ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 صلى الله عليه وسلمpr 2006, 04:42 م]ـ

المقال الثاني: الدراسات العليا ... طالب الدراسات العليا (2)

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّ مَنْ مَنَّ الله عليه بالوصول إلى هذه المرحلة فإن المظنون به أنه مؤهَّل لخدمة هذا المستوى العلمي الذي وصل إليه، وتَمَّ انتقاؤه من بين المتقدمين، ففاز بالمنافسة. ومن التحق بهذه الدراسات فإنَّه يحسن به أن يتنبَّه إلى أمورٍ مهمة تتعلق بطالب الدراسات العليا، منها:

1 ـ إنَّ طلاب الدراسات العليا على أصناف، وهذه الأصناف تتأثرُ بما يحيط بها من أسباب التقدم لهذا القسم أو ذاك، ويتأثر معها جديتهم في الطلب:

ـ فمنهم من مرُّوا بالمقابلة فانتُخِبوا ـ لسبب ما ـ وهم لا يصلحون لهذه المرحلة، وهذا سيؤثّرُ على تحصيلهم، وعلى حماس أستاذهم الذي يريد أن يفيدهم، وهم لا استعداد لهم في ذلك السبيل، فهمُّهم الأول قد يكون الوظيفة لا غير.

ـ وهناك بعض الطلاب الذين يُقبَلون في تخصص ما، ولهم اعتناءٌ بتخصص آخر، وهم لا تنقصهم الجديَّةُ في الطلب، لكن ينقصهم الحماس لهذا التخصص الذي قُبِلوا فيه، فتراهم قد قَبِلوا الدخول فيه بسبب إشكالية تتعلق بالتوظيف فحسب، فتخصصهم لا يوجد فيه وظيفة، وإنما توجد في التخصص الآخر، ومن أجل أن لا تفرِّط الكلية بمثل هذه الطاقة العلمية تعرض عليه الدخول في تخصص آخر فيقبل، لكن النتيجة أنه يكون محسوبًا على هذا التخصص عضوًا، وحقيقة واقعه أن اهتماماته العلمية الأولى تجذبه وتصرفه عن التوغل والإبداع في هذا التخصص الذي ينتمي إليه أكاديميًّا. وهذا النوع ـ إن وُجِدَ العذر له ولمن قَبِلَه ـ يحسن به أن يتنبَّه إلى تخصصه، وأن يعتني به، ولا يُغفِله إغفالَ من لا ينتمي إليه، حتى يغلب عليه اهتمامه العلمي الأول؛ كالفقه والحديث واللغة وغيرها.

وليعلم أن مثله إذا برَّزَ في أكثر من علم فإنه هو المطلوب والمرغوب به، لكن أن ينتمي إلى تخصص، ولا يكون له أثر فيه، فإن ذلك مما لا يحسن بأمثاله الذين يُعرفون بتميُّزهم العلمي في نوع من العلم.

ـ وهناك نوع من الطلابِ محبٌّ للعلم، وحريصٌ عليه لكنه يرى أن قدراته البحثية لا تتناسب مع التخصص في الدراسات العليا لما يمرُّ به من أمور روتينية قد يرى فيها تعطيلاً له عن الإفادة والتحصيل، وقد يكون الأمر كذلك، وقد لا يكون، بل يكون توهُّمًا أو تهرُّبًا من واقعٍ خاصٍّ به، والذي يظهر لي أن من هذا حاله لا ينقصه سوى التنظيم، ونحن معشر المسلمين عمومًا ـ مع أن هذا من صلب ديننا ـ نفتقد هذا الباب الذي فُتِحَ على أفراد ومؤسسات وشركات، وصار يأتينا من الغرب، ومصداق ذلك ما تراه من الدورات التدريبية التي يُصرفُ عليها مَبَالِغ مُبَالغٌ فيها مثل ما في العادات السبع الأكثر فاعلية في القادة، وفي الأولويات، وغيرها من دورات البرمجة العصبية، وذلك حديث ليس هذا مجاله. فلو رتَّب طالب العلم وقته وحياته ونظَّمها لما حصل له مثل هذه الضغوط التي يراها قاطعة له عن العلم إن شاء الله.

ـ وهناك نوع من الطلاب ادعائي، يتلبس لبوس طلب العلم، وليس كذلك، وقد يكون دخل الدراسات العليا بسببٍ آخر غير العلم، إذ ليس ممن يجري عليه الاختيار جريًّا نظاميًّا، وهذا الصنف من أتعب أنواع الطلاب، وأبعدهم عن الاستفادة والتحصيل، وتراه لا يفرح بالمعلومة، ولا ترى للجدية عنده مكاناً، كثير الغياب، كثير المشكلات، يثير زوابع من المناقشات غير الهادفة، وقد تكون من باب (صدقك وهو كذوب). وممايؤسف عليه أن هذا الصنف على غير استعداد لكتابة رسالة علمية، لذا تراه يرميها على غيره، ويطلب منه أن يكتبها، فهو غير آبهٍ بما يفعل، ولا مقدِّر لما هو فيه من المرحلة الطلبية، غشاشٌ بعد هذا السنِّ، فأنى له أن يفيد أمته، ويرفع مستواها.

وعلى كلِّ حالٍ فإن المطلوب من هؤلاء على السواء، أن تكون لهم نيَّة حسنة، وإن تجديد النية أمر ممكن، وليعلم أن الإنسان قد يدخل بلا نيةٍ، فإذا بالله يمُنُّ عليه بالنية الصادقة، فليبادر من كانت نيته غير خالصة، وليذكر قول سفيان: (طلبنا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015