ولا دلالة في أن (بعل بك) [وهي تكتب وتنطق ممزوجة] تعني مدينة بعل، وذلك لأن اللغات السامية لا تختلف عن العربية في الإضافة؛ فلو كانت بعلبك تعني بلد بعل، لكانت ترجمتها المباشرة: (بعل بلد)، ولا داعيَ لتغيير التركيب؛ لأنها كلها ساميات.

وهل ثم دليل على أن إلياس إرسل إلى أهل بعلبك، وهل بعل كان فيها أم في مدينة صور الفينيقية؟.

وليس في كلام العرب ما يدل على أن لفظ بكة تعني: البلد .. بحسب المعجمات العربية والتفاسير،

الأخ الكريم عصام

حياك الله وجزاك خيرا على مداخلتك ونقاشك المفصل

ولكن اسمح لى بابداء الملاحظات التالية:

ما ذكرته أنا مفاده أن (بك) بمعنى (بيت) وليس بمعنى (بلدة)

وقد استندت فى قولى هذا الى بعض أقوال الباحثين المعاصرين ولم أت به من فراغ

واليك كمثال ما جاء فى كتاب (النبى ابراهيم عليه السلام والتاريخ المجهول) حيث قال مؤلفه فى معرض تحليله لاسم (المقة) الى (ال - مكة) أى اله مكة أو رب البيت، قال ما يلى:

((فيما يبدو كانت كلمة (مك) أو (بك) تعنى البيت، أو ربما (البيت المقدس) فى اللسان السامى، ومثال لذلك معبد (بعلبك) فى لبنان، والكلمة (بعل - بك) تعنى بيت البعل. . . وعادة ما تواتر فى تاريخ العبادات القديمة اطلاق اسم بيت الرب على محيطه بالكامل، وهو ما حدث فى حالة بعلبك))

وهو يريد بذلك أن يقول أن مكة تعنى بيت الله، كما انه يرى أن التاء المربوطة فى نهاية كلمة (مكة) هى تاء التأنيث، وذلك للدلالة على أنها تشير الى بقعة من الأرض، وبذلك يكون معنى مكة: مكان البيت، وهو ما يتفق مع قوله تعالى: " واذ بوأنا لابراهيم مكان البيت "

وقد رأيت أن ما ذكره الكاتب ينسحب كذلك على لفظة (بكة) رغم أنه لم يصرح بذلك، حيث كان تركيزه ينصب على لفظة (مكة)

أما ما ذكرته أنت عن مسألة المضاف والمضاف اليه فى اللغات السامية فهذا صحيح بوجه عام ولكنه غير مطرد فى كل الأحوال، ومن الأمثلة على ذلك ما جاء فى (قاموس الكتاب المقدس: مادة بعل ص 183) من أن:

((بعل جاد: اسم عبرى معناه " معسكر البعل "، وكان بعل جاد منتهى فتوحات يشوع شمالا ... ))

فهنا نجد أن ترتيب المضاف اليه قد خرج عن القاعدة العامة المعروفة، فما الذى يمنع أن تكون بعلبك من هذا القبيل فيكون معناها: بيت البعل (بمعنى معبده)

وحتى اذا سلمت معك بأن القاعدة مطردة ولا تتخلف فلا تنسى أخى الكريم أن كلمة بعل فى اللغات السامية تأتى كثيرا بمعنى رب أو سيد، وعلى ذلك فمن المحتمل جدا أن يكون معنى بعلبك هو: رب البيت

أما عن الياس عليه السلام فانه رسالته كانت الى مملكة اسرائيل الشمالية، وكانوا فى هذا الوقت يعبدون البعل، وكلامى السابق لا يستفاد منه أن الياس أرسل الى أهل بعلبك، ولم تكن عبادة البعل قاصرة على بعلبك أو مدينة صور فحسب، بل كانت منتشرة فى بقاع عديدة فى العصور القديمة

وأخيرا فان ما ذكرته عن الأصل العربى لكلمة (بكة) أجد أن فيه نظر، لأن اللغويين وأصحاب المعاجم لم يتفقوا على معنى واحد يردون اليه هذه الكلمة، مما يعنى أنها مجرد اجتهادات وافتراضات من بنات أفكارهم كما ألمح الى ذلك بحق أخى البيراوى، فأنت تجد أن بعضهم قد أرجع معنى هذه اللفظة الى الزحام، بينما أرجعها بعضهم الى غير ذلك من المعانى، كما أنهم لم يأتوا بشواهد قوية تدعم ما ذهبوا اليه

وعن نفسى فانى لا أقطع بأن لفظة (بك) تعنى بيت، ولكنى فى نفس الوقت لا أرتاح الى التفسيرات التى قدمها المعجميون العرب للأسباب السابق ذكرها توا

والذى أرجحه أن تكون لهذه اللفظة أصل سامى قديم نظرا لوجودها فى الألسن الأخرى بخلاف العربية

وفى الختام أقول: أرجو منك ومن باقى الأخوة الكرام أن تعطوا اهتماما أكثر لما ذكرته عن ورود اسم بكة فى الزبور، لأن من الممكن أن يقودنا ذلك الى المعنى الحقيقى لاسم بكة من خلال تتبع تعليقات مفسرى وشراح العهد القديم على هذا الاسم، وهذا ما سوف أعرض له فى مداخلة قادمة ان شاء الله

ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[26 Jan 2010, 12:51 ص]ـ

شكر الله لكم

إن الأصل الذي ينبغي الخروج منه لمعرفة معاني الألفاظ في نصوص الوحي، والذي ينبغي أن يعض عليه بالنواجذ .. هو أن كل ألفاظ الوحي بلسان عربي مبين.

من هذا الأصل ينبغي الأخذ بأن الترادف لا يقع في لفظ ولفظ، إذ لا ترادف بين الألفاظ، ولكن لفظ وسياق، وسياق وسياق.

والله أعلم

ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[26 Jan 2010, 12:52 ص]ـ

الروض المعطار في أخبار الأقطار للحميري:

"بكة:. . . قيل سميت بذلك لأنها تبك أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها شيئا، وقيل بكة اسم لبطن مكة لأنهم كانوا يتباكون فيها أي يزدحمون، وقيل بكة موضع البيت ومكة ما حواليه، وقيل بكة ما ولي البيت ومكة ما حواليه، والذي عليه أهل اللغة أن بكة ومكة شيء واحد.

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: إنما سميت بكة لأنه يجتمع فيها الرجال والنساء جميعاً. وقالوا: بكة موضع البيت، ومكة القرية.

وقال ابن أبي أنيسة: بكة موضع البيت، ومكة هو الحرم كله.

وكان ابن جريح يقول: إنما سميت بكة لتباك الناس بأقدامهم قدام الكعبة.

ويقال: إنما سميت بكة لأنها تبك أعناق الجبابرة."

وهكذا ترى أخى الكريم أنه ما أكثر ما قيل فى تفسير هذا الاسم الكريم

ويحار المرء: أى تلك الأقوال هو الصحيح؟

فلا يوجد من بينها شىء مؤكد تركن اليه النفس ويستريح اليه الفهم

شكر الله لك مداخلتك

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015