والفرق بين الضاد والظاء مخرجا أن الضاد مخرجها من أصل حافة اللسان وما يليها من الأضراس من يمين اللسان أويساره ومنهم من يتمكن من إخراجها منهما والظاء مخرجها من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا واختلفوا في إبدال أحدهما بالأخرى هل يمتنع وتفسد به الصلاة أم لا فقيل تفسد قياسا ونقله في المحيط البرهاني عن عامة المشايخ ونقله في الخلاصة عن أبي حنيفة ومحمد وقيل لا استحسانا ونقله فيها عن عامة المشايخ كأبي مطيع البلخي ومحمد بن سلمة وقال جمع أنه إذا أمكن الفرق بينهما فتعمد ذلك وكان مما لم يقرأ به كما هنا وغير المعنى فسدت صلاته وإلا فلا لعسر التمييز بينهما خصوصا على العجم وقد أسلم كثير منهم في الصدر الأول ولم ينقل حثهم على الفرق وتعليمه من الصحابة ولو كان لازما لفعلوه ونقل وهذا هو الذي ينبغي أن يعول عليه
وهنا كلام مفيد أنقله من كتاب (إبدال اللهجات العربية للدكتور سالم السحيمي، ص 428 فما بعدها)
:ولا شك أن العرب كانت تفرق بين هذين الصوتين تفريقا واضحا في الرسم والنطق وقد ظهر الفرق بينهما جليا في النقوش اليمنية التي كتبت بالخط المسند وإنما سبب الخلط بينهما فساد اللغة ولعل ذلك كانت نتيجة لا ختلاط العرب بغيرهم من الأمم الأخرى، وقد وضح القاضي محمد بن نشوان في مختصره الذي ألفه في الفرق بين الضاد والظاء أن العرب كانت تميز بين هذين الصوتين تمييزا واضحا
ونقل قوله: اعلم أن بين الضاد والظاء فرق واضحا في اللفظ والمخرج والخط فأما اللفظ فصميم العرب لا يخلطون بعضهما ببعض ويميزون إحدهما عن الآخر فلا يقع عندهم بينهما اشتباه كما لايشتبه سائر الحروف حتى إن بعضهم يميل في نطق الضاد إلى شين لقرب مخرج الشين من مخرج الضاد وبعضهم يميل في نطق بالظاء إلى الثاء لقرب مخرجها منها،
.... ثم قال: والذي أوقعهم في ذلك فساد ألسنتهم بالنطق بهما في مخرج متفق، والجهل بالتفرقة بينهما في المنطق وقلة معرفتهم بلغة العرب،
وفي الكتاب (سالم السحيمي):
وقد لا حظ ابن الجزري اختلاف الناس في عصره في نطق الضاد
ونقل عنه من كتاب النشر:
وقل من يحسنه، ثم بين صور الاختلاف في النطق وقال: وكل ذلك لا يجوز
قال المؤلف:
والخلط بين الظاء والضاد قديم فقد ذكر السيوطي ما يشير إلى أن الخلط موجود في عصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا قال:
ويروى أن رجلا قال لعمر بن الخطاب ما تقول في رجل ظحى بضبي فعجب عمر ومن حضره من قوله فقال يا أمير المؤمنين إنه لغة بكسر اللام فكان عجبهم من كسره لام لغة أشد من عجبهم من قلب الضاد ظاء والظاء ضادا
تفسير القرطبي ج: 1 ص: 354
ومنهم من راعى تفريق الطاء من الضاد وإن لم يفرق بينهما لا تصح إمامته لأن معناهما يختلف ومنهم من رخص في ذلك كله إذا كان جاهلا بالقراءة وأم مثله
كشاف القناع ج: 1 ص: 482
حكم من أبدل منها أي الفاتحة حرفا بحرف لا يبدل كالألثغ الذي يجعل الراء غينا ونحوه حكم من لحن فيها لحنا يحيل المعنى فلا يصح أن يؤم من لا يبدله لما تقدم إلا ضاد المغضوب والضالين إذا أبدلها بظاء فتصح إمامته بمن لا يبدلها ظاء لأنه لا يصير أميا بهذا الإبدال وظاهره ولو علم الفرق بينهما لفظا ومعنى ك ما تصح إمامته ب مثله لأن كلا منهما أي الضاد والظاء من أطراف اللسان وبين الأسنان وكذلك مخرج الصوت واحد قاله الشيخ في شرح العمدة وإن قدر على إصلاح ذلك أي ما تقدم من إدغام حرف في آخر لا يدغم فيه أو إبدال حرف ضاد المغضوب والضالين بظاء أو على إصلاح اللحن المحيل للمعنى لم تصح صلاته ما لم يصلحه لأنه أخرجه عن كونه قرآنا وتكره وتصح إمامة كثير اللحن الذي لا يحيل المعنى كجر
مواهب الجليل ج: 2 ص: 103
وأما المسألة الثانية وهي قوله وبغير مميز بين ضاد وظاء خلاف والمعنى أنه اختلف في صلاة من اقتدى بمن لا يميز بين الضاد والظاء على قولين مشهورين وقد علمت مما تقدم أن الذي وقع في كلام أكثر الشيوخ أن الصلاة صحيحة بل تقدم في كلام ابن رشد أنه لا خلاف في ذلك ولم يقل بالبطلان في ذلك إلا ابن أبي زيد وعنهما نقل البطلان في التوضيح وإنما قال المصنف خلاف لتصحيح ابن يونس وعبد الحق لقول القابسي كما تقدم لكن القول بالصحة هنا أقوى لحكاية ابن رشد الاتفاق عليه تركها تنبيهان الأول لا إشكال في صحة صلاة من لم يميز بين الضاد والظاء على القول الراجح بصحة صلاة
¥