إن كان العدد كافيا (مثل أن نقول: 50% من مجموع التفاسير تم دراسة مناهجها)، أليس من المفيد الآن الاتجاه نحو (دراسات المقارنة) بين هذه المناهج لاستيعاب محتوياتها في موضع واحد، يغنينا عن العودة إلى الوراء دائما للنظر في هذه التفاسير كل على حدة؟

أليس من المفيد أيضا توجيه الطلبة إلى القيام بدراسات إحصائية تحاول أن تختزل لنا المعارف السابقة حتى نستطيع أن نبني عليها معارف جديدة؟

3 - يفترض أن يوجد تنسيق تام بين الأساتذة في الاختصاص للتخطيط جماعيا ووضع أهداف عامة للبحث العلمي. فاختيار موضوع بحث يمكن للأستاذ المشرف أن يختاره بمعية الطالب، ولكن يجب أن يكون هذا الاختيار في إطار رؤية شاملة تحمي الطالب والمشرف عليه من بذل الجهد في عمل غير مثمر علميا، أو مغرق في الجزئيات.

وحتى هذا التعاون بين أهل الاختصاص غير كاف لوضع رؤية مستوعبة وشاملة للواقع، بل يجب أن يضاف إليها تنسيق وتعاون بين التخصصات المختلفة داخل إطار علوم الدين وحتى من خارج إطار علوم الدين إن تطلب الأمر.

لقد تيسر لي أن أعمل لبعض الوقت، في فترة دراستي الجامعية بكندا، في إطار وحدة بحث أكاديمية في كلية الإدارة. وقمت بإنجاز بحث الماجستير في إطار هذا العمل. وقد نبهتني هذه التجربة إلى أهمية التنسيق والتعاون بين وحدات البحث، حتى كأنك تشعر أن جميع الأساتذة والباحثين يعملون لهدف واحد برؤية مشتركة. وقد تيسر لي أن أحضر بعض الاجتماعات التنسيقية التي فهمت من خلالها سبب هذا الانسجام، وسأبينه بعض الشيء:

ففي الكلية مجموعة من وحدات البحث، وفي كل وحدة أستاذان أو ثلاثة يشرفون على الوحدة. ولكل أستاذ 3 إلى 6 طلبة يعملون تحت إشرافه.

يقوم الأساتذة باجتماعات دورية لوضع (أو متابعة تنفيذ) الخطة العامة لعمل الوحدات. وهذه الاجتماعات تسمح لكل وحدة بالاطلاع على توجه الوحدات الأخرى، وأيضا اكتشاف الحقل المشترك بين عملها وعمل الوحدات الأخرى.

وفي إطار كل وحدة، يتم مناقشة الخطة الخاصة بها وأهدافها، ومتابعة تنفيذ بحوث الطلبة وتقييم مجهودهم والتأكد من اسنجامه مع الأهداف العامة، إلخ ..

وبالتوازي، تقام اجتماعات عامة يحضرها كل أعضاء الوحدات (أساتذة وطلبة) لوضع الطلبة في الإطار العام المشترك بين الوحدات حتى يعرف الطالب دوره الشخصي في هذا الإطار العام المشترك. وهذا الأسلوب له فوائد عديدة: علمية وتدريبية في مستويات مختلفة.

ولا أريد أن أسترسل في بيان فوائد هذا الأسلوب (أسلوب فريق العمل، ومبدأ التعاون)، خشية أن يكون هذا معلوما لديكم بالقدر اللازم. ولو رأيتم غير ذلك، فلعلي أعود إليه بتفصيل.

4 - الأمر الأخير الذي أرى فيه كثرة الفوائد لو يتم أخذه بعين الاعتبار في بحوث الماجستير والدكتوراه: هو توجيه بعض الطلبة إلى الدراسات الإسلامية باستعمال قواعد البيانات وتقنيات الكمبيوتر. وهذه التقنيات هي السبيل الوحيد لنهوض سريع بالبحث الأكاديمي في علوم الدين. ولو تم استيعاب قيمة هذه التقنيات جيدا، لأدركنا ثورة كبيرة في علوم الدين (كما ذكرت في إحدة مداخلاتي السابقة في هذا المنتدى)، سواء في علوم الحديث أو علوم القرآن أو الفقه أو القراءات، أو غيرها.

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[26 Jan 2008, 06:57 ص]ـ

بعد أن كتبت ما كتبت، اكتشفت أن المقال وضعه د. مساعد الطيار منذ 5 سنوات:)

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 Jan 2008, 08:34 ص]ـ

أشكر الاخ توفيق على بعثه لهذا الموضوع من جديد، وأشكر المداخلين عمومًا، والأخ محمد بن جماعة على وجه الخصوص لما ألقى منه من إيجابية في مشاركاته، فهو يطرح الحلول لما يراه من مشكلات، ويشاركنا ـ نحن المتخصصين ـ همومنا، مع أنه يعمل في مجال آخر، فأسأل الله أن يبارك له، وأقول: مع أن الموضوع منذ خمس سنوات، فإنه لا يزال من مشكلات طلاب الدراسات العليا، كان الله في عونهم.

ولقد تحدثت عن شيء من هموم الدراسات العليا على حسب التجربة التي مررت بها، وعلى ما أسمع وأقرأ، ورأيت ما في الأمر من تباين شاسع بين أعضاء هيئة التدريس، وأتمنى أن تُتَلقَّف أفكارك ـ يا أخي محمد ـ ويستفاد منها في مجال الدراسات العليا وتطويرها.

ولست أرى أن في موضوعات (علوم القرآن والتفسير) شحًّا، لكن المشكلة متعددة الجوانب، فالأستاذ الجامعي عنده جزء من المشكلة، والطالب عنده جزء من المشكلة، والمنهج التفكيري الذي سارت عليه الأقسام والكليات ومجالس الدراسات العليا هي أيضًا تمثل مشكلة في كثير مما يتعلق باختيار الموضوع.

وأرى أن مثل هذا الموضوع يحتاج إلى عقد ندوات، ولعل أخي الدكتور عبد الرحمن الشهري يطرح على قسمه الأخذ بزمام المبادرة في علاج هذه المشكلة وغيرها من مشكلات الدراسات العليا، فجامعة الملك سعود متهيئة لمثل هذه البرامج فيما يبدو لي.

ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[26 Jan 2008, 11:05 ص]ـ

2 - أرى أن حقل علوم الدين ما زال في مرحلة مخضرمة بين (تجميع التراث) و (فرز التراث)، ولم نصل بعد إلى مرحلة (تنزيل علوم الدين في الواقع المعاصر). ونحن بحاجة إلى الإسراع في الانتهاء من المرحلتين الأوليين للاهتمام أكثر بما يليهما. وهذا الأمر يستدعي تصورا عاما لحاجات حقل البحث العلمي.

كلام جميل , جزاك الله خيراً د. محمد.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015