مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 صلى الله عليه وسلمpr 2003, 02:38 م]ـ

بسم الله

هذا الدرس في تعريف مصطلح علوم القرآن:

علوم القرآن مركب إضافي، يتضح معناه ببيان معنى جزأيه، وهما "علوم" و "قرآن".

ف"علوم" جمع علم، والعلم في اللغة: مصدر بمعنى الفهم والمعرفة، يُقال علمت الشيء أعلمه علماً:عرفته) كما في لسان العرب. والعلم ضد الجهل.

وأما في الإصطلاح؛ فقد اختلفت في تعريفه عبارات العلماء باختلاف الإعتبارات.

فعلماء الشريعة يعرفونه بتعريف، وأهل الكلام يعرفونه بتعريف آخر،وله عند الفلاسفة والحكماء تعريف ثالث.

وليس شيء من تعريفات هؤلاء بمراد هنا؛ وإنما المراد: العلم في اصطلاح أهل التدوين، فهم يطلقونه على مجموعة مسائل وأصول كلية تجمعها جهة واحدة، كعلم التفسير، وعلم الفقه، وعلم الطب ..... ، وهكذا، وجمعه:علوم. فعلوم العربية: العلوم المتعلقة باللغة العربية، كالنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والشعر والخطابة وغيرها. هذا ما يتعلق بلفظ "علوم".

وأما لفظ " القرآن" فقد اختلفوا فيه، فقيل: إنه اسم غير مشتق، وقيل: إنه مشتق، والقائلون باشتقاقه اختلفوا أيضاً، فمنهم من قال: إنه مهموز مشتق من "قرأ"، ومنهم من قال: إنه غير مهموز مشتق من "القَري"، أو من "قرن" على خلاف بينهم ليس هذا محل تفصيله.

ولعل أرجح الأقوال وأقواها في معنى القرآن في اللغة: أنه مصدر مشتق مهموز من قرأ يقرأ قراءة وقرآناً، فهو مصدر من قول القائل: قرأت، كالغفران من "غفر الله لك"، والكفران من "كفرتك"، والفرقان من "فرّق الله بين الحق والباطل".

وأما تعريف القرآن في الإصطلاح فهو: كلام الله تعالى، المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، المتعبد بتلاوته

وأما تعريف " علوم القرآن" كمركب إضافي، فله معنيان:

أحدهما: لغوي يُفهم من هذا التركيب الإضافي بين "علوم" و "القرآن" وهو أنها العلوم والمعارف المتصلة بالقرآن الكريم، سواء كانت خادمة للقرآن بمسائلها أو أحكامها أو مفرداتها، أو أن القرآن دل على مسائلها، أو أرشد إلى أحكامها.

فالمعنى اللغوي لعلوم القرآن يشمل كل علم خدم القرآن، أو أُخذ من القرآن، كعلم التفسير، وعلم التجويد، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم الفقه، وعلم التوحيد، وعلم الفرائض، وعلم اللغة وغير ذلك.

والثاني: اصطلاحي خاص بعلم مدون؛ ويُعرّف "علوم القرآن" عَلَماً على علم مدون بأنه: علم يضم أبحاثاً كليةً هامةً، تتصل بالقرآن العظيم من نواحٍ شتى، يمكن اعتبار كل منها علماً متميزاً.

وهذا التعريف _في نظري _ أجود تعريف لعلوم القرآن من بين التعاريف الأخرى التي ذكرها من عرف هذا العلم. والله الموفق والهادي إلى سواء سبيل.

من المراجع التي أفدت منها فيما ذكرته سابقاً:

1 - كتاب: المدخل لدراسة القرآن الكريم للشيخ المحقق محمد محمد أبو شهبة.

2 - كتاب:دراسات في علوم القرآن للدكتور فهد الرومي.

3 - كتاب:القراءات وأثرها في التفسير والأحكام للشيخ محمد بن عمر بازمول.

4 - مذكرة علوم القرآن لطلاب الدراسات العليا بقسم القرآن وعلومه في كلية أصول الدين في الرياض للشيخ مناع القطان.

وغير ذلك من مراجع علوم القرآن المعروفة.

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 صلى الله عليه وسلمpr 2003, 03:18 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا هو الدرس الثاني من دروس علوم القرآن، وسيكون في موضوع مهم من موضوعات هذا العلم، وقد وقع أكثر من كتب فيه من المؤلفين في علوم القرآن في أخطاء وزلات ينبغي التنبه لها والحذر من الوقوع فيها.

وسيكون الحديث في هذا الموضوع في مسائل:

المسألة الأولى:في معنى النزول:

النزول في اللغة: النزول في الأصل انحطاط من علو، ويطلق ويراد به الحلول، كقوله تعالى: (فإذا نزل بساحتهم) أي: حلّ. يقال: نزل فلان بالمدينة: أي حل بها.

وأمّا معنى النزول في الشرع فهو نفس معناه في اللغة، فالمراد الشرعي بكلمة "نزول" هو حقيقتها اللغوية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (ليس في القرآن ولا في السنة لفظ "نزول" إلا وفيه معنى النزول المعروف، وهذا هو اللائق به، فإنه نزل بلغة العرب، ولا تعرف العرب نزولاً إلا بهذا المعنى، ولو أريد غير هذا لكان خطاباً بغير لغتها، ثم هو استعمال اللفظ المعروف له معنى في معنى آخر بلا بيان، وهذا لا يجوز .... ) اه من مجموع الفتاوي [12/ 257].

إذا تقرر هذا تبين لنا خطأ من قال: إن المعنيين اللغويين للنزول لا يليقان بنزول القرآن على وجه الحقيقة لاقتضائهما الجسمية والمكانية والإنتقال، فلا بد من حمل نزول القرآن على معنى مجازي، وليكن هذا المعنى المجازي لإنزال القرآن هو الإعلام في جميع إطلاقاته، إلى آخر ما ذكروه في هذا المعنى. [ذكر معنى هذا الكلام كثير ممن ألف في علوم القرآن وتكلم عن نزوله، ومن أشهرهم الزرقاني في كتابه المعروف:مناهل العرفان 1/ 42 - 43، والشيخ محمد أبو شهبه في كتابه: المدخل لدراسة القرآن الكريم ص 44، 45.]

فهذا الكلام الذي ذكروه مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة، ولا حاجة لتفسير النزول بمعان مجازية غير معروفة في الكلام العربي الذي نزل به القرآن.

فنزول القرآن نزول حقيقي ليس بمجاز، ويدل على هذا بوضوح الآيات التي جاء فيها توكيد لفظ النزول بالمصدر، كما في قوله تعالى: (ونزّلناه تنزيلاً)، وقوله سبحانه: (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلاً).

قال النحاس رحمه الله في إعراب القرآن 1/ 507: (وأجمع النحويون على أنك إذا أكدت الفعل بالمصدر لم يكن مجازاً) اه.

يمكن الرجوع إلى المراجع التالية لمن أراد الإستزادة:

1 - كتاب القراءات وأثرها في التفسير والأحكام

2 - كتاب الحقيقة الشرعية في تفسير القرآن العظيم والسنة النبوية كلاهما للشيخ محمد بن عمر بازمول.

3 - كتاب مناهل العرفان للزرقاني دراسة وتقويم للشيخ خالد بن عثمان السبت.

وللحديث بقية ............................

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015