أخرج أبو عبدالله الحاكم في "المعرفة" ص78، من طريق أبي بكر ابن خزيمة، قال: حدَّثني مسلم بن الحجَّاج، قال: حدَّثنا يحيى بن أيّوب، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا يونس بن يزيد، عن الزّهريّ، عن سهل بن سعد، عن أبيّ بن كعب، قال:
«إنَّما كانت الفُتيا: الماء من الماء: رخصة في أوّل الإسلام، ثم نُهِيَ عنها».
قال أبو بكر (ابنُ خزيمة): فسمعتُ مسلم بن الحجّاج يقول:
(حديث عثمان بن عفان، وأبي سعيدٍ الخُدريّ في ترك الغسل من الإكسال، وقوله: "الماء من الماء": ثابتٌ متقدِّم من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، منسوخٌ بحديث عائشة وأبي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:
«إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان الختان» ...
[قال مسلم]: فأمّا حديث سهل بن سعد، عن أُبَيّ بن كعب: «الماء من الماء: كانت رخصة من النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم أَمَرنا بالاغتسال»، فإنّ الزّهريّ لم يسمعه من سهل بن سعد، وإنّما قال: حدّثني بعض من أرضى، عن سهل بن سعد، ولعلّه سمعه من أبي حازم؛ فإنّ مبشِّر بن إسماعيل قد رواه عن أبي غسّان محمد بن مطرّف، وهو ثقة، عن أبي حازم، حدَّثنيه: محمد بن مِهْرَان الرّازي، قال: ثنا مبشِّر الحلبيّ، عن محمّد أبي غسان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، عن أُبيّ بن كعب. و: حدّثنا هارون بن سعيد، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، قال: قال ابن شهاب: وحدّثني مَن أرضَى، عن سهل بن سعد الساعديّ: أنّ أُبَيّ بن كعب حدّثه).
قلت: وهذه الفوائد أكاد أجزم أن كتاب "التفصيل"، لا يخلو منها، (والله أعلم).
(فائدة):
حديث مسلم من طريق الزهري، عن سهل بن سعد، عن أُبَيّ بن كعب، أخطأ الباحث: عبدالله بن سُليم الصّاعدي، في رسالته: (منهج الحاكم النَّيسابوري في كتابه: "معرفة علوم الحديث") ص289؛ إذْ زعم أن هذا الحديث بذاك الإسناد، قد أخرجه مسلم في "صحيحه"، وهذا غلط؛ والواجب في مثل هذه الأمور: تحرّي الدّقّة في العزو والتخريج، بعزو الإسناد المعيَّن باللفظ المعيّن، إلى أقرب مصدر أخرجه بعين الإسناد ولفظه، فإنْ لم نجد، فبنحوه، مع التنبيه على الفروق في حال تأثيرها، وهي هنا مؤثرّة؛ فإنّ الباحث حفظه الله تعالى ونفع به، مع زعمه أن الحديث بإسناد الحاكم، إلى مسلم، به، قد أخرجه مسلم في "صحيحه"، قد انتهى إلى أنّ الحديث: (اسناده ضعيف؛ لأنّ فيه انقطاعا بين الزّهري، وسهل بن سعد رضي الله عنه).
أقول: وبهذا أكون قد انتهيت (بفضل الله تعالى) من المرحلة الأولى من "مشروع البحث"، وهي: (محاولة استقصاء نقولات كتاب "التفصيل" من مصدر أَوَليّ: وهو "فتح الباري" لابن رجب)، وبهذه المرحلة نكون قد أنجزنا أنموذجا مصغّرا نستطيع البناء عليه بعد ذلك. وفي المرحلة التّالية بمشيئة الله تعالى، سوف يتم توسيع نطاق البحث إلى المصادر الأخرى ...
ثم إنّي أشكر: "إدارة ملتقى أهل الحديث" على (تثبيت: الموضوع)، في الوقت الرّاهن، وأقول: (جزاكم الله خيرا).
وصلّي اللهمّ على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا.
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[11 - 07 - 08, 03:37 م]ـ
جزاك الله خير
ـ[هشام بن بهرام]ــــــــ[13 - 07 - 08, 02:40 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
لا حرمنا الله من فوائدك وأسأاله تعالى أن يجعل ما قدمت في ميزان حسناتك.
النّقل الرّابع:
(عن بُكيرِ بن الأشج، قال: قال لنا بُسرُ بنُ سعيدٍ: أيّها النّاسُ، اتّقوا اللهَ، وتحفّظوا في الحديث؛ فوالله لقد رأيتنا نجالسُ أبا هريرة، فيُحدِّثُنا عن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، ويُحدِّثنا عن كعبٍ، ثم يقوم، فأسمع بعضَ من كان معنا يَجعلُ حديثَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عن كعبٍ، ويجعل حديثَ كعبٍ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم)
هذا النقل في كتاب التمييز للإمام مسلم رحمه الله أسنده عن بكير بن الأشج فقال رحمه الله:
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ثنا مروان الدمشقي عن الليث بن سعد حدثني بكير بن الاشج قال قال لنا بسر بن سعيد اتقوا الله وتحفظوا من الحديث فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثنا عن كعب، ثم يقوم، فأسمع من كان معنا يجعل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كعب وحديث كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا يمنع أن يكون الحديث في غير كتاب التمييز، ولكن لعل في هذا العزو فائدة إن شاء الله.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[13 - 07 - 08, 09:22 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل: (هشام بن بهرام).
ما أفدتَ به - نفع الله بك -، تجده قد أُشير إليه في حاشية المصدر الذي قد أحلتُ عليه في المشاركة نفسها ... ، والله الموفِّق.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[19 - 07 - 08, 12:48 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[21 - 07 - 08, 10:43 ص]ـ
أخي الفاضل: (صالح بن علي)، جزاك الله خيرا.
أخي الجليل: (ابن وهب)، جزاك الله خيرا.
¥