فالإسلام عنده هو مؤامرة -يجب تجاوزه كما سيأتي من كلامه-تمت "بليل" لتدريب شاب أمي على حفظ المعلومات الدينية لتحويله لنبي أسطوري!، يقول "وفي ليالي مكة الطويلة استمرت هذه الجلسات حتى ينفجر نور الصباح فهي جزء عضوي (!!) في الإعداد والتأهيل والتهيئة" (ص129)، لكنه من ناحية أخرى يعترف بـ"ندرة أخبار التجربة .. ولذا أصابنا الجهد والإعياء (!) ونحن نلهث وراءها (أخبار التجربة المجيدة) ... ومع ذلك فقد اضطررنا اضطرارا (!) للجوء لبعض الفروض التي تتناغم مع السياق (!) كيما تكتمل الصورة، وتسد الثغرات، وتملأ الفجوات" (فترة التكوين ص239)، ويتراجع عن لفظ "الندرة" إلى ألفاظ "النضوب" والخلو من وقائع تاريخية على أكاذيبه، فيقول "سنوات التجربة .. ناضبة من الأخبار، وشلة من النوازل، مليطة من الوقائع، معراة من الحوادث" (ص236) ولذلك وصفها بـ"العقبة الكؤود -بالنسبة للتجربة- ندرة الأخبار والوقائع" (ص235)، ومع ذلك يقول جازما متيقنا "إن هذا الكتاب من أهم أغراضه الكشف عما فات القدامى والمحدثين" (ص44) ويقول وهو على غير يقين مما سطره "ونحن لا نزعم أن غاية الكتاب هو الحقيقة المطلقة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، إنما هي جهد متواضع لفتح مغلاق (!) " (ص 19)، والسؤال الآن: إذا لم تدون كتب التاريخ أي وقائع لهذا التدريب الليلي المزعوم، فكيف يؤكد-العلماني- أنه حدث وكل ليلة -ومن الليل حتى الفجر- ولمدة 15 سنة؟ وهل تُلغى النبوة بهذه الظنون والتلفيقات والتناقضات؟ ومعلوم أن الروايات التاريخية تكذب سيناريو تعليم الثقافة المسيحية-المزعومة- من خديجة رضي الله عنها لمحمد كل ليلة حتى الفجر، ففضلا عن أنه لم يحاجج النبي أحد من المشركين في مكة -وهم أعرف الناس به وبأهله- بأن ما جاء به تعلمه في جلسات مطولة مستمرة وليلية من خديجة رضي الله عنها وورقة ابن عمها، كذلك فإن سؤال خديجة رضي الله عنها لورقة بن نوفل يوم مجيء الوحي للنبي عن (من هو جبريل أو ما هو؟) ينسف هذا السيناريو تماما، فكيف تقوم بتعليم الرسول هذه العلوم الدينية الكثيفة ليل نهار طيلة هذه السنوات ثم لا تعرف -وهي المعلمة-من هو جبريل؟ خصوصاً وهو القائل "فهي من باب اليقين قد استوعبت الأسفار ... من التوراة والإنجيل" (فترة التكوين ص 13) وكيف يعرفه ورقة ويجيب على سؤال ما هو جبريل، وهي المشاركة له كما يزعم خليل ولا تعرف هي ذلك، بل تسأله بعد خبرة 15 عاما من التعليم والأستذة؟، إن سؤالها في الحقيقة دليل براءتها من افتراءات العلمانيين والمستشرقين، وقد أورد خليل قول خديحة وسؤالها في أكثر من موضع من كتابه، ليس كدليل على براءتها، وإنما كدليل على أنها كانت حلقة وصل (الحلقة الكتابية الخارجية"ص128") في تعليم محمد فهل تغيب هذه المعلومة طول هذه الفترة عن الوسيط والمعلم الذي له-بزعم خليل عبد الكريم-صلة بقساوسة الجزيرة العربية، صلة تنظيمية، وهو الذي قال "المؤكد (!) أنها جالستهم ونشبت بينها وبينهم محاورات قوامها العلم الكتابي، مما يزيد ثقافتها الدينية علما .. وإلا لما (!) نجحت في إنجاز التجربة الفذة" (ص128)؟! ويزعم فيما يتهم وهو يستعمل المذهب المادي، فيقول عن ما زعمه من إعداد دقيق للتجربة المزعومة:"ولولا هذا الخلط البارع ... لما قدر (!) لها "التجربة" الفلج الذي ملأ الدنيا وشغل الناس منذ أربعة عشر قرنا، وما زال يشغلهم حتى الآن ما لم تتبدل (!!) أحوالهم الاجتماعية والإقتصادية والثقافية (!) وما لم يتحلحل حراس الإسطير المخيم، وحلاس التراث المبارك عن أماكنهم الميمونة"!!! (ص84). كما أن زواج خديجة قبل النبوة مرتين، ولها أولاد ممن توفاهم الله قبل زواجها بالنبي، ينسف المحور الآخر الذي بنى عليه خليل عبد الكريم أركان فضيحته: وهو أن خديجة رضي الله عنها كانت تراقبه منذ الصغر لتتزوجه "لأنه المرشح الأوحد للنكاح وتوابعه شديدة الخطر" (ص48) لتدخله وتغمسه في تجربة دينية ارتبطت في خيال خليل عبد الكريم بجلسات مطولة، إذا كان كذلك فلِما تزوجت لا مرة واحدة ولكن مرتين، فقد تزوجت مرة ثانية بعد موت زوجها الأول؟ .. فهذان برهانان ناسفان لطائشة خليل عبد الكريم ولله الحمد والمنة. ويكفي استدعاء كلام له في الرد على من زعم أن الرسول تعلم القرآن من "حدّاد" في مكة يسمى بلعام لنقيمه دليلا عليه، انظر
¥