ـ[أبو مالك الشافعي]ــــــــ[28 - 10 - 02, 04:56 م]ـ
الأخوة الكرام:
قرأت بعض كتب الشريف النقاد حاتم العوني فألفيت فيها الجدة النقدية والتحرير العلمي والتدقيق المتميز، بل شممت منها ما قاله صاحب تلك المقالة النقدية الأدبية " رائحة السِّراج وظُلمة الليل وطول السَّهرِ، وكدتُ أبصر حبّاتِ العرق , وما بُذِل في سبيل هذا البحث الحُرّ من العناء والنّصَب! "
وانظر مثلا بحث المتواتر من كتابه العجاب " المنهج المقترح " لترى قوة التدقيق وحسن البيان والجواب.
إلا أن مسألة من مسائل ذلك المبحث قد أشكلت علي فأحببت المراجعة فيها حتى يزول الإشكال.
وهي قوله حفظه الله تعالى ص96
" ولا يخفى أن حديث "من كذب علي. . . " ولو رواه مائة من الصحابة، إلا أن الأسانيد إلى كل واحد من الصحابة داخلة في خبر الآحاد لأنها فقدت شرط (استحالة التواطؤ على الكذب) عند الأصوليين!!!
ولا يستطيع أحد أن يزعم أن حديث "من كذب علي. ." رواه جمع من الصحابة وعن كل واحد من هؤلاء الصحابة رواه جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب. . . وهكذا إلى آخر إسناده وفي جميع طبقاته، وأنه أفاد
العلم بذلك، لا يستطيع أحد أن يزعم ذلك بدليله أبدا!!
وهذه هي صورة المتواتر المفيدة للعلم لا غير. فكيف يكون حديث من كذب علي بعد ذلك مثالا للحديث المتواتر بزعمهم " انتهى
والإشكال هو أن اشتراط رواية جمع،وعن كل فرد من هذا الجمع: جمعٌ، هي أحد صور المتواتر لا أنها صورته الحقيقية.
ولم أر من نص على أن هذه هي الصورة الحقيقية للمتواتر من الأصوليين.
بل إن المعروف في شرط المتواتر أن يرويه جمع عن جمع لا أن يرويه جمع عن كل فرد من ذلك الجمع.
فهلا زدتم هذا المبحث تفصيلا وتدقيقا. إذ هو من أهم ما يعتنى به.
والله تعالى أعلم.
ـ[أخو من طاع الله]ــــــــ[28 - 10 - 02, 05:31 م]ـ
الظاهر كما ذكرت أخي الكريم
وأن قولهم "جمع عن جمع"
أن الالتفات فيه إلى الطبقة، لا الشيخ ..
أي في كلِّ طبقة جمع كثيرٌ، لا عن كلِّ شيخ ..
والصورة التي اشترطها الشيخ -حفظه الله ونفع بعلمه- لا وجود لها، بل لا يُتصوَّرُ وجودها.
فلعلَّ الشيخ يراجع المسألة، أو يزيدها بيانًا.
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[28 - 10 - 02, 10:01 م]ـ
لعلي لا أتطفل على مقام الشيخ، (وإن كان الشيخ أحق بهذا الاسم مني؛ لأنه ابن أبي حاتم بحق (ليس مثلي!!) فهو حاتم، وأبوه أبو حاتم، إذن هو ابن أبي حاتم).
ولكن حسبي أن أكون كقول القائل:
فتشبهوا إن لم تكونا مثلهم **** إن التشبه بالكرام فلاح
ولكن لعلي أن أذكر بعض التنبيهات التي عند استحضارها يتضح مراد الشيخ حفظه الله وسدد خطاه، ويعذرني الشيخ إن أخطأت في تفسير كلامه و توضيح مراده، فهو جهد المقل، والمقام مقام مدارسة:
اعلم وفقك الله أن هذا التقسيم حادث على هذه الأمة، وهو مما دخل من علم الكلام على علوم السنة، وهذا يفسر لنا التردد الذي حصل في قبوله، وشروطه، وإمكانية تصوره؛ مما جعل البعض يحاول تقريب الصورة لحد الإمكان مع الغفلة - إن صح النعبير - عن داعي هذا التقسيم أصلا، وسبب دخوله أصلا.
وفائدة هذا الكلام أنه لا يمكن اعتبار ما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله في النخبة - على سبيل المثال - طريقا للمحدثين؛ إذ إن هذا يمثل رأيا للحافظ، ويبقى من سوى الحافظ ما بين مخالف وموافق.
وعلى كل حال فتوضيحا لهذه القضية يقال:
إن كثيرا من المحدثين إنساقوا وراء هذا التقسيم في محاولة تبريره، وتقريب إمكانه، إلى أن حصل التوسع العظيم في اعتبار الأحاديث المتواترة، في مثل كتاب الكتاني أو السيوطي رحمهما الله اغترارا بكثرة الطرق، بينما تردد ابن الصلاح في الإتيان بمثال غير حديث (من كذب علي .. ).
ثانيا:
إذا تقرر هذا فاعلم أن المراد أن يكون حصول العلم ناتج عن الكثرة في النقل، بحيث تحيل العادة تواطؤهم على الكذب.
لكن كون العادة تحيل تواطؤهم على الكذب، هل هذا راجع إلى كثرة الطرق فقط، أم أمور أخرى؟
توضيح هذا أن يقال: إنهم جعلوا هذا الباب وهو باب التواتر من مباحث االمتن، لا من مباحث الإسناد
فإذا كان الكثرة المراد أنها تحيل التواطؤ بحيث يعلم بها حتى العامي الذي ليس له علم، وذلك لأن التواتر العلم به ضروري كما ذكر الحافظ ابن حجر، فإنك لا تسطيع أن تحضر مثالا على ذلك ألبتة.
لكن إن اعتبرت مثلا إختلاف البلدان، و ينظر لعدالة الرواة بحيث لا يكونون ممن يسرقون الحديث، بحيث يضعون أسانيد كثيرة توهم الناظر أنه من باب التواتر؛ كما حصل للسيوطي والكتاني في بعض الأحاديث، فحينئذ انتقل الباب من كونه ضروريا، وانتقل من كونه من مباحث علم المتن لا من مباحث علم الإسناد.
ومما يدل على هذا أن الشيخ الألباني رحمه الله لم يرتض الإعتماد على كثرة الطرق فحسب، بل اشترط أن يكون الرواة يسوا ممن يسرقون الحديث كما في النكت على النزهة لعلي حسن.
وهذا الإشتراط كما سبق ذكره يخرج الباب عن موضوعه.
ويتبع إن شاء الله.:
¥