأول من حربٍ للإمام حتى نصوب مثل هذا الاعتراض أو لا .. وما يمنع عدم معرفة الإمام له؟!

كما لا يفهم من هذا أن الإمام أحمد لم يعرفه إلا بعد أن روى عنه هذه الرواية الواحدة التي نقلها حرب! فهذا ليس مقصوداً ولا هو المراد من كلامي ونقلي.

وليس لهذا علاقةٌ بمسألة اختلاف أقوال الإمام أحمد وأنه اضطرب في دغفل .. أبداً.

غاية الأمر أن له فيه قولان رحمه الله متقدمٌ ومتأخر بناءً على معرفة الشخص وجهالته .. هذا ما في الأمر.

وكون الإمام حربٍ في سؤاله الأول يقول: (شيخٌ يقال له دغفل بن حنظلة له صحبة يروي عنه قتادة؟) .. فهو ما وصفه إلا بما وصله من وصفٍ لهذا الرجل؛ فما وصل إليه إلا أنه شيخٌ معدودٌ في الصحابة! وهو يسأل الإمام أحمد عن هذا الشيخ المعدود في الصحابة الذي يروي عنه قتادة هل تعرفه؟! فيقول: ما أعرفه.

ولو كان السؤال الأول غرضه الاستفسار عن الصحبة؛ لقال: هل الشيخ الذي يروي عنه قتادة واسمه دغفل بن حنظلة من الصحابة؟!

ولا يدخل هنا القول بأن قول حرب رحمه الله: (يروي عنه قتادة)؛ أنه: زيادة تعريفية فحسب، ولذا حذفها ابن أبي حاتم في أحد موضعَيْ نقله؛ لعدم الحاجة لها؛ لأنه ترجم للرجل وتكلم عنه وعرَّف به.

أقول لا يدخل هذا الاعتراض لأن النقل الثاني المشار إليه هو نقلٌ آخر سيأتي بيانه بعد قليل إن شاء الله .. ليس له علاقةٌ بنقلنا الأول هنا. فتأمل

- أما الفترة الثانية: فهي التي اختص بها ابن أبي حاتم وحده فيما كتب إليه حربٌ فيما نقلناه أعلاه، وهي التي أشار إليها حربٌ في قوله: وقد حدثنا أحمد يوماً آخر، وهي التي نقلها الأثرم عنه فيما سأل عنه الإمام أحمد.

وكثير ممن تعرض لكلام الإمام أحمد عن دغفل لم يتعرض للنقل الأول عنه؛ والذي نقله حربٌ في مسائله عن الإمام .. واكتفى بنقل حربٍ الآخر الذي وافق غيره من الأئمة ممن نقل كلام الإمام أحمد في دغفل كالأثرم وغيره.

فالظاهر من هذا كله أن الإمام أحمد قديماً لم يكن يعرف دغفلاً هذا، ثم بعدُ بان له حاله واختصاصه وتبين له حاله.

ومن أمعن النظر في صنيع الإمام الذهبي عرف بإذن الله أنه ما قصد إلا ما بيناه .. وإن كان رحمه الله قد اختصر الكلام؛ فهو عندما نقل عدم معرفة الإمام أحمد له للجهالة؛ أعقب هذا الكلام بقوله: (وسئل عنه أحمد مرة: أكان له .. ).

فانظر رحمك الله إلى هذه الدقة التي يصعب جداً أن نقول معها بأن الإمام الذهبي أخطأ هكذا مباشرةً. والله تعالى أعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015