أولا: أن يكون هذا التفرد في الطبقات المتقدمة من طبقة التابعين وأتباع التابعين وقد نصّ أيضا على هذا الذهبي في كتابه الموقظة وأشار إلى هذا في كتابه "ميزان الاعتدال" وغيره تكلم على التفرد وتكلم عليه أبو عبدالله الحاكم في كتابه "علوم الحديث" وتكلمن عليه أبو داود في رسالته إلى أهل مكة وكذلك أيضا غيرهم ممن تكلم عن هذه المسألة وأبو عيسى عرّف التفرد في كتابه العلل الصغير وتكلم ابن رجب في شرح العلل بكلام نفيس في شرح كلام الترمذي وعندما تكلم على الغرابة والتفرد.

وأن يكون هذا المتفرد يعتمد على ضبطه وحفظه وإتقانه مثل عبدالله بن دينار ومثل ما تقدم في حديث الأعمال بالنيات

والأمر الثالث أن يعرف هذا المتفرد بالرواية عمن تفرد عنه أعني أن لا يأتي شخص وهو غير معروف بالرواية عن شخص وإن كان ثقة ويتفرد بشيء هذا مستحيل.

فمثلا ما تفرد به الوليد بن مسلم عن مالك فهذا باطل بخلاف مثلا عبدالرحمن بن القاسم الذي لازم الإمام مالكا سبعة عشر سنة أو نحو ذلك فلا بد أن يكون هذا الراوي معروفا بالملازمة والمصاحبة لمن تفرد بالرواية عنه.

وأن يستقيم المتن هذا لاشك في كل حديث فهنا يكون هذا مقبولا فكثير ممن تأخر لا ينتبهون لمسألة الغرابة والتفرد ويصححون أحاديث وهي معلولة.

ومن ذلك ما رواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الرسول e حدّ لأهل العراق ذات عرق وهذا لا شك أنه باطل ظاهر إسناده الصحة وهو باطل وذلك أنه في البخاري عبدالله بن عمر يروي عن أبيه أن أهل العراق جاءوا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالوا: يارسول الله إن قرن جَور عن طريقنا فحدّ لهم ذات عرق قال لهم انظروا إلى حذوها. فابن عمر يروي هذا عن أبيه لو كان عنده شيء عن الرسول e كان قال لوالده كان ما روى هذا عن أبيه كان رواه عن الرسول e فلذلك أعرض عن هذا الحديث أصحاب الصحيح وأصحاب السنة ودوواوين الإسلام المشهورة التي دوّنت فيها الحاديث فروى هذا الحديث ممن يروي الغرائب كأبي نُعيم في الحلية فهذا الحديث بهذا اللفظ لا شك أنه باطل وهناك من يويه ولا يلتفت إلى هذا الشيء فأقول: إن هذه قضية مهمة كذلك أيضا مما يميز مذهب من تقدم من الحفاظ أنهم بالإضافة إلى نظرهم إلى الإسناد ينظرون أيضا إلى المتن ولا بد أن يستقيم المتن ولا يخالف نصوص القرآن والسنة النبوية وهذه القضية فيها طرفان ووسط.

فيها أهل البدع والضلال الذين يردون النصوص بعقولهم الناقصة وهذا نبرأ إلى الله منه وممن يفعل هذا المعتزلة وممن سار على منهجهم وطريقتهم من محمد الغزالي ويوسف القرضاوي وغيرهم ممن يردون النصوص بعقولهم.

وقسم لا يلتفتون إلى أن يكون هذا النص مخالفا لنصوص أخرى فهذا أيضا ما هو بصحيح فإذا كان هذا النص مخالفا للنصوص الصريحة الواضحة فهذا غالبا يكون معلولا ولا بد أن تكون هناك علة في الإسناد أعني مثلا ما رواه الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى:" ثلاثة لا يستجاب لهم دعاء: رجل كان له امرأة سيئة الخلق ولم يطلقها " لا شك أن نصوص القرآن والسنة جاءت بخلاف هذا وأنه مطلوب من المسلم والصبر وبالذات الصبر على أهله ومطلوب منه حسن الخلق ومن حسن الخلق أن يصبر عليهم وأين نصوص الصبر التي موجودة في كتاب وسنة رسوله e بكثرة لاشك أن هذا الحديث معلول وقد اختلف من رواه عن الشعبي وأكثر الرواة على وقفه وهو موقوف ليس بمرفوع وقد أشار إلى هذا الحاكم وابن كثير وهذه علة في الإسناد بالإضافة إلى وجود علة في المتن ومثل ما جاء عند ابن حبان عن أبي سعيد الخدري أن الرسول e قال:" أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يبعثون في يوم القيامة في أكفانهم " هذا مخالف للنصوص الصريحة كما جا في الصحيحين في حديث عائشة رضي الله عنها أن الرسول e قال:" يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا " كيف يبعثون في أكفانهم؟

والإسناد أيضا فيه علة فيه يحيى بن أيوب المصري وله أوهام وأخطاء أشياء تستنكر وإن كان يخرج له في الصحيحين لكن له أحاديث مستنكرة عليه ومنها:

من حفظ القرآن فكأنما استدرج النبوة بين كتفيه إلا أن لا يوحى إليه فدلت الدليل على أنه قد وهم وأخطأ وهو رحمه الله له بعض الأخطاء والأوهام

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015