ومادام أن الطاعة باب إلى الرزق والبركة فإن العكس صحيح أيضاً، ذلك أن المعصية باب إلى نقص الرزق أو بركته أو كون الرزق بابا للعاصي إلى النكد والشقاء: قال - عز وجل -: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112] " ([2] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn2)).

3 ـ إن إيمان العبد الحقيقي وفهمه لحقيقة اسم الله الرزاق، هو الذي يبعده عن البحث عن أسباب الرزق الحرام ـ والتي هي من أعظم أسباب حرمان البركة، وانقطاع القطر من السماء ـ إن من عرف اسم الله الرزاق، وأن رزقه على ربه لا على خلقه، اطمأن قلبه، ولم يأكل حراماً وهو يعلم ..

إن من عرف اسم الرزاق حقاً: لم يأكل الربا، أو يتحايل عليه، بحثاً عن ربح محرم، فرزق الله لا يستجلب بمحاربته!

إن من عرف اسم الرزاق حقاً: لم تقبل يده أكل الرشوة بحجة ارتفاع تكاليف المعيشة، وكثرة الأولاد والعيال، فإن ربّاً رزقك وأنت لا حيلة لك في بطن أمك، وأنت رضيع لا تعي ولا تفهم، أفيضيعك وأنت ذو عقل مدبر؟!! لا يضيعك، ولن تضيع إلا إذا وكلك إلى نفسك، فههنا العطب، وأنت حينها الفقير الأفقر، ولو كان رصيدك الأكثر مالاً، فالفقر الحقيقي هو فقر القلب، والغنى التام هو غناه بالله ومولاه وإن كان فقيراً معدماً، ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أدرك هذا المعنى.

أيها المسلمون:

4 ـ لقد جبل المخلوق ـ حين يريد شيئاً من مخلوق مثله محتاج إليه ـ أن يفعل ما يحبه ذلك المخلوق صاحب الفضل والمنّة، ومن المقرر: أن المحتاج يرى من سوء الأدب أن يطلب من شخص محتاج إليه طلباً، وهو يصنع ما يكره صاحب النعمة ـ على الأقل وهو يواجهه ـ فإذا كان هذا حال مخلوق مع مخلوق، فما الظن ـ ولله المثل الأعلى ـ في حال مخلوق مع خالق رازقٍ مدبر لا يخفى عليه شيء من حال العبد؟!

إن ما عند الله ـ يا عباد الله ـ لا ينال إلا بطاعته ولم يجعل الله معصيته سبباً إلى خير قط، ولكن لله الحكمة البالغة في عطائه ومنعه، وبسطه وقبضه: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى: 27، 28].

أيها المسلمون:

هذه هي المرة الثانية التي نخرج فيها إلى الاستسقاء!

وإن أعظم ما استنزل به المطر توبة صادقة نصوح تذهب ظلمة الإساءة والعصيان:

{وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} [هود: 52]

{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}.

وحين نقول توبةً: فإن أول من يجب عليه أن يعي هذا المعنى هو المتحدث قبل السامع، فالتقصير مع الله ليس له حدّ، كيف وقد كان نبينا ج يستغفر الله في اليوم والليلة أكثر من مائة مرة ..

وحين تذكر التوبة، فإن أعظم ما يذكر به مظالم العباد: فليتق الله من أكل مال يتيم بغير حق، ولتتق الله زوجة ظلمت زوجها، أو زوج ظلم زوجته، أو موظف ظلم من تحته، وليتق الله فاجرٌ في خصومته، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل.

نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.

[/ URL]([1]) هذا كلام الخطابي.

[ URL="http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref2"] (http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref1)([2]) ولله الأسماء الحسنى: (502).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015