أ. معلوم أننا لا نقبل من القراءات إلا ما كان متواتراً عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، وكان موافقاً لرسم المصاحف العثمانيّة. فظهور إعجاز لإحدى القراءات لا يمنع وجود إعجاز للقراءات الأخرى، فكيف اعتبر أنّ تعدد القراءات يقوّض الإعجاز العددي؟!

ب. هذا الكلام تردد على ألسنة أكثر المعارضين، وكأنهم يفرحون بتعدد القراءات، حتى لا يمكن اثبات الإعجاز. وما علموا أنّ تعدد القراءات يزيد في إعجاز القرآن الكريم، بل إنّ هناك مَنْ كتب في إعجاز القراءات القرآنيّة.

ج. عندما نقرأ " وامسحوا برؤوسكم وأرجلَكم " بفتح اللام، ندرك أنّ الأمر يتعلق بغسل الرجلين في الوضوء. وعندما نقرأ " وامسحوا برؤوسكم وأرجلِكم " ندرك أنّ المقصود هو المسح على الرجلين في الوضوء. ومعلوم أنّ هناك غسل، وهناك مسح على الخف والجورب. فإذا وجدنا أنّ تعدد القراءات يؤدي إلى تعدد المعاني من غير تناقض، فما الذي يمنع أن تتعدد وجوه الإعجاز العددي بتعدد القراءات؟!

د. تعدد القراءات لم يؤثر في الرسم القرآني، إلا في كلمات معدودة، بيّنتها كتب علوم القرآن الكريم. وقد لاحظنا أنّ ذلك لا يمس جوهر الموضوع.

هـ. لقد توصّلنا بعد دراسة مستفيضة لاسباب اختلاف العد في آي القرآن الكريم، إلى أن ذلك يرجع إلى تعليم الرسول، صلى الله عليه وسلم، وعليه تكون الأقوال في عدّ الآيات تختلف كاختلاف القراءات، ومن هنا لا يبعد أن يعطي اختلاف العدّ في الآيات وجوهاً جديدة في الإعجاز.

و. ليس بالضرورة أن تعطي القراءة المتواترة ما تعطيه الأخرى، وإلا فما الحكمة من تعدد القراءات؟! ثم ألا يكفي أن نجزم أنّه قرآن كريم، حتى نبني على وجه من الوجوه؟! وهل قام المعارضون بدراسة هذه القراءات ليثبتوا أنّ الإعجاز ينهار بتعدد القراءات، أم أنهم يطلقونها كلمات لا معنى لها. ولماذا لم يعطونا أمثلة تدلل على مزاعمهم.

ز. هناك سور أجمع العلماء على عدد آياتها تفصيلاً، وأخرى لم يختلفوا في عددها إجمالاً، وبقي الأمر يتعلق بسور محددة، وبالتالي يسهل دراسة ذلك لإدراك أنّه لا يؤثر في مسألة الإعجاز بشكل عام، وإذا افترضنا أنّه أثّر في مثال أو أكثر، فإنّه لا يؤثر في مجمل الإعجاز. ونعود إلى القول بأنّ الأمر يؤدي إلى إعجاز أشد، لتعدد الحيثيات التي ننظر منها، ليثبت في النهاية أنّ كل القراءات، وكل عدٍّ ثابتٍ للآيات هو توقيفي، عن الرسول، صلى الله عليه وسلّم، أي بأمره وحياً.

ح. لقد بدأت تتجلى لنا وجوه إعجازية كثيرة، لا علاقة لها باختلاف القراءات؛ كترتيب السور، وعدد الكلمات، وترتيب الكلمات في السور، وترتيب الكلمات في القرآن الكريم، وإليك هذا المثال:

لم تذكر كلمة (النحل) في القرآن الكريم إلا مرّة واحدة، وذلك في الآية (68) من سورة النحل، وعدد كلمات الآية هو (13) كلمة. فإذا ضربنا رقم الآية بعدد كلماتها يكون الناتج: (68×13) = 884 وتكون المفاجأة أنّ هذا هو ترتيب كلمة النحل في السورة. وحتى لا يظن غير المؤمن أنّ هذا صدفة، قمنا بحشد الملاحظات المختلفة لاثبات أنّ العدد 884 يتكرر بشكل يستبعد احتمال الصدفة في عقل غير المؤمن. أمّا المؤمن فهو يدرك أنْ لا صدفة في كلام العليم الخبير، وبالتالي يبحث عن السّر في مثل هذا التوافق العددي، وهذا يؤدي إلى سلسلة اكتشافات، هي جائزة المؤمن الذي يعتقد بأن القرآن الكريم لا تنقضي عجائبه.

يقول الكاتب صفحة 83 معترضاً على اختلاف مناهج العادّين: " وهذا الكاتب نفسه عدّ (الإنسان) ستة أحرف بدون همزة وعد (الأكرم) في نفس الصفحة 6 أحرف فعد الهمزة " يبدوا أنّه لم يدرك أن كلمة (الإنسان) تكتب في المصحف هكذا (الإنسن) وعليه فإنها فعلاً ستة أحرف.

يقول الكاتب في صفحة 85: " بسّام جرّار يعد حروف سورة نوح فتكون معه 953 حرفاً ويقول إنّ مدة لبث نوح هي 953 سنة بالضبط ... في حين يعدها المهندس عدنان الرفاعي 950 حرفاً".

ولنا هنا الملاحظات الآتية:

1. تكتب كلمة آخرة في المصحف هكذا: (ءاخرة) وهذه خمسة أحرف، فإذا أضيف إليها (ال) التعريف تصبح سبعة أحرف هكذا: (الءاخرة) وهذا أساس الخلاف في عدّ أحرف سورة نوح.

2. شيء طبيعي أن تختلف مناهج العادّين، وهذا حصل قديماً وحديثاً، والمهم هنا أن تكون هناك قاعدة مطّردة، لها سند صحيح من عقل أو نقل.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015