وقفات .. مع شبهات المستشرقين في التفسير بالرأي (1)

ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[15 May 2003, 01:26 ص]ـ

(شبهات المستشرقين في التفسير بالرأي)

الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد ..

فإن القرآن العظيم هو كتاب الله الخالد أنزله هدى للعالمين، جنِّهم وإنسهم، عربهم وعجمهم، من أهل الكتاب ومن غيرهم كما قال جل وعلا: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً) [الفرقان: 1] ولقد تعهد الله بحفظه وأخبر عن عظمته حيث قال: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [الحجر: 9] وقال جل وعلا: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) [فصلت: 42].

وسيبقى هذا الكتاب العظيم معجزة كبرى تحمل الآيات البينات الهادية إلى الطريق الحق، إلا أن أعداء الإسلام من اليهود والنصارى وأتباعهم لا يزالون يسيرون على طريقة كفار قريش حيث قالوا: (إنما يعلمه بشر) [النحل: 103] (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) [النمل:13] (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) [الأحقاف:7] (فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) [المدثر:24].

وهم بذلك يحاولون النيل من مكانة هذا الكتاب الكريم .. قال المبشر جون تاكلي: (يجب أن نستخدم القرآن وهو أمضى سلاح ضد الإسلام نفسه بأن نعلم المسلمين أن الصحيح في القرآن غير جديد وأن الجديد فيه غير صحيح) () أ. هـ.

وفي سنة 1973م ألقى البابا شنودة خطاباً في الكنيسة المرقصية الكبرى بالإسكندرية جاء فيه: (فإن الهدف هو زعزعة الدين في نفوسهم ومن ثم يجب عمل كل الطرق واستغلال كل إمكانات الكنيسة للتشكيك في القرآن وإثبات بطلانه ... ) ().

ولا شك أن من طرقهم في ذلك بث الشبهات في تفسير كلام الله تعالى والتنقص من التفاسير الصحيحة ورجالها والثناء على التفاسير المنحرفة كما سيأتي.

وفي هذا البحث المختصر حاولت التعرف على بعض الشبهات التي أثارها المستشرقون في التفسير بالرأي وذلك بقراءة ما كتبه المستشرق جولد زيهر في كتابه مذاهب التفسير الإسلامي في فصل عن التفسير بالمأثور وآخر عن التفسير بالرأي حيث لم أجد من خصص هذا النوع من التفسير بذكر الشبهات التي أثيرت حوله إلا ما جاء في رسالة الدكتور عمر رضوان ـ حفظه الله ـ والتي اعتمد فيها على هذا الكتاب في استخراج شبههم في التفسير بالرأي، لذا فسوف أذكر ملخص الشبهة ومن ثم محل فهمها من كلام هذا المستشرق ثم الأدلة التي يستدل بها إن وجدت والجواب عليها.

وسوف أقتصر على شبهتين رأيت أنها من أبرز ما ذكره المستشرق جولد زيهر:

? الشبهة الأولى:

تحريم التفسير بالرأي ـ مع عدم التفريق بين المحمود والمذموم ـ ونقل ذلك عن السلف رحمهم الله وأنهم حذروا منه وأن المرجع الوحيد في التفسير عندهم هو المأثور والذي يسميه (العلم).

تنبيه: الذي يظهر لي أنه أراد من بيان تحذير السلف من التفسير بالرأي فقدان الثقة به، وأن السلف قد حاربوه، وعزز ذلك أنه وصف المعتزلة بالمدرسة العقلية وأنهم بعملهم هذا كانوا حرباً على التفسير بالمأثور كما سيأتي، فإذا فُقِدت الثقة بالتفسير بالرأي كله والذي يشمل المحمود أوقَفَنَا بعد ذلك على عدم الثقة بالتفسير بالمأثور لاضطرابه ـ على حد زعمه ـ وعدم وجود تفسير بالمأثور موحد للقرآن وبذلك يكون قد أتى على نوعي التفسير الثابت عن السلف.

توضيح الشبهة من كلامه:

• أما بالنسبة لتحذير السلف فإنه يقول: (إذا نظرنا إلى أدب التفسير الذي بلغ نموَّه ثروة عظيمة الخصب، عسر علينا بادئ ذي بدء أن نفهم أننا نقف تجاه نوع من الأدب لم تلق أوائلُه في الدوائر الدينية من صدر الإسلام عدمَ التشجيع فحسب، بل وضع الممثلون الأتقياءُ للمصالح الدينية () أمام هذه الأوائل علامات الإنذار والتحذير. حتى عهد متقدم من القرن الثاني للهجرة نجد شواهد على أن الاشتغال بالتفسير كان منظوراً إليه بعين الارتياب وأن الوعي الجاد كان يتراجع دون مزاولة ذلك في مهابة ونفور) ().

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015