ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[31 - 01 - 10, 12:59 م]ـ
بسمِ اللهِ، والحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحْبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بَعْدُ:
فقد قال العلامة جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى في مقدمة ألفية الحديث:
وهذه ألفية تحكي الدرر ... منظومة ضمنتها علم الأثر
فائقة ألفية العراقي ... في الجمع والإيجاز واتساقِ
قصد بذلك رحمه الله تفضيل ألفيته التي كتبها في خمسة أيام على ألفية الحافظ العراقي التي شرحها شمس الدين السخاوي في مجمعه المسمى (فتح المغيث)، وذلك في ثلاثة أمور: الجمع، والإيجاز، والاتساق الذي هو حسن النظم وعذوبة اللفظ وروعة النغم.
ولذا قال:
نظم بديع الوصف سهل حلو ... ليس به تعقد أو حشو
وقال في آخرها:
فاعن بها بالحفظ والتفهيم ... وخصها بالفضل والتقديم
وهذه كلمات موجزة في محاكمة السيوطي في شرطه المزبور وادعائه المذكور وذلك بمقارنة جمع من أبيات ألفيته بما يناظرها من ألفية العراقي، وهذا أوان الشروع في ذلك بتوفيق الله ومنته.
الموضع الأول: قال السيوطي:
(والأكثرون) قسموا هذي السنن ... إلى صحيح وضعيف وحسن
وقال العراقي:
(وأهل هذا الشأن) قسموا السنن ... إلى صحيح وضعيف وحسن
قلت: قول العراقي (وأهل هذا الشأن) أدق من قول السيوطي (والأكثرون) لأن كلام السيوطي غير مقيد يقيد، ولا يدرى من يعنى بقوله (الأكثرون) أهم الأصوليون اللذين يقسمون الحديث إلى محكم ومختلف، وإلى صحيح وضعيف، ومتواتر وآحاد، وناسخ ومنسوخ وغير ذلك ومباحثهم في تلك التقاسيم، أو هم الفقهاء اللذين يعنون بنحو ما ذكر عن الأصوليين؟!
هذا بخلاف أهل الصناعة الحديثية على الاصطلاح الخاص وهم الذين يعنون بمسلك الرواية ولوازمها الذين يقسمون الحديث من تلك الجهة إلى صحيح وضعيف وحسن.
الموضع الثاني:
قال السيوطي:
ثم ابن سيرين عن الحبر العلي ... عبيدة عما رواه عن علي
كذا ابن مهران عن إبراهيم عن ... علقمة عن ابن مسعود الحسن
وقال العراقي:
أو فاين سيرين عن السلماني ... عنه أو الأعمش عن ذي الشان
النخعي عن ابن قيس علقمه ... عن ابن مسعود، ولم من عممه
قلت: فاق العراقي في بيتيه في مواضع:
الأول: قوله (أو) للتنويع في بيان أصح الأسانيد أدق من (ثم) التي للتراخي، فإنهم اختلفوا في أصح الأسانيد وترجيح قول على قول غير مقصود هنا ولذا لا يعتذر للسيوطي بأنه استعمل (ثم) مرجحًا.
الثاني: قوله (الأعمش) أدق وأخصر من قول السيوطي (ابن مهران).
الثالث: قوله (النخعي) أدق من قول السيوطي (إبراهيم)!
الرابع: قوله (ابن قيس علقمة) أبين من قول السيوطي (علقمة) مبهمًا.
الخامس: قوله (ولم من عممه) قاعدة جليلة في نفي التعميم في مسألة أصح الأسانيد، وهي زيادة في بعض عجز بيت في ألفية العراقي تكلف السيوطي شرحها في أبيات عدة بعيد بيته المذكور.
الموضع الثالث:
قول السيوطي:
فاعن به ولا تخض بالظن ... ولا تقلد غير أهل الفن
مقتبس بنصه من ألفية العراقي.
الموضع الرابع:
قال السيوطي:
مسلمة الفتح فصبيان رأوا ... والأفضل الصديق إجماع حكوا
وعمر بعد وعثمان يلي ... وبعده أو قبله قولان: علي
وقال العراقي:
والأفضل الصديق ثم عمر ... وبعده عثمان وهو الأكثر
أو فعلي قبله خلف حكي ... قلت: وقول الوقف جا عن مالك
قلت: فاق العراقي في بيتيه في أمرين:
الأول: جعله تفضيل عثمان على علي قول الأكثر، أدق من إطلاق السيوطي الخلاف بلا ترجيح.
الثاني: أنه ذكر الوقف عن مالك ولم يذكره السيوطي.
الموضع الرابع:
قال السيوطي:
فسائر العشرة فالبدريه ... فأحد فالبيعة الزكيه
وقال العراقي:
فالستة الباقون فالبدريه ... فأحد فالبيعة المرضيه
قلت: قول العراقي (فالستة الباقون) أدق من قول السيوطي (فسائر العشرة) مع ما للعراقي من فضل لاقتباس السيوطي عنه عجز البيت تقريبًا.
وقد ذكر العراقي في ألفيته فوائد ومسائل أهملها السيوطي بمرة ولم يتعرض لها أصلًا فخرم دعواه التفوق على العراقي في الجمع، ومن ذلك:
أ - قول العراقي:
ومات آخرًا بغير مرية ... أبو الطفيل مات عام مائة
¥