ورغم اهتمام دراستي بأنظمة التخطيط التعاوني التي يتم استعمالها على وجه الخصوص، في المجال العسكري (وزارة الدفاع الأمريكية، الجيش الأمريكي، حلف الناتو ... )، والتي تعتبر ضخمة من حيث عدد مستخدميها، وتطورها وتكلفتها التقنيين ... ، إلا أن أغلب نتائج هذه الدراسة يمكن الاستفادة منها في المجالات المدنية، وبشكل خاص في مجال البحث العلمي في الجامعات الإسلامية ..

وسأكتفي هنا بعرض ما يجيب عن تساؤل شيخنا الفاضل عبد الرحمن الشهري، شاكرا له أن أتاح لي بسؤاله هذا أفضل مدخل للحديث عن تخصصي الأكاديمي باللغة العربية:).

1 - تقنية استعمال الغرف الصوتية (والمرئية) المباشرة ( real-time) على الإنترنت ما زالت غير متطورة بما فيه الكفاية، مقارنة بالغرف الكتابية المباشرة ( chatrooms).

2- المشكلة التقنية الرئيسية في استعمال مثل هذه البرامج تتمثل في صعوبة ربط عدد كبير من المستخدمين في نفس الوقت، بدون حدوث بطء، أو تقطّع في الحوار. وهذا الأمر حله غير يسير نظرا لتأثره بعوامل مختلفة:

- سيرفر الشركة المضيف

- مواصفات كمبيوتر كل مستخدم

- مزود الإنترنت لكل مستخدم

- قوة الموديم المستخدم

- إلخ ...

3 - أغلب أنظمة الغرف الصوتية المباشرة الشهيرة ( Skype; PalTalk; GoogleTalk…)، ما زالت تعتبر نسخا تجريبية، وجودتها تقل عندما يتم ربط أكثر من ثلاثة مستخدمين في نفس الوقت. أما الأنظمة الجيدة، فنسختها المحترفة باهظة الثمن، لا تقدر المؤسسات التطوعية على شرائها (الأسعار تتجاوز 10 آلاف دولار في أقلها جودة، وتصل إلى بعض مئات الآلاف من الدولارات عند الحديث عن أفضلها)

4 - الغرف الصوتية المباشرة الشهيرة ( Skype; PalTalk; GoogleTalk…) هدفها الرئيسي تسهيل التواصل بين عدد قليل من المستخدمين (فريق لا يتجاوز عدده 5 إلى 10 أشخاص). وهي مفيدة للدردشات القصيرة، التي لا يتم فيها تبادل معلومات (رسوم هندسية، أوراق عمل، تحرير أفكار ... ).

هذه الملاحظات متعلقة بالجانب التقني.

هناك جوانب أخرى متعلقة بالفائدة المجنية من غرف الدردشة في هذا المنتدى المتخصص:

1 - الكتابة في منتديات الحوار على الإنترنت، والمشاركة في حوارات الغرف الصوتية، لها فوائدها، لكن لها أيضا سلبياتها الكثيرة. وهناك الكثير من الدراسات العلمية التي بدأت تحذر من انسياق الكثيرين نحو الحياة في هذا العالم الافتراضي، عوضا عن الحياة في العالم الحقيقي. وقد ظهر مؤخرا تخصص جديد في الطب النفسي في أمريكا الشمالية، يسمى (علاج الإدمان على الإنترنت)، على غرار (علاج الإدمان على القمار، وعلى الخمر، والمخدرات إلخ).

2 - لا أقصد بهذا الكلام النهي عن التفكير في تطوير أطر الحوار والعمل المشترك والتواصل، وإنما أنصح بعدم الوقوع في الإسراف في توظيف الوسائل التقنية على حساب الأولويات والضروريات.

3 - لا شك في أهمية التواصل والحوار وتبادل الآراء، ولكن أرى قصر الجانب الصوتي منه على مجموعات صغيرة العدد، حول مواضيع محددة ومركزة.

4 - تسجيل المحاضرات ووضعها في الموقع (صوتا ونصا، ولو بشكل مختصر في شكل رؤوس أقلام)، في تقديري أفضل بكثير وأتم نفعا، من حيث الجودة التقنية ومن حيث عرض الأفكار وترتيبها، ومن حيث أرشفة المحتويات، ومن حيث المساعدة على توليد الأفكار. وهذا الأسلوب أصبح كثير الاعتماد في ما يسمى بالجامعات المفتوحة والتعليم عن بعد. وأغلب الجامعات الدولية قطعت أشواطا لا بأس بها نحو توفير المواد العلمية بهذا الشكل.

5 - ملتقى أهل التفسير، في تقديري، أكثر المنتديات الإسلامية جديّة وفائدة، ويتميز بحرفية عالية في تسييره (ولا أقول هذا مجاملة لأحد)، تضاهي المنتديات التخصصية الكبرى على الإنترنت، وتتجاوزها في مسألة لافتة للانتباه. فهذا المنتدى استطاع القائمون عليه أن يوفقوا بين اعتبارات ثلاثة:

- الالتزام بمستوى علمي وأكاديمي يوفر لأهل الاختصاص الأدوات اللازمة للبحث العلمي، عن طريق توفير الكتب، والتعريف بها، والحديث عن آخر الإصدارات، ونشر البحوث العلمية ومناقشتها، وعرض ما يهم الحياة الأكاديمية لأهل الاختصاص (يبدو ذلك لحد الآن مركزا على الساحة السعودية، وله مبرراته، والمرجو أن ينتقل إلى مرحلة جديدة يتم فيها توسيع دائرة الاهتمام لتشمل بقية الجامعات الإسلامية المتخصصة في العالم).

- الانفتاح على المشتركين من غير الاختصاص، في إطار تبسيط العلوم والترويج لها ( popularization).

- والقبول بمشاركات أكثر تنوعا وخروجا عن الإطار التخصصي.

والجمع بين هذه الاعتبارات الثلاثة قل أن يوجد في المنتديات التخصصية، وإن وجدت، فقل أن ينجح في تحقيق التوازن بينها. وفي تقديري أن ملتقى أهل التفسير نجح في ذلك لحد الآن.

6 - أعود لموضوع الغرف الصوتية المفتوحة، لأقول بأنني غير متحمس لهذه الفكرة، نظرا لأنها، في تقديري، ستنقص من درجة الحرفية والتخصص لهذا المنتدى، لحساب الانفتاح المرهق والمستنزف للجهد والوقت.

ولعلي أستكمل جملة من الملاحظات في وقت لاحق بإذن الله.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015