فالآية {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ [غافر: 12] هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ} [غافر: 13]

فالنهل من معينها سبيل استقصاء المفاهيم الربانية والغوص في بحر دررها لاستجلاب المفاهيم القريبة عهد بربها.

فكان التذلل بباب الله جل جلاله " الله العلي الكبير " سبيلا لتنهمر علينا المفاهيم الربانية لدلالات النص وفق وعده جل جلاله {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 19] والتي جاءت آية غافر بيانا لها.

فالعهد من الله لا ينخرم والله لا يخلف وعده، وتركنا العقول والأفهام المسبقة تسوقنا نحو هذا التوجه أو ذاك

وبين التقول على الله واستخلاص ريح طيب وفهم جديد للنص مع الخضوع لجلال الله والفهم عنه بعد المشرقين, فشتان بين من يعتدي على الحرمات الربانية للنص ولو بالتأويل البعيد وبين خاضع، خاشع، يلتمس التلمذة على يدي رسول من الله يتلو صحفا مطهرة، وهو يطلب مزيد فضل وإنعام من الله العلي الكبير الذي تعهد بكشف أسرار آياته للمنيبين، والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

منهج العلماء في التفسير

ومما تجدر الإشارة إليه أن المفسرين عامة ترشد مناهجهم منارات مشتركة تعدّ ثوابت لا محيد لهم عنها، وإن تنوعت اجتهاداتهم وتفرقت سبلهم واختلفت اتجاهاتهم.

أولا: التحليل اللفظي مع الاستشهاد بأقوال المفسرين وعلماء اللغة.

ثانيا: المعنى الإجمالي للآيات الكريمة بشكل مقتضب؛

ثالثا: سبب نزول الآية إن كان لها سبب؛

رابعا: وجه الارتباط بين الآيات السابقة واللاحقة؛

خامسا: البحث عن وجوه القراءات المتواترة؛

سادسا: البحث عن وجوه الإعراب بإيجاز؛

سابعا: لطائف التفسير (وتشمل الأسرار والنكات البلاغية والدقائق العلمية)؛

ثامنا: الأحكام الشرعية وأدلة الفقهاء، مع الترجيح بين الأدلة؛

تاسعا: ما ترشد إليه الآيات الكريمة بالاختصار

عاشرا: خاتمة البحث وتشمل حكمة التشريع لآيات الأحكام المذكورة.

وإذا عمدت لبيان ضوابط التفسير وما سطره العلماء في سبيل البيان لمعاني القرآن، فكيف تختلف التفاسير وينهج كل مفسر سبيلا غير سبيل غيره؟

فقد تعددت اتجاهات التفسير والمفسرون، واختلفت سبلهم، وتوزعت مذاهبهم. مما يجعلنا نتتبع أهم اتجاهات التفسير

اتجاهات المختلفة للمفسرين:

1 - مبدأ الأوائل في التفسير:

وهنا لا بد لنا من مراعاة الظرف الزماني حيث أن الأوائل طغت على عهدهم الفلسفات وعلم الكلام فكانت صبغة لاتجاهاتهم وهكذا نجدهم توزعوا حول الاتجاهات التالية:

- الاتجاه السلفي؛

- الاتجاه الاعتزالي؛

- الاتجاه الأثري؛

- الاتجاه الإشاري؛

- الاتجاه الشيعي في التفسير؛

- الاتجاه الفلسفي.

- الاتجاهات المعاصرة.

إنه لا يمكن إدراك فرق بين توجه وآخر إلا بالدراسة المقارنة والتي تعمد إلى فصل توجهات وتطلعات أفكار المفسر ومبادئه والتي ترمي في مجملها إلى أن تكون الصبغة الغالية على غيرها تؤثر في تفسيره وتوجهه نحوه بتسخير مفردات التفسير وموضوعاته وأصوله لخدمة المنهج برمته، ووحدة فكره.

وهذا ما يحاوله الأدب المعاصر في استخلاص شخصية المؤلف وتوجهه من خلال ما آثرته كتاباته وهو ما يسمونه بالدراسة الأسلوبية.

خصائص الاتجاهات التفسيرية:

1 - المنهج السلفي:

اعتمد التفسير السلفي للقرآن بداية الأحاديث المسندة في كتب الحديث، ثم تجاوزها في المرحلة الثانية إلى آثار السلف الصالح. وحاول ابن تيمية دعم دعوى نفي التعارض في آراء السلف التفسيرية نفى السلفيون بغية تدعيم مباني التفسير السلفي وجود التعارض في آراء السلف، ولهذا قال ابن تيمية:. ( http://www.iraqcenter.net/vb/38532-page2.html)

( ولهذا كان النزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليلا جدا، وهو وان كان في التابعين أكثر منه في الصحابة، فهو قليل بالنسبة إلى من بعدهم، وكلما كان العصر أشرق كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه أكثر. ( http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17960.shtml)

والحقيقة أن من يطالع معجم فقه السلف للكتاني ينقض دعوى ابن تيمية.

واعتمد نهج السلفي على مبدأ التفويض فلا تأويل للأسماء والصفات ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل ويبقى دوما الكمال لله، فكثيرا من كتاباتهم خرجت عن النهج.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015