المثال: ابن حجر العسقلاني له مُصنّفات كثيرة جِدّاً يقول تلميذُه السّخاوي في ترجمته: سمعتُ ابن حجر يقول لستُ راضياً عن شيء من تصانيفي، لأنّي عملتُها في ابتداء الأمر، ثمّ لم يتهيَّأ لي من تحريرها سوى شرح البُخاري ومُقدِّمته (فتح الباري)، والمشتبه، والتّهذيب، ولسان الميزان. فانظر هذا ابن حجر العسقلاني مع أنّ الكُتُب التّي ليس راضياً عنها في غاية الجودة لكن هذا من يريد أن يُنقِّح ويكتُب. ابن الجوزي يقولون في ترجمته: كان لا ينظر في تصانيفه يُخرجها ولا يُنقِّحها ولا يُراجعها ولذلك وقع خللُ كثير في تصانيفه، لكنّني قلتُ يوماً: أنّ كتابه (زاد المسير) ليس من هذا النّوع بل هو من أجود كُتُبُه فقد راجَعَهُ ونقّحَهُ فليست على إطلاقها الإكثار على حساب الجودة إلا عند بعض الذّين يتساهلون. والسُّيوطي – رحمه الله كتبه ليست على درجة واحدة في الجودة أيضاً.

المقدّم: لكنّ السُّيوطي من المكثرين حتى أنّه ألّف في آخر عمره لما ترك المدرسة ألّف تآليف ضخمة جِدّاً، السؤال هو: هل هُناك بركة معيّنة في الوقت؟

الضيف: لا شكّ أنّ من أهم أسباب كثرة التَّأليف الحِفاظ على الوقت. هذه في الدّرجة الأولى ولا تجد مُكثِراً من التأليف وهُو مُضيّع لوقته. ثانياً: توفيق الله سبحانه وتعالى للإنسان. الأمر الثالث: أنّ الله تعالى يُؤتي القَبُول من يشاء من عباده. ولذلك يذكرون عن ابن فارس رحمه الله أنّه قد أُوتِيَ حظّاً وقَبُولاً في التَّصنيف صاحب المعجم. وقيل للإمام مالك أنّ هناك مُوَطَّأت كثيرة موطّأك الذّي ستُضيفه. فقال كلمةً جميلة: ما كان لله يبقى. وأنا أقول هذا فعلاً، ما كان لله يبقى من المؤلّفات قديماً وحديثاً.

المقدّم: لضيق الوقت فضيلة الشّيخ، أريد أن أصل إلى المكثرين من التأليف حديثاً

الضيف: منهم الأستاذ أنور الجِندي- رحمه الله- له ثلاثمائة كتاب. أيضا الشيخ عبدالعزيز السّلمان صاحب (موارد الظمآن في دروس الزّمان)، الشيخ بكر أبو زيد – رحمه الله- له كُتُب كثير ة جِدّاً، عبّاس محمود العقَّاد من المكثرين وكذلك طه حسين، حمد الجاسر أيضاً- رحمه الله- الأستاذ / محمد خير يوسف رمضان من المكثرين، أيضاً ناصر العُبُودِي الرَّحالة أظُنّ له مائة وخمسة عشر كتاب كُلُّها في الرّحلات وأسلوبها جميل جِدّاً. الأستاذ / غانم قدُّوري الحمد من أساتذتنا في الدراسات القرآنية من المُكثرين المُجِيدين في التأليف.

المقدّم: عودة لأسئلة المتّصلين فضيلة الشيخ: التأليف هل له سِنّ مُعيّن؟

الضيف: الأجود أنّه يترّيث الإنسان حتى يكبُر وينضُج، ولا يُبادر إلى التّأليف إلا إذا كان شيئاً مُمَيَّزاً.كما قال المتنبي.:

ليس الحَدَاثةُ عن حِلمٍ بمانِعةٍ ... قد يُوجَدُ الحِلمُ في الشُبَّان والشِّيبِ ..

فيوجد هذا وهذا، بل هُناك مُصَنَّفات محمود شاكر له كتابه (المتّنبي) وعمره أربع وعشرون أو ستُ وعشرون سنة من أجود كتبه.

المقدّم: كان معنا في الأسبوع الماضي معالي الشيخ/ الدكتور يعقوب الباحسين يقول: كل كُتُبي لم أُخرج كتاباً منها إلاّ بعد أن رضيت عنها.

الضيف: وهذا والله أجود. وهنا نُقولات جميلة جِدّاً في كتاب (قيمة الزّمن عند العلماء) لكن هناك من بقي خمسين سنة أو ستين سنة يكتب. لكن هذه مبالغة أيضاً. فالتّوسط أفضل.

المقدّم: الشيخ بكر أبو زيد – رحمه الله يقول: أنّي ألّفتُ كُتُباً لكن ما أخرجتها إلا بعد أن نِلت الدّرجة العالمية يقصد الدُّكتوراة.

الضيف: بل أضرب لك مثال يا شيخ إبراهيم بعض الزُّملاء له رسالة ماجستير ودكتوراة، رسالته في الماجستير أفضل من رسالة الدُّكتوراة بمراحل.

المقدّم: عودة لأسئلة المتّصلين الكِرام: حول كيف يبدأ الإنسان في قراءة كتب التّفاسير؟ لا سيما كتاب التّفسير الميّسر

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015