أما كون الزبور كتاب تسابيح وصلوات مثل المزامير فهذا كذلك أمر ثابت بالقرآن نفسه، وليس فيه أدنى شك أيضا، ولتقرأ من القرآن ما يدلك على ذلك بأوضح عبارة وأقوى بيان، قال تعالى:

" وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين " (الأنبياء - 79)

والعجيب أن هذه الآية قد وردت فى سورة الأنبياء، وهى نفس السورة التى نجد فيها الاحالة الى الزبور بقوله تعالى:

" ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون "

وقد رأينا مصداق هذا القول فى سفر المزامير بأقوى بيان كما أوضحت فى المداخلة التى ذكرت لك رابطها منذ قليل، وهذا بحد ذاته يؤكد بقوة أن الزبور متضمن فى المزامير

وانظر كذلك الى قوله تعالى:

" ولقد آتينا داود منا فضلا، يا جبال أوبى معه والطير " (سبأ - 10)

هذه الآيات تدل على أن ما اشتهر به داود عليه السلام وبرع فيه للغاية هو التسبيح والأدعية والمناجاة، وأن هذا بالتالى كان مضمون كتابه الزبور، وهذا أيضا هو نفس مضمون المزامير كما قلت أنت، وبناءا عليه فلا تستبعد اذن أن تكون هويتهما واحدة

ثم دعنى أقول لك: دعك من مسألة هل المزامير هى الزبور أم لا، دعك من هذا تماما وانظر الى الأمر نفس نظرتك التاريخية، تعامل مع المزامير على أنها نصوص تراثية، وهذا فى حد ذاته يعد كافيا جدا للدلالة على أن لفظة بكة الواردة فيها تعد لفظة قديمة فى التراث العبرى سواء أكان هذا التراث دينيا أم غير دينى

ان الأمر يسير يا أخى، ولا يتطلب أن نجرى تحريا حول قداسة المزامير من عدمها، الأمر أهون من هذا بكثير

يكفينا فحسب اثبات أن اسم بكة كان معروفا لبنى اسرائيل قبل ظهور الاسلام بقرون كثيرة، وعلى أن الحج اليها كان معروفا لديهم، وهذا هو ما فعلته

ومع هذا ففى المداخلة القادمة ان شاء الله سوف آتيك بنصين لاثنين من علماء الدين المرموقين يؤكدان لك أن سفر المزامير هو نفسه الزبور الذى آتاه الله عز وجل داود عليه السلام

(يتبع)

ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[06 Feb 2010, 12:35 ص]ـ

قال فضيلة الشيخ الدكتور عبد الوهاب النجار يرحمه الله (وكان أستاذا للتاريخ الاسلامى بكلية أصول الدين بالأزهر الشريف) فى كتابه المشتهر (قصص الأنبياء) ما يلى:

((ان الله تعالى أعطى داود عليه السلام الزبور كما فى قوله تعالى " وآتينا داود زبورا " وهو عبارة عن قصائد وأناشيد تتضمن تسبيح الله وحمده والثناء عليه والتضرع له وبعض أخبار مستقبلة كما قال تعالى " ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون " أى أنه تضمن الأخبار بشأن النبى الآتى وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كما فى الزبور (المزمور) الخامس والأربعين، والزبور يسمى عند أهل الكتاب: المزامير، وعددها مائة وخمسون مزمورا، وليست كلها لداود. . .))

كان هذا ما قاله أحد العلماء الشرع المشهود لهم بالعلم الغزير والاطلاع الواسع، وقد ذكرناه على سبيل التمثيل لا الحصر، والا فما أكثر علماء الشرع الذين قالوا بمثل ما قال

وهذا هو الباحث الاسلامى وعضو هيئة الاعجاز العلمى الأستاذ هشام محمد طلبة يذكر فى كتابه (محمد رسول الله فى الترجوم والتلمود والتوراة) فقرة من مزامير داود تقول:

" الذين ينتظرون الرب هم يرثون الأرض. . .الصديقون يرثون الأرض ويسكنونها الى الأبد "

ثم يعلق عليها قائلا:

((تشير هذه الفقرة بشكل قاطع الى قوله تعالى فى القرآن عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون ")) انظر صفحة 92 من الكتاب المذكور

وهكذا يتأكد لك أن المزامير هى الزبور وبشهادة القرآن نفسه، وليس بعد كلام الله شهادة

ولا يقتصر الأمر على هذا فحسب، بل ان هذا الباحث الفاضل (الأستاذ هشام) قد ذكر فى نفس كتابه ذاك كلاما قريبا جدا من طرحى عن اسم بكة، بل انه يكاد يكون عين هذا الطرح، حيث قال فى 58 من كتابه سالف الذكر ما يلى:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015