ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[07 Feb 2010, 03:29 م]ـ

الأخ الكريم العليمي حفظه الله

1. أرجو أن تعيد النظر فتدقق فيما كتبتُه عن الزبور، لأن ردك غير مفهوم لي. قصدت أن أقول إن الزبور نزل على عدد من الرسل ومنهم داود عليه السلام.

أرى أننا قد ابتعدنا عن موضوعنا الرئيس وتوقفنا طويلا عند مسألة فرعية لا تقدم ولا تؤخر فى النتائج المستخلصة

ومع ذلك فلا بأس من مناقشتها لأنها تتعلق بركن هام من أركان الايمان هو الايمان بكتب الله تعالى المنزلة قبل القرآن والتى كان منها زبور داود عليه السلام، ولكنك أخى لا تجعل من الزبور اسما بل صفة، فترى أن زبور تعنى مكتوب، فهو فعول (من جهة الوزن) لكن بمعنى مفعول، وهذا يا أخى خطأ محض لا زال يلتبس على أفهام كثير من الناس، فان الزبور هو اسم علم للكتاب الذى اختص الله به داود عليه السلام، و هذا الاسم ليس مشتقا من زبر بمعنى كتب كما توهمت أخى الكريم وكما يظن اناس كثر، ولا معنى مطلقا لهذا الاشتقاق هنا بالذات لأنه يؤدى الى خطأ كبير آخر تمثل فى قولك العجيب: ان الزبور نزل على عدد من الرسل منهم داود!!!

لا يا أخى الحبيب، ليس الأمر كذلك قطعا، لم ينزل الزبور على جماعة من الرسل كما تقول، ونص القرآن لا يفيد ذلك على الاطلاق، وانما على العكس يفيد أن الله عز وجل قد اختص نبيه داود بهذا الزبور، ولو كان الأمر كما تقول فلا معنى لذكر داود وحده من دون الرسل المزعوم اشتراكهم معه فى قوله تعالى فى سورة الاسراء: " وآتينا داود زبورا " هكذا على وجه الاختصاص، ويدلك على هذا بوضوح أن الله عز وجل قد قال ذلك فى معرض التفضيل والاصطفاء، وهذا ملحظ هام لا يجب أن يفوت عليك، فالآية بتمامها تقول:

" ولقد فضلنا بعض الأنبياء على بعض وآتينا داود زبورا " (الاسراء - 55)

بما يعنى أن ايتاء داود زبورا كان فضلا استأثر به داود من دون الأنبياء، وهذا وحده كافى فى الدلالة على أن الزبور لا تعنى مطلق الكتاب كما تظن أخى، فما أكثر الأنبياء الذين آتاهم الله كتبا، فلا ميزة لداود عليهم فى هذا الأمر، وانما ميزته أن الله عز وجل قد خصه هو تحديدا من بينهم جميعا بكتاب له اسم علم مخصوص هو الزبور، مثلما اختص موسى بكتاب اسمه التوراة، وعيسى بكتاب اسمه الانجيل، ومحمد بالقرآن، صلوات الله وتسليماته عليهم أجمعين

أما بخصوص اشتقاق اسم الزبور فان الكلام فيه يطول كثيرا، والتحقيق العلمى الرصين للمسألة تجده فى كتاب العلامة رؤوف أبو سعدة (من اعجاز القرآن) الجزء الثانى من ص 152 الى ص 158 وأدعوك أنت وجميع الأخوة الأفاضل الى قراءة هذا الكتاب النفيس، فان هذا الكتاب قد وصفه النقاد بحق بأنه: من أهم الكتب فى اعجاز القرآن التى شهدها القرن العشرون، ان لم يأت فى صدارتها جميعا!!

كما أن مؤلفه - رحمة الله عليه - كان عالما متبحرا فى علوم الألسن الشرقية، بل والغربية، فكان عالما باللغات العربية والعبرية والسريانية واليونانية و غيرها من اللغات، اللهم ارحمه واجزه عنا خير الجزاء

2 - جاء في الإنجيل المنسوب إلى متى، في الإصحاح الخامس السطر الخامس:"طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض"، وجاء في العهد القديم في سفر أشعيا الإصحاح 60 السطر 21:" وشعبك كلهم أبرار إلى الأبد يرثون الأرض". هذا لأقول لك إن مثل هذا الكلام يقوله كل دين ينتسب إلى السماء

يا أخى هذه اقتباسات من سفر المزامير وليست سابقة عليه، ومعلوم أن السيد المسيح عليه السلام كان يكثر فى أقواله من الاقتباسات من العهد القديم وبخاصة من سفر المزامير، وكذلك سفر أشعياء نجده تاليا فى الزمان لسفر المزامير وليس سابقا عليه، وكل منهما (الانجيل وسفر أشعياء) لا يصح اطلاق وصف الزبور عليهما، هذا من جهة

أما من جهة أخرى فانك تجد أن الله عز وجل قد قال بأسلوب يتحرى التاريخ والترتيب الزمنى: " ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون "، فانظر رعاك الله الى دقة التعبير القرآنى " من بعد الذكر " فانه يفيد أن هذا المعنى (وراثة الصالحين للأرض) قد ورد أول ما ورد فى الزبور الذى جاء بدوره عقب التوراة (الذكر)

ونحن نجد بالفعل أن أول من أورد هذا المعنى القرآنى كان هو سفر المزامير لم يسبقه فى ذلك كتاب غيره

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015