محاضرة أسانيد التفسير ومنهجية الحكم عليها / للشيخ حاتم العوني.

ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[25 - 06 - 08, 08:49 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.

أما بعد:

محاضرة أسانيد التفسير ومنهجية الحكم عليها

للشيخ الشريف حاتم بن عارف العوني

لا شك أن هذا الموضوع مهم جدا، وتبدأ أهميته من عبارة مشكلة يعرفها الجميع وهي عبارة الإمام أحمد التي يقول فيها " ثلاثة كتب ليس لها أصول: المغازي والملاحم والتفسير " هذه العبارة التي توقف عندها كثيرون وفهمت بفهوم عديدة لكننا نبدأ حقيقة بنفي فهمين باطلين لهذه العبارة

الفهم الأول وهو فهم سطحي ولا أعرف أحدا من أهل العلم ذكره لكن لا بد من ذكره ونفيه وهو أن الإمام أحمد يعني بهذه العبارة أن كل ما ورد في التفسير لا يصح.

وهذا الفهم مردود، ولا يمكن أن يكون مراده أن كل مرويات التفسير باطلة، كيف وقد أخرج الإمام أحمد كثيرا من مرويات التفسير في مسنده، وكثير منها مخرج ومصحح في أصح الكتب بعد كتاب الله كصحيحي البخاري ومسلم، فحتى على منهج نقد السنة النبوية كثير منها صحيح بحمد الله، والإمام أحمد بل صغار الطلبة بل كل من له مساس بالعلم الشرعي يعرف أن هناك أحديث كثيرة صحيحة ثابتة في تفسير كتاب الله، فلا يمكن أبدا أن يظن أن أحد أن هذا هو مراد الإمام أحمد.

أيضا هناك معنى آخر نريد أن ننفيه عن هذه العبارة وهو: أن الإمام أحمد لا يمكن أن يكون مقصوده من هذه العبارة أن ما وردنا وما وصل إلينا من مرويات التفسير لا يقوم ببيان الفهم النبوي الذي بلغه النبي للصحابة، (فهم النبي للقرآن وتبليغه للصحابة) لا يمكن أن يكون هذا مقصود الإمام أحمد؛ لأن هذا الظن أو هذا الاعتقاد يتضمن اعتقادا باطلا لا يقول به مسلم وهو أن الدين قد فقد وضاع، ما الدين إلا فهم كتاب الله عزوجل، فأنا لا أتصور أن عبارة الإمام تعني التشكيك في قدرتنا – قدرة أهل العصور المتأخرة بدءا من الإما أحمد نفسه الذي قال هذه العبارة وحتى اليوم - على معرفة منهج النبي في فهم كتاب الله وهذا مما لا يمكن أن يخطر في عقل مسلم وهو أننا فقدنا الوسائل المبلغة لفهم القرآن على منهاج النبوة

هناك عدة معان فسرت بها عبارة الإمام أحمد ويمكن حصرها في خمسة معان:

1) أنه أراد كتبا معينة من كتب التفسير وهذا ما ذكره الخطيب في كتابه الجامع لأخلاق الرواوي وآداب السامع،وأن الإمام أحمد أراد بهذه العبارة مثل تفسير الكلبي وغيره ولكن الحقيقة أن الخطيب ختم عبارته بقوله " ولا أعلم في التفسير كتابا مصنفا سلم من علة فيه أو عري من مطعن عليه" يعني في البداية خصص ثم عمم في هذه العبارة الأخيرة

2) أن مقصود الإمام أحمد أن عامة أسانيد التفسير ما بين مراسيل ومنقطعات وما شابه ذلك وهذا ذكره ابن تيمية وقريب منه الزركشي

3) ذكره ابن حجر وهو أخص من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، قال: إن غالب أحاديث التفسير ضعيفة وموضوعة، - طبعا كونها مراسيل ومنقطعات كما ذكر شيخ الإسلام لا يلزم منه أنه لا يحتج بها -، لكن عندما يقول الحافظ ابن حجر، أن غالبها ضعيفة وموضوعة فهذا أخص من كلام شيخ الإسلام، ودلالته أكثر دقة أو أكثر خصوصية

4) المقصود أن غالب الأحاديث المرفوعة في التفسير ليس لها أصل، فخص عبارة الإمام أحمد بالأحاديث المرفوعة، أما الآثار عن الصحابة والتابعين فالغالب فيها الصحة. وهذا ذكره الشيخ محمد حسين الذهبي في كتابه التفسير والمفسرون.

5) المقصود: تساهل المفسرين في نقل روايات التفسير ذكره الدكتور محمد بن عبد الله الخضيري في كتابه تفسير التابعين

لكن نرجع ونذكر بما اتفقنا عليه من أن عبارة الإمام أحمد ليس المراد بها أن الروايات التفسيرية لا تقوم بإبلاغ المعاني التي أرادها الله في كتابه، بل روايات التفسير الموجودة إلى اليوم هي كفيلة وكافية في أن تبلغنا وتفهمنا مراد الله من كتابه، المراد الذي بلغه النبي للصحابة ثم بلغه الصحابة والتابعون لمن بعدهم.

إذن نتفق بعد هذا التقرير على أن الروايات التفسيرية الموجودة كافية في بيان المراد الذي أراد الله من كتابه والذي فهمه النبي

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015