الأربعاء 19 كانون الأول 1973م = 25 ذو القعدة 1393هـ

لم يبق علي من الأمور المهمة بعد الدراسة إلا أن أنجز الأمور المتعلقة بالإقامة ذلك لأن دخولي إلى مصر لم يكن إلا بصفة زيارة، وعندي إذْنٌ بالإقامة لمدة شهر واحد، وعلي أن أقوم بالحصول على إذن بالإقامة لمدة الدراسة، ولكن ذلك مرتبط بما أُحَوِّلُهُ من عملة صعبة إلى العملة المصرية، كل عشرين جنيهاً مصريا محولة يمكن أن أحصل بها على شهر إقامة، طلبت من الكلية وثائق أو كتب تأييد لأتقدم بواحد منها إلى مديرية الجوازات والسفر والعمرة، ولكنهم رفضوا ذلك حتى أسدد أجور الدراسة، ووجدت نفسي مضطراً، لأن التأخر في ذلك سيحرجني في وقت ما، وعلى هذا فقد حملت بعض ما أملك من الدنانير والباونات الإسترلينية وقمت بتحويل ما يعادل خمسين جنيهاً بل زيادة اثنين، كان ذلك مقابل خمسة وعشرين ديناراً عراقيا وثلاثين باوناً إسترلينياً، إضافة إلى هذه الأجور الخمسين جنيها هناك ما يقرب من سبعة جنيهات رسوم تدفع في الكلية، وهكذا فإن النقود تذهب من حيث لا أدري، وهي جهود أناس يكدحون وأنا أقدمها هدايا هنا من غير نتيجة ظاهرة. سوى الأمل بالله، ليس كل الطلاب الذين يدرسون في كليات القاهرة تفرض عليهم هذه الأجور أي ليس طلاب كل الدول من غير مصر، فهناك دول غير العراق لا يؤخذ من طلابها أجور دراسة، وإنما خُصَّ طلبة العراق وبعض الدول الأخرى بذلك لأمور قد تتعلق بالسياسة أو الاقتصاد، ولا يتضرر من ذلك إلا الطالب، وخصوصاً إذا كانت حاله كحالي: سفري وإقامتي وأجور دراستي وأكلي وشربي ونومي كلها بنقود أدفعها من غير عون من حكومة أو جهة سوى رحمة الله وما ييسره الأهل، وإني أفكر إذا استقرت الأمور أن أبعث بوثيقة تأييد أني أدرس في دار العلوم معنونة إلى جامعة الوصل، وأرفق بها طلباً فيه أن تقوم الجامعة بشمولي بمنحة أو تجعل لي مخصصات بعثة، باعتباري المتخرج الأول في الكلية في سنة تخرجي، وما أظنها تفعل، ولكني آمل ذلك، وأن أستفرغ كل الآمال التي أعلقها بالكلية أو الجامعة، أكثر المتفوقين في الكليات بل حتى الذين هم في الخلف قد عُيِّنُوا وحصلوا على الزمالات أو الإجازات.

بطاقات تهنئة بالعيد

الخميس 20 كانون الأول 1973م = 26 ذو القعدة 1393هـ

اقترب العيد، ولكنني عن الأحباب بعيد، وأخذتِ الأفكار تزدحم تتصور العيد هناك، وتبعث في النفس الشوق إلى تلك الأيام المشرقة، وما سيليها حين يعود الحجاج ويفرح الأهل والأصدقاء، وإني هنا أتابع الوالد والوالدة في رحلتهم وأقدر أنهم وصلوا الآن إلى هذه المنطقة أو تلك، وأنهم دخلوا مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم في يوم كذا سينتقلون إلى مكة المكرمة، وأدعو الله تعالى أن يحفظهم وأعود فأراهم بخير، وتذكرت أن الواجب يقتضي أن أرسل ببطاقات التهنئة إلى الأهل والأقارب والأصدقاء وفاء لهم وذكرى، وخصوصاً أن أحداً لا يعرف عنواني هنا، فقلت أرسل لهم أنا، وفي ذلك بعض التسلية والاستئناس بالذكرى، ولكن ظهرت مشكلة مادية، وهي أني أحتاج إلى خمسين أو أكثر من البطاقات لكي أغطي كل الأسماء التي ترد في ذهني من الأصدقاء والأقارب الذين أريد أن أبعث لهم، وعندما بدأت أبحث عن تلك البطاقات وجدت منها أنواعاً مختلفة، منها المرتفع الثمن ومنها ما هو بقرش، قلت المهم أن تكون ورقة تدل على أن شخصاً تذكر شخصاً ودعا له بالخير، ولكني وجدتها صغيرة بحيث قد تبعث في النفس شكوكاً حول استصغار من أرسلت إليه، على الأقل هو قد يظن ذلك، ووجدت أن البطاقة المقبولة هي بعض المناظر الطبيعية من القاهرة ومصر، آثار ومناظر طبيعية، ولكن الواحدة بخمسة قروش، العشرين بجنيه، حاولت ضغط الذين أرسل إليهم فكانوا ثلاثين، فأرسلت للأهل ثلاثة واحدة لكل من الإخوة صالح وسفر وسالم، وأرسلت لعدد من الأقارب .. والأصدقاء .. وهذه البطاقات تحتاج من الطوابع ما يقارب 60 قرشاً فكان ثمنها وأجرة إرسالها أكثر من جنيهين!

من آثار الحروب

الجمعة 21 كانون الأول 1973م =27 ذو القعدة 1393هـ

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015