ـ[ماهر]ــــــــ[27 - 08 - 09, 02:15 ص]ـ
روى السديُّ، عن أبي سعد الأزدي (1)، عن أبي الكنود، عن خَبّاب بن الأرتّ في قوله عز وجل: ((وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)) (2) قال: جاء – يعني: النبيَّ صلى الله عليه وسلم - الأقرعُ بنُ حابسٍ التميميُّ وعُيَينةُ ابن حصن الفزاري فوجدوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم قاعداً مع بلال وعمار بن ياسر وصُهيب وخَبّاب بن الأرت – رضي الله عنهم – في أناسٍ من الضعفاء منَ المؤمنين، فلما رأوهم حوله حَقَروُهم، فأتوه فَخَلَوا به، فقالوا: إنا نحبُ أنْ تجعل لنا منكَ مجلساً تعرف به العرب فضلنا، فإنَّ وفودَ العرب تأتيك فنستحي أن ترانا العربُ قعوداً مع هؤلاء العبيد، أو إذا نحنُ جئناكَ فأقمهم عنا، وإذا نحن فرغنا فأقعدهم إنْ شئتَ، فقال: ((نعم)) فقالوا: فاكتبْ لنا عليك كتاباً، فدعا بالصحيفة ليكتب لهم، ودعا علياً ليكتب، فلما أراد ذلك ونحن قعود في ناحية؛ إذ نزل جبريل - عليه السلام –: ((وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ)) الآية. ثم ذكر الأقرعَ بنَ حابس وصاحبَه قال: ((وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ)) (3) ثم ذكره فقال: ((وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)) (4) فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحيفة، فدعانا فأتيناه وهو يقول: ((سلامٌ عليكم)) فدنونا منه حتى وضعنا رُكَبَنا على رُكْبَتَيِه، وكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يجلسُ معنا، فإذا أراد أنْ يقومَ قامَ وَتَرَكَنَا، فأنزل الله عز وجل: ((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)) يقول: لا تجالس الأشراف: ((وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)) (5) أمَّا الذي أغفل قلبه فهو عيينةُ، والأقرعُ بنُ حابس، وأما فُرُطاً فهلاكاً (6)، ثم ضرب مَثَلَ رجلين ومَثَلَ الحياة الدنيا قال: فكنا بعدَ ذلكَ نَقعدُ مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإذا بَلَغْنَا الساعة التي كانَ يقوم فيها قُمْنَا وَتَرَكْنَاهُ حتى يقومَ وإلا صَبَرَ حتى نقومَ (7).
أخرجه: ابن أبي شيبة (33058)، وابن ماجه (4127)، والبزار (2129) و (2130)، والطبري في "تفسيره " (10328) ط. الفكر و9/ 259 - 260و260 ط. عالم الكتب، والطحاوي في شرح مشكل الآثار " (367) وفي (تحفة الأخيار) (6026)، وابن أبي حاتم في " تفسيره" 4/ 1297 (7331)، والطبراني في " الكبير " (3693)، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " 1/ 146 - 147 و344و345، والمزي في " تهذيب الكمال " 8/ 410 (8185) من طريق أسباط بن نصر.
وأخرجه: البيهقي في " دلائل النبوة " 1/ 352 - 353، والواحدي في "أسباب النزول" (240) بتحقيقي وفي " تفسيره " 2/ 274 من طريق حكيم بن زيد.
كلاهما: (أسباط بن نصر، وحكيم بن زيد) عن السدي، بهذا الإسناد.
قال البوصيري في " الزوائد " 4/ 219 (1641): ((هذا إسناد صحيح رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده عن أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط ابن نصر فذكره بإسناده ومتنه وزاد في آخره ((ولا صبر أبداً حتى نقوم)) وأصله في "صحيح مسلم" وغيره من حديث سعد بن أبي وقاص، وقد روى مسلم والنسائي والمصنِّف (8) بعضه من حديث سعد بن أبي وقاص)).
قلت: في إسناده من تكلم فيه، فالسُّدي صدوق يَهِمُ ورُمِيَ بالتشيع كما قال الحافظ ابن حجر في " التقريب " (463).
وأبو سعد الأزدي لم يذكر فيه العلماء جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في "الثقات" 5/ 568، وقال عنه الحافظ ابن حجر في " التقريب " (8117): ((مقبول)).
¥