د. الشهري: وهذا يُؤكدّ ما في أول الآيتين (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ) على علم (وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) يعني نحن سمعنا وعرفنا لكن بالرغم من ذلك عصينا

د. الخضيري: هناك خصلة أسوأ من هاتين الخصلتين يحرفون الكلم عن مواضعه هذه واحدة, الثانية يقولون سمعنا وعصينا, الثالثة إساءتهم الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يقولون (اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) يعني اسمع يا محمد لا سمعت, يعني أصمّك الله, هذه مقالتهم قاتلهم الله! يعني في غاية الاحتقار والازدراء لرسول الله صلى الله عليه وسلم, يعني المفترض حتى لو جئت إلى عظيم قوم تتأدّب معه من باب السياسة واللّطف ومن باب المجاملة التي تتفق عليها الأمم لكن اليهود قوم بُهت ما عندهم دين ولا عندهم خلق, ولذلك ماذا يقولون؟ إسمع يا محمد, كيف تقول محمد؟! لا تعتبره نبيّاً لا تعتبر نبوته لا تعدّه نبيّاً, تأدّب معه على أنه سيدٌ في قومه يقولون (اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) فكيف وأنت تعلم أنّه رسول الله وخاتم الأنبياء كيف يليق بك أن تقول مثل هذا التعبير اسمع لا سمعت؟! , طبعاً ويمكن أن يُقال في معناها ما ذكره الدكتور مساعد اسمع لا سمعت, ويمكن اسمع غير مسمعٍ خيراً, يعني تصلح لهذا وتصلح لهذا

د. الطيار: قولهم: (وراعنِا) قد يسمعها القائل فيقول من الرعاية, وهم يريدون راعنا من الرعونة وهذا لون من التحريف, وأنا قلت لكم قبل قليل (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) يُشير إلى بعض التحريفات التي وقعت منهم, لاحظ لما نقول راعنا من الرعونة, (لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ)

د. الخضيري: ما هي الرعونة عندهم؟ ما المقصود بالرعونة؟! الجفاء والغلظ

د. الشهري: يقال رجل أرعن يعني أحمق

د. الطيار: قال: (لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ)

د. الخضيري: يلوون هذا بألسنتهم بحيث ما يُفهم منهم الأمر الذي يريدونه, فالصحابة كانوا يظنّون عندما يسمعون اليهود يقولون راعنا يظنون أنّهم يقولونها بالطريقة العربية المعروفة راعني يعني انتبه لي

د. الشهري: يعني ارعني نظرك وسمعك والتفت إليّ

د. الخضيري: فكان الصحابة يقولونها لرسول الله فأراد الله سبحانه وتعالى أن يُميّز, يا صحابة رسول الله لا تقولوا هذه الكلمة لأنّها تحتمل ولأن اليهود يحتجّون بها حتى يقولوها لرسول الله صلى الله عليه وسلم, أصحابك يقولونها نحن نقولها أيضاً مثلهم, فقال لا تقولوها يا أصحاب رسول الله حتى يُحرج اليهود (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)

د. الشهري: وهذا فيه دلالة على أنّ بعض المصطلحات التي يحتمل دلالتها دلالة حسنة ودلالة سيئة يُغنى عن استخدامها يُجتنب, حتى يُغلق هذا الباب تماماً

د. الطيار: ثم يقولون إنت متشدد

د. الشهري: هذا أدب قرآني

د. الطيار: المشكلة الذي يقول متشدد تجده هو يتشدد في أمور أخرى, ولهذا سبحان الله أنا أقولها لماذا؟! لأنّ بعض الأحيان لمّا ترى بعض من ضعُف إيمانه وانبهر بالغرب لما تأتي بمثل هذه المعاني البديعة التي تدل على نوع من الأدب, نوع من حسن اللفظ, لا يأبه لها, لكن يقول واحدهم لما يريد منك شيئًا يقول please لما يتكلم, يعني أعجبته هذه ونسي ما عندنا, لماذا أعجبتك تلك ونسيت ما عندنا؟!

د. الشهري: صدقت والله, يعني حتى هذه الآية فيها تربية على ذوق الكلام واستخدام العبارات التي لا تحتمل أيّ معاني سيئة, وحُسن تخيّر الكلام, يعني هذه الآية ونظائرها في القرآن الكريم تدل على أنّ الله سبحانه وتعالى كان يحرص في تربيته لجيل الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من الجيل الإسلامي حتى في اختيار الكلمات واستخدامها إستخدم هذه العبارة ولا تستخدم هذه العبارة, إستخدم هذا المصطلح ولا تستخدم هذا المصطلح, والمفترض فعلاً الآن عندما تُروّج لمصطلحات, لاحظوا الآن كيف تُوضع المصطلحات الآن في أفواهنا وضعاً, يصنعها أعداؤنا ويُلقونها لنا ونحن نستخدمها, فنقول مثلاً الشرق الأوسط وأصبحنا نستخدمها حتى في بُحوثنا مع أنّ هذا العبارة قيلت طُبخت في دوائر الاستعمار لأجل ماذا؟! حتى تدل على العالم العربي ومعه إسرائيل, إسرائيل ليست دولة عربية وإنّما دولة عبرية, فأنت إذا قلت الدول العربية تخرج

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015