7 – لأجل ذلك كله نجد أنَّ أصحاب الصحاح، كالبخاري ومسلم رحمهم الله تعالى قد أخرجا حديثه – أي حديث ابن عيينة - و من عن طريق رواة ماتوا بعده بسنوات، كأبي الوليد هشام بن عبد الملك الباهلي الذي توفي سنة227، ومحمد بن سلام بن الفرج السلمي الذي توفي سنة227، والإمام العلم علي بن عبد الله بن جعفر بن المديني الذي توفي سنة234، و قتيبة بن سعيد بن جميل البغلاني الذي توفي سنة244، وغيرهم الكثير من الرواة الثقات الذين رووا عن ابن عيينة – وروايتهم في الصحيحين وغيره - فإذا رجعت إلى تراجمهم في كتب الرجال لا تجد أحداً ممن ألف في الرجال قد نبه إلى أنَّ الراوي الفلاني روى عن ابن عيينة قبل الإختلاظ، والآخر الفلاني بعد الاختلاط، كما يحدث في العادة مع من ثبت عليه الإختلاط، وهذا إن دلََّ على شيء، فإنَّما يدل على أمرين لا ثالث لهما:
الأول: إمَّا أَّنَّه لم يثبت عليه الإختلاط الاصطلاحي الذي يتوجب على النقاد التحذير منه، وإنَّما هو تغيير هين – على حد تعبير عبد الرحمن اليماني – وبالتالي لا ضرورة من التحذير منه لسهولته ويسره، وهذا الذي نرجحه0
الثاني: وإمَّا أن يكون قد اختلط الإختلاط الاصطلاحي، بيد أنَّه مات بعده بمدة يسيرة، بحيث لم يثبت أنَّ أحداً من أصحابه الثقات قد روى عنه بعد اختلاطه، أللهمَّ إلاَّ ما كان من أمر محمد بن عاصم وجزئه الذي رواه عنه في تغييره - أو اختلاطه على رأي من رأى اختلاطه – و مع ذلك فقد جاء هذا الجزء متماسكاً متيناً، بحيث لا نعلم أنَّ أحداً من أهل العلم انتقد:" منه حرفاً واحداً "0كما قال العلامة اليماني أيضاً0
أقول: وفي كلا الحالتين، لا نجد أي مسوغ لأحد أن يتوقف عن تصحيح ما رواه ابن عيينة، إذا كان الراوي عنه أو بعده من الثقات، و أمَّا أن يكون هو موطن الطعن في الرواية، فإنَّ هذا – بحق – منكر من القول، كما قال الحافظ الذهبي رحمه الله 0
ومن تتبع تراجم الثقات الاثبات من الرواة، يجد أنَّ الكثير منهم - ولا يتسع المجال لذكر أسمائهم هنا في هذا المقام - قد تغير حفظه بعض الشيء، عندما كبر وأسن، دون أن يقدح أحدٌ من أهل العلم برواياتهم0
و بعد:
هذا ما يسره الله لي في هذا الموضع الهام، وأرجو ممن عنده إضافات مفيدة أن لا يبخل بها علينا - وإن كنتُ أعلم مسبقاً بكرم وشهامة أعضاء هذا الملتقى المبارك، وكيف لا وهم حملة ميراث النبوة العطر0
أخوكم من بلاد الشام أبو محمد السوري
ـ[حبيب الدين الحسني]ــــــــ[26 - 10 - 08, 09:47 م]ـ
جزاك الله خيراً: تكلم عن هذه المسألة أستاذنا الدكتور نور الدين عتر في تعليقه على شرح العلل لابن رجب الحنبلي.
ـ[أبو محمد السوري]ــــــــ[27 - 10 - 08, 08:08 ص]ـ
جزاك الله خيراً: تكلم عن هذه المسألة أستاذنا الدكتور نور الدين عتر في تعليقه على شرح العلل لابن رجب الحنبلي.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين00والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد:
شكر الله لك أخي حبيب الدين الحسني، على ملاحظتك، لكن - ويشهد الله على ما أقول - أنَّي لم أقف على كلام الدكتور نور الدين العتر قبل كلامك هنا، وعلى كل حال فإنَّ ما كتبه الدكتور العتر في تعليقه على شرح علل الترمذي للحافظ ابن رجب الحنبلي لا يعدو كونه قد نقل كلام الذهبي من أحد كتبه:" المغني في الضعفاء "0 في هذه المسألة، وهو قريب من كلامه الذي نقلناه من كتابه:" سير أعلام النبلاء "0وكتابه:" ميزان الاعتدال "0
أمَّا بحثي هنا، فهو أوسع من مجرد نقل كلام الذهبي، بل بحثت الموضوع من جميع جوانبه، ودافعتُ عن هذا الإمام الجليل بحجج قوية00
ولا يفهم أحد من كلامي هذا أنَّي أقلل من شأن الدكتور العتر حفظه الله، فهو من العلماء المرموقين في هذا الشأن0
كما لا يفهم أحدٌ بأني أرفع من خسيسة نفسي بهذا الكلام فلا والله ما قصدتُ هذا ولا ذاك، وإنَّما أحببتُ أن أدفع عن نفسي تهمة يمكن أن تفهم من كلام الأخ حبيب الدين، وهي أنَّي نقلت كلام الدكتور نور الدين العتر دون أن أنسبه إليه، وهذا ما لم يحدث - ولن يحدث إن شاء الله لأننا نؤمن بأنَّ من بركة العلم أن ينسب القول إلى صاحبه - ولعلَّ أي أخ يقف على كلامي هنا، ويقارنه مع كلام الدكتور العتر - فهو يجده في الكتاب المذكور ص572 - سيجد الفرق واضح بين القولين00والله أسأل أن يبصرنا بجهلنا وعيوبنا00اللهمَّ آمين0
ـ[حبيب الدين الحسني]ــــــــ[27 - 10 - 08, 11:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي أبا محمد، وجزاك الله خيراً ....
سامحك الله على ظنك هذا بأخيك حبيب الدين، فالله يشهد أني ما قصدت شيئاً في كلامي السابق، وإنما كل ما أرت أن أقوله هو أن أستاذنا الدكتور نور الدين قد لفت الانتباه إلى هذه المسألة في تعليقه على شرح العلل، ونقل كلام بعض الأئمة في ذلك.
مرة أخرى جزاك الله خيراً أخي أبا محمد.
¥