8 - أن بعض معاني القرآن الكريم قد خفيت على الصحابة وفسروها تفسيرا فيه اختلاف كبير ولا ثمة دليل على ترجيح قول دون قول مما اضطر بعضهم للتوقف في تفسيرها، فكيف يُمنع بعد هذا أن يجتهد من جاء بعدهم في محاولة إيجاد تفسير جديد لم يهتد له الأوائل

الحق في واحد ممّا اختلفوا فيه إن كان متضادّاً.

أمّا كونك لا تهتدي إلى الصواب من أقوالهم لشدة الاختلاف فهذه جهة منفكة عن مسألتنا ولا تؤثر فيها.

9 - أن الصحابة لم يتناولوا جميع القرآن بالتفسير، وإنما كانوا يفسرون ما يحتاج إلى تفسير دون توسع، وعليه فالقول بمنع الخروج عن أقوالهم يلزم منه ترك كثير من آي القرآن بلا تفسير، وهذا خلاف مقصد القرآن

أثبت ثم ناقش.

وخذ جوابك هذه المرّة من مجاهد رحمه الله حيث قال: (قرأت القرآن من أوّله إلى آخره ثلاث مرات على ابن عباس رضي الله عنهما أقِفُه عند كل آيةٍ أسأله عنها) وإسنادها صحيح ثابت.

وأما تعليل أخي أبي بيان ((بأنه لا يجوز أن يغيب عن الصحابة شيء من دين الله فلا يعلموه , أو أن يعلموه فيكتموه عمَّن بعدهم , ومن خالف ذلك لزمه القول بباطلٍ كثير؛ من نحو:

- عدم تمام بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن كما أمر الله -وهذا قدح في النبوة- ,

- وعدم وضوح وبيان القرآن في نفسه وأن منه ما لا يُفهَم -وهذا قدح في القرآن- ,

- وكذا تجهيل الصحابة , أو تخوينهم -وهذا قدح في عدالة الصحابة- ,

.. وغير ذلك ممَّا لا يقول به مسلم)).

فجوابي عليه من وجوه:

أولاً: قوله: ((لا يجوز أن يغيب عن الصحابة شيء من دين الله فلا يعلموه))

أقول: ما دليلك على أنه لا يجوز أن يغيب عليهم شيء من دين الله فلا يعلموه، هذا يُقال في حق النبي صلى الله عليه وسلم، أما الصحابة فكيف نقول هذا في حقهم، وما علاقة هذا بالبلاغ، الصحابة مؤتمنون على نقل الوحيين وهم عدول في ذلك، أما فهمهم للوحيين فهم بشر كغيرهم، ولا يوجد دليل على أن فهمهم هو بمنزلة الوحي ولا يجوز خلافه

- هل اكتمل دينهم؟ قلنا: نعم بلا شك. فكيف سيكتمل دينهم مع نقص فهمهم لهذا الدين؟!

- هل قامت عليهم الحُجّة بالقرآن؟ قلنا: نعم بلا شك. فكيف تقوم عليهم الحُجّة بكلامٍ لا يفهمون معناه؟!

ولماذا قبلتَ إجماعهم أخي أبا حسان؟

إنها معضلة.

ثانياً: قوله: ((ومن خالف ذلك لزمه القول بباطلٍ كثير؛ من نحو: - عدم تمام بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن كما أمر الله -وهذا قدح في النبوة))

أقول: ما علاقة فهم الصحابة للقرآن بالبيان، وهل تفسير الصحابة كله مأخوذ من النبي صلى الله عليه وسلم حتى تقول ذلك، ولازم هذا القول أن كل ما يقوله الصحابة في التفسير يُعد وحياً معصوما، وهذا هو عين التقديس والغلو فيهم، وهنا أقول كما قلت سابقا أعطوني دليلاً واحدا من كتاب او سنة يدل على أن ما يقوله الصحابة فهو معصوم من الخطأ، وهيهات أن تأتوا بدليل.

أجبنا عن هذا مراراً , وهيهات أن نأتي بدليل أوضح من الدليل الذي أثبتّه بنفسك: الإجماع. كيف تقبل الإجماع ما لم يكن معصوماً؟

ثالثاً: قوله: ((ويلزم منه وعدم وضوح وبيان القرآن في نفسه وأن منه ما لا يُفهَم -وهذا قدح في القرآن-))

أليس هذا دليل صارخ بأن من القرآن مالا يعلمه الصحابة، وأقرب مثال على ذلك الحروف المقطعة هل تجزم بأن الصحابة كانوا يعلمون معناها

نعم أجزم أن الصحابة كانوا يعلمون معناها , لكنك لا تعلم تفسيرهم لها , وهل سيخاطبهم الله بطلاسم لا تُفهَم.

رابعاً: قولك ((ويلزم منه تجهيل الصحابة , أو تخوينهم -وهذا قدح في عدالة الصحابة- ,))

أقول: وهل جهل الصحابي يقدح في عدالته أو يدل على خيانته؟

جهل كل الصحابة أعظم قادح في عدالتهم , وقولهم بالباطل وسكوتهم عنه وإقرارهم له قادحٌ ولا شك , وإن عرفوا الحق وكتموه فقد خانوا , أجَلَّهم الله عن كل ذلك.

ولازم قولك أنهم يعلمون كل شيء، ولازمه أيضاً أن كل شي جهلوه أو فسروه بالخطأ فهو خيانة منهم، كلامك مغرق في التشدد والغلو، ولوازمه لو أقررتَ بها خشيتُ عليك من أمور تُخل في الاعتقاد

لا تخش عليّ جزاك الله خيراً , فلولا أني أحب الخير لك ما حاورتك.

والعجب أنكم جوزتم في حق النبي صلى الله عليه وسلم وقوع الذنب منه وتجرأتم في نسبة ذلك إليه

أنت الآن تناقشني , فأين قلتُ أنا ذلك؟

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015