ولا شك أنه أراد في حديث مخصوص أو معنى مخصوص فإنه قد كان بالبصرة أيوب السختياني ويونس بن عبيد الله وعبد الله بن عون وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم ممن هم أحفظ في الجملة وأتقن من عاصم وقد روى بن معين قال حجاج بن محمد قال شعبة عاصم أحب إلي من قتادة وأبي عثمان لأنه أحفظهما فبين شعبة وجه تفضيله له إن ذلك مما يختص بحديث أبي عثمان النهدي فلا يشك أحد في تفاوت ما بين قتادة وعاصم بن سليمان الأحول وغير أبي عثمان
وقد قال علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد وذكر عنده عاصم الأحول فقال لم يكن بالحافظ فإما أن يكون قد ظهر ليحيى بن سعيد من حديث عاصم في شيخ من الشيوخ ما اقتضى ما اقتضى مخالفة ما قاله سفيان وشعبة
فيه أو قد قرن له بمن هو فوقه في الحفظ والإتقان كالزهري والأعمش وقتادة ويحيى بن أبي كثير فقصر به عن رتبتهم وقد قال أبو زرعة الرازي فيه هو صالح الحديث
فتأمل تفاوت هذه الألفاظ في ذكره واعلم أن موجب ذلك اختلاف السؤال والله أعلم وقال عبد الرحمن بن مهدي أيمة الناس في زمانهم أربعة حماد بن زيد بالبصرة وسفيان بالكوفة ومالك بالحجاز والأوزاعي بالشام يعني في الحديث والعلم وقد ترك الليث بمصر وترك جماعة غير هؤلاء
فهذا كله يدل على أن ألفاظهم في ذلك تصدر على حسب السؤال وتختلف بحسب ذلك وتكون بحسب إضافة المسؤول عنهم بعضهم إلى بعض وقد يحكم بالجرحة على الرجل بمعنى لو وجد في غيره لم يجرح به لما شهر من فضله وعلمه وأن حاله يحتمل مثل ذلك
فقد قال علي بن المديني كتبنا عن عبد الله بن نمير فربما لا يذكر الحارث بن حصيرة الأزدي ولا أبا يعفور ولا حلام بن صالح وإنما كان يحدث عن هؤلاء الضعفاء ثم حدث عن هؤلاء بعد ثم قال لو كان غير بن نمير لكان ولكنه صدوق
فعلى هذا يحمل ألفاظ الجرح والتعديل من فهم أقوالهم وأغراضهم ولا يكون ذلك إلا لمن كان من أهل الصناعة والعلم بهذا الشأن وأما من لم يعلم ذلك وليس عنده من أحوال المحدثين إلا ما يأخذه من ألفاظ أهل الجرح والتعديل فإنه لا يمكنه تنزيل الألفاظ هذا التنزيل ولا اعتبارها بشيء مما ذكرنا وإنما يتبع في ذلك ظاهر ألفاظهم فيما وقع الاتفاق عليه ويقف عند اختلافهم واختلاف عباراتهم والله الموفق للصواب برحمته
ـ[ابو عبدالله الناصري]ــــــــ[12 - 03 - 03, 02:38 ص]ـ
أحسنت أبا تيمية وكم لك من مثلها
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[12 - 03 - 03, 05:35 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا أبا تيميّة وأحسن الله إليك.
ـ[أبو تيمية إبراهيم]ــــــــ[12 - 03 - 03, 11:58 م]ـ
أحسن الله إليكم و بارك فيكما، أخي الفاضل هيثم و أخي الفاضل أبا عبد الله ..
و على جنب: فضيلة الشيخ أبا عبد الله الناصري، لا تبخل علينا بما عندكم، فكأني أعرفكم و العلم عند الله .. فأنتم ممن فرَّغ نفسه لخدمة السنة و علومها - هذا ما نظنه فيكم و الله حسيبكم -
ـ[ابو عبدالله الرفاعي]ــــــــ[13 - 03 - 03, 02:21 ص]ـ
جزاك الله تعالى خيرا أبا تيمية لقد أجدت وأفدت
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[08 - 04 - 04, 02:27 ص]ـ
جزاك الله خيرا
وهذا ما يسمى بالتوثيق النسبي.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[08 - 04 - 04, 02:59 ص]ـ
أحسنت على نقل هذه الفائدة ..
وذكر الحافظ في لسان الميزان 1/ 17 نحو كلام الباجي رحم الله الجميع، فقال:
(فصل):
وينبغي أن يتأمل أيضا أقوال المزكين ومخارجها فقد يقول العدل: فلان ثقة ولا يريد به أنه ممن يحتج بحديثه وإنما ذلك على حسب ما هو فيه ووجه السؤال له فقد يسأل عن الرجل الفاضل المتوسط في حديثه فيقرن بالضعفاء فيقال: ما تقول في فلان وفلان وفلان؟ فيقول: فلان ثقة يريد أنه ليس من نمط من قرن به فإذا سئل عنه بمفرده بين حاله في التوسط فمن ذلك أن الدوري قال عن ابن معين أنه سئل عن ابن إسحاق وموسى بن عبدة الربذي أيهما أحب إليك؟ فقال: ابن إسحاق ثقة.
وسئل عن محمد بن إسحاق بمفرده؟ فقال: صدوق وليس بحجة.
ومثله أن أبا حاتم قيل له أيهما أحب إليك يونس أو عقيل؟ فقال: عقيل لا بأس به وهو يريد تفضيله على يونس وسئل عن عقيل، و زمعة بن صالح؟ فقال: عقيل ثقة متقن، وهذا حكم على اختلاف السؤال وعلى هذا يحمل أكثر ما ورد من اختلاف كلام أئمة أهل الجرح والتعديل ممن وثق رجلا في وقت وجرحه في وقت آخر، وقد يحكمون على الرجل الكبير في الجرح يعني لو وجد فيمن هو دونه لم يجرح به فيتعين لهذا حكاية أقوال أهل الجرح والتعديل بنصها ليتبين منها فالعلة تخفى على كثير من الناس إذا عرض على ما أصلناه، والله الموفق.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[08 - 04 - 04, 11:49 ص]ـ
بارك الله فيك شيخنا أبا تيميّة وأحسن الله إليك
وجزاكم الله خيرا
وهذا كما ذكر شيخنا الفقيه من التوثيق النسبي
وفيه التنبيه الى أهمية الرجوع الى المصادر الاصلية
ككتب العلل والتواريخ المسندة
ومحاولة معرفة ما يتعلق بالعبارة
فالاعتماد على مثل كتاب تهذيب الكمال او تهذيب التهذيب
وما قد يكون فيه من اختصار القصة
ونقل لعبارات مجملة
كثقة
ليس بذاك القوي
ضعيف
ليس بحجة
الخ
هو الذي أوقع كثير من المعاصرين في الخطأ
بل تعدى ذلك الى ان تكلم كثير منهم في أئمة النقد
ولكن بالرجوع الى المصادر الاصلية وبجمع مصدر الكلام ومقارنة العبارة بكلام غيره من الائمة
وقبل ذلك مقارنة ذلك بكلام الناقد نفسه
وايضا بالنظر في الذي جرى عليه العمل لدى ائمة النقاد
كالبخاري ومسلم والنسائي
يتضح المعنى
والله أعلم بالصواب
هذا النص وغيره يجعل الباجي من أئمة النقد ولايظهر ذلك جليا في كتبه الفقهية والاصولية
ولكن لعل الاستفادة من مثل ابي ذر والخطيب والصوري
جعل الباجي في عداد أئمة هذا الشأن
وان كنت أحسب أن أغلب هذه الفوائد من كلام شيوخه رحمهم الله كما يتضح ذلك من كلامه رحمه الله في مقدمة الكتاب
وان كنت لاانكر معرفة الباجي بعلم الحديث ولكن مرتبته في الحديث دون مرتبة هولاء الحفاظ
والله أعلم
¥