النظير على غيره عند دراسة الحديد في القرآن الكريم. وكان يجب على الكاتب فاتح، بعد أن قرأ التفصيلات، أن يسأل نفسه: لماذا النظير 57 بدل أن يسألنا لماذا اخترنا النظير57؟! فنحن لم نختره، بل دلّت كل الملاحظات الاستقرائية على خصوصيته. فلماذا سكت الكاتب عن إيراد الملاحظات البديعة وتساءَل بما يوهم القارئ أن الأمر متكلف. هنيئاً للمشرف بهذا الطالب، الذي كان مقتنعاً بالإعجاز العددي كما يلمح، ثم انقلب لأن المشرف من الرافضين لهذا الإعجاز، ولا أظن أنه يعلم ما يرفض، إذ إنّ هذا هو واقع معظم الرافضين، بل لم نجد لذلك استثناءاً واحداً. وإننا نتمنى أن نجد ناقداً جادّاً يُصوِّب المسيرة، ويهدي السبيل، فإنّنا نخشى أن نكون وحدنا، فنقول في القرآن بغير علم.

هـ. انظر إليه صفحة 62 وهو يستشهد بقول القاضي أبو بكر بن العربي في رفض حساب الجُمّل: " ومن الباطل علم الحروف المقطّعة في أوائل السور، وقد تحصل لي فيها عشرون قولاً وأزيد ولا أعرف أحداً يحكم عليها بعلم ولا يصل منها إلى فهم، والذي أقوله إنه لولا أن العرب كانوا يعرفون أن لها مدلولاً متداولاً عنهم ... " واضح أنّ ابن العربي يتكلم هنا عن الحروف النورانية، والتي تسمى الفواتح، وما قيل في معناها. وكاتبنا يستدل بهذا على رفض حساب الجُمّل، وكان الأجدر به أن يرجع إلى سياق كلام ابن العربي، بدل أن يأخذ عن السّيوطي. ونحن مع ابن العربي في مذهبه هذا، لأنّ ما قيل في تفسير فواتح السور لا يستند إلى دليل معتبر شرعاً. أمّا حساب الجُمَّل فإننا ننكر على كل من استخدمه في السحر والشعوذة والكهانة والتنجيم، كما وننكر على كل من قال في القرآن بغير دليل معتبر؛ فالقول بأنّ جُمَّل حروف الفواتح يشير إلى عمر أمّة الإسلام لا يستند إلى دليل، ولا نحتاج في رفضه إلى أقوال العلماء. في المقابل لم ينكر العلماء على من استخدم حساب الجُمَّل في التأريخ. أما مسلكنا نحن فهو مسلك جديد، لم يعرف من قبل، وليس فيه قول لأحد، ويقوم على استقراء الألفاظ القرآنية، ثم عرض النتيجة على القارئ ليرى فيها رأيه، فهي بحوث أقرب إلى الوصف منها إلى إلى القول في القرآن.

و. يقول صفحة 62:" ... فمثلاً حسب جُمّل (السنين والحساب) في سورة الإسراء فوجده 309 ففسرها ولتعلموا عدد 309 ... فلماذا حسب (السنين والحساب) ولماذا لم يبدأ بالعد من عند (عدد السنين والحساب) ".

نقول: بعد الانتهاء من التعقيب على وعد الآخرة في فواتح سورة الإسراء، تأتي الآية 12 في السورة: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب، وكل شيء فصلناه تفصيلاً"

واللافت هنا الأمور الآتية:

1. الكلام عن عدد السنين والحساب بعد الكلام عن وعد الآخرة وزوال الإفساد الإسرائيلي من الأرض المباركة.

2. لدينا ملاحظات رياضية كثيرة تشير إلى أنّ كل كلمة في سورة الإسراء قابلت سنة. واللافت أنّ كلمة (والحساب) في الآية هي الكلمة (19).

3. في حساب الجُمّل لا بد من كلمة مفتاحية تدلك على العبارة التي يجب أن تحسبها لتصل إلى معرفة التاريخ المدّخر في العبارة، فمثلاً عندما يقول الشاعر:

فقلتُ لمن يقولُ الشِّعرَ أقصر لقد أرّختُ: مات الشعرُ بعده

يكون الحساب بعد كلمة (أرخت) أي نحسب عبارة (مات الشعر بعده) وقد يستخدم الشاعر كلمات أخرى مثل: (عدده، حسابه، تاريخه ... ) وعليه فقد قمنا بحساب (السنين والحساب) التي جاءت بعد كلمة (عدد) فكان جُمّلها (309) فكأنه يقول (ولتعلموا عدد 309) ونحن لا يمكن أن نبني على هذه الملاحظة، ولكن يمكن لهذه الملاحظة أن تكون المفتاح الذي يفتح أمامنا بعض أسرار العدد القرآني، وهكذا كان؛ فقد لفت انتباهنا أنّ العدد 309 هو مدّة لبث أصحاب الكهف، وسورة الكهف تأتي بعد سورة الإسراء في ترتيب المصحف، مما يعني وجود التناسب بين السورتين. وعندما درسنا قصة أصحاب الكهف عددياّ، وجدنا علاقات عددية مدهشة لها ارتباط بالنتائج العددية في سورة الإسراء، فرأينا أن نعرض ذلك على القارئ، فكان كتاب: (ولتعلموا عدد السنين والحساب 309) فليرجع إليه من شاء في صفحة مركز نون الالكترونية. وبهذا يتضح أننا لا نبني على حساب الجُمَّل، وإنّما نبني على ملاحظات تتعلق باللفظة القرآنيّة.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015