ثم قال: واعلم أن هذا الحرف خاصة إذا لم يقدر الشخص على إخراجه من مخرجه بطبعه لا يقدر عليه بكلفة ولا بتعليم. فإذا أتي بعد الضاد ظاء معجمة وجب الاعتناء ببيان أحدهما من الآخر لتقارب التشابه في نحو (أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) (الشرح: من الآية3) (يَعَضُّ الظَّالِمُ) (الفرقان: من الآية27)
وإذا سكنت وأتى بعدها حرف إطباق وجب التحفظ بلفظ الضاد، لئلا يسبق اللسان إلى ما هو أخف عليه، وهو الإدغام، نحو قوله: فمن اضطر و) اضْطُرِرْتُمْ) (الأنعام: من الآية119) وإذا أتى بعدها حرف من حروف المعجم فلا بد من المحافظة على بيانها، وإلا بادر اللسان إلى ما هو أخف منها، نحو قوله:) أَعْرَضْتُمْ) (الاسراء: من الآية67) (أَفَضْتُمْ) (البقرة: من الآية198).
فأنت ترى معي أن كلام ابن الجزري – وهو إمام هذا الفن – واضح جلي في بطلان من ينطق الضاد ظاء أو شبيه بالظاء , لأنه لا تشابه , بل التحذير لم يكن بين الضاد والظاء فقط في قوله , بل جعله عاماً في كل حرفين متجانسين أو متقاربين فأتى بمثال للطاء في نحو:) اضْطُرَّ) (البقرة: من الآية173)) اضْطُرِرْتُمْ) (الأنعام: من الآية119) وكذا التاء في نحو) أَعْرَضْتُمْ) (الاسراء: من الآية67)) ا أَفَضْتُمْ) (البقرة: من الآية198).
قال الشيخ زكريا الأنصاري في شرح قول ابن الجزري:
وإن تلاقيا البيان لازم
قال: فقال: البيان لأحدهما من الآخر لازم للقارئ لئلا يختلط أحدهما بالآخر فتبطل صلاته , وذلك في نحو قوله تعالى: (أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) (الشرح: من الآية3) وقوله في سورة الفرقان: (يَعَضُّ الظَّالِمُ) (الفرقان: من الآية27) وهناك فرق بين العض والعظ.
وفي المنح الفكرية أيضا: قال ابن المصنف وتبعه الرومي: وليحترز من عدم بيانها , فإنه لو أبدل ضاداً بظاء وبالعكس بطلت صلاته لفساد المعنى.
قال المصري: فلو أبدل ضاداً بظاء في الفاتحة لم تصح قراءته بتلك الكلمة؛ ثم قال: " وخلاصة المرام ما ذكره ابن الهمام: من أن الفصل إن كان بلا مشقة كالظاء مع الضاد فقرأ الطالحات مكان الصالحات تفسد , وإن كان بمشقة الضاد مع الظاء , والسين مع الصاد والطاء مع التاء قيل: تفسد وأكثرهم: لا تفسد ".
ونقول: وهذا أيضاً يؤيد ما ذهبنا إليه من أنه لم يخص الضاد مع الظاء؛ بل الصاد والسين , والطاء والتاء.
ونفهم من ذلك: أن الحرفين تقاربا صفة ومخرجا لا بد من بيان أحدهما من الآخر , سواء الضاد والظاء أو غيرهما. والله أعلم.
ثالثاً: مناقشة القائلين بالظاء من جهة السند
وإذا كنا نتحدث عن الضاد الظائية المزعومة من جهة السند؛ فلا يفهم من ذلك أننا نطعن في أسانيد هؤلاء العلماء الإجلاء , أو غيرهم , ولكننا نناقش ونفند ما زعموه , قاصدين من وراء ذلك بيان الحق في هذه المسألة.
ونقول: زعم هؤلاء وخاصة أهل هذا العصر منهم: أن الضاد الظائية منسوبة إلى فضيلة الشيخ عامر عثمان في هذا العصر – رحمه الله – مع ملاحظة: أن هذه القضية منذ أمد بعيد , ولم تكن في هذا العصر فقط.
ونقول لهم: إذا صح كلامكم فلا بد وأن تكون هذه الضاد وصلتنا عن طريق الرواية , عن طريق فريد عصره الشيخ أحمد عبد العزيز الزيات – أطال الله في عمره -؛ لأن كلاً من العالمين الجليلين يتقابل سندهما عند علامة العصر العلامة " المتولي ".
مع ملاحظة: أن الشيخ الزيات أعلى سنداً من فضيلة الشيخ عامر , فكيف تصل إلى هؤلاء هذه الضاد المزعومة ولا تصلنا؟ مع أن المصدر واحد!!!
ثم إن كثيراً ممن تزعموا أمر هذه الضاد عادوا وتركوا الضاد الظائية إلى الضاد العادية , بل تزعموا الرد على من يدعي الضاد الظائية ومن هؤلاء العلماء: فضيلة الشيخ / ‘إبراهيم شحاته السمنودي , ذكر ذلك لنا فضيلة الشيخ / عبد الحكيم عبد اللطيف , وذلك عند قراءة الكتب الثلاث على فضيلته , ثم إن كل من قرأنا عليهم من العلماء لم يقرؤنا إلا بالضاد المشهورة التي تقرأ حالياً في مصر والحجاز خاصة الحرمين الشريفين وأكثر البلاد الإسلامية؛ ثم إن وزارة الأوقاف المصرية كونت لجنة من كبار علماء القراءات في قطرنا الحبيب من بينهم أصحاب الفضيلة:
فضيلة الشيخ / رزق خليل حبة شيخ المقارئ المصرية – بارك الله في عمره –
وفضيلة الشيخ / عبد الحكيم عبد اللطيف.
¥