في مثل ما إذا أردت أن أحاكم هذا القول وهذا نص عليه الطبري، فقد جاء في موطن وكان في نقل الخبر ما يخالف دلالة اللغة، خبر عن ابن عباس يخالف دلالة اللغة، وكان لا يصح إسناده، فقال بكل صراحة: لو كان صحيحا لتأولناه لكن ما دام أنه لا يصح فلا داعي لذلك، فلو أراد أن يحاكم ابن عباس فلا بد من صحة الخبر إليه

أو مثلا أردت أن ترجح بين قولين لا مرجح عندك في هذه المسألة إلا أنه قول لابن عباس أو قول لمجاهد، فلا شك أنه إذا كانت هذه وسيلة الترجيح الوحيدة لديك أنه لا بد أن تثبت صحة هذا القول لابن عباس، فلا بد إذا أردت أن تثبت نسبة هذا القول إلى قائله وأن تبني عليه موقفك في التفسير أن يثبت بمنهج المحدثين في نقد السنة النبوية

وأما ما سوى ذلك فلا يطبق عليه منهج المحدثين

قبل أن أبين المنهج الآخر الذي يطبق أريد ان أذكر بخلل كبير كان هو سبب ظهور المدارس المختلفة حول هذه القضية في الوقت الحاضر

من أهم الأسباب التي أدت لهذا الخلل عدم فهم منهج المحدثين أصلا حتى في نقد السنة النبوية، فهناك من حاول أن ينقد الأحاديث المرفوعة بمناهج غير صحيحة، ووضع قواعد غير صحيحة في نقد السنة النبوية، يعني الخلل الذي وقع في هذا الباب ليس هو فقط في تطبيق منهج قبول على علم لا يستحقه هذا العلم، بل حتى لو أردنا أن نطبق منهج المحدثين على الأحاديث المرفوعة فهناك خلل في هذا التطبيق، وسأضرب لك أمثلة سريعة

مثلا: القواعد المرجوحة في الحكم ع لى الحديث النبوي مثل رواية الصدوق والتي يتبنى البعض أنها ضعيفة، المدلس وجعل المدلسين كلهم طبقة واحدة أو ما أشبههم بطبقة واحدة والحكم عليهم بناء على ذلك، فهناك خلل كبير في هذا الباب جدا، يعني بعض مشاهير المدلسين لا يستحق رد عنعنته، الاختلاط وعدم إدراك معنى الاختلاط ووصف الراوي به وأنه قد يقصد به التغير، وهذا حدث في بعض مشاهير المختلطين ويتعامل معها بعض المعاصرين على أنه لا بد أن يميز رواية مَن روى عن المختلط، والواقع أنه لا يستحق هذا التمييز لأنه نزل عن تمام الضبط إلى خفة الضبط، فحديثه ما بين الصحيح والحسن ولا ينزل عن ذلك كأبي إسحاق السبيعي مثلا، وكرد توثيق من اتهم بالتساهل وهو غير متساهل كالعجلي، وكرد الوجادات الموثوقة وهذا كثير جدا وخاصة في التفسير، فأنتم نتعرفون أن كثيرا من روايات التفسير هي وجادات، مثل تفسير مجاهد الذي رواه كثيرون عن القاسم بن أبي بزة، وابن أبي نجيح وغيره، هو في الحقيقة وجادة، فيقرأ طالب العلم أو المتخصص في التفسير الذي ليس له المعرفة الكافية بعلم الحديث يقرأ كلامهم عن الوجادة والاختلاف فيها فيطبقه فيرد هذه الروايات مع أن الوجادة ينطبق عليها أنها إن لم تصح كرواية فإنها يحتج بها، وهذا نص عليه ابن الصلاح وهو الذي عليه عمل المحدثين جميعا، فالبخاري أخرج وجادات في صحيحة، ومسلم كذلك، فهناك أحاديث لم ترو إلا وجادة؛ بل أجمعت الأمة على قبول بعض الوجادات مثل صحيفة عمرو بن حزم فقد أجمع فقهاء الأمصار كلهم على الاحتجاج بهذه النسخ، وهي وجادة لم تؤخذ عن عمرو بن حزم بالإسناد المتصل الصحيح أبدا، وأجمع فقهاء الأمة على روايتها، حتى عمر بن الخطاب كان يفتي في الديات في الأصابع بأن كل أصبع له دية معينة حتى قيل له إن في بيت عمرو بن حزم كتابا كتبه عن النبي - وطبعا عمرو كان قد توفي – في الديات وقضى بالمساواة بين الأصابع فترك قياسه واجتهاده وأخذ بوجادة، وأيضا التصحيح بمجموع الطرق هناك غفلة عنه، فيأتي بعضهم يدرس إسناد عن تابعي وإسناد آخر عن نفس التابعي ويقول هذا ضعيف وهذا ضعيف وهذا ضعيف، ألا يتقوى بعضها ببعض فتثبت أن هذا هو قول هذا التابعي

هناك أيضا نظرة جزئية إلى أسانيد التفسير أدى إلى خلل في الحكم عليها

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015