نهايتها، وعلى هذا بقيت متردداً في دوامة من الأفكار، تركت الأمر إلى هنا، وقد كان أستاذي الدكتور أمين السيد قد دعاني إلى دارهم عصراً، هو الآن يرغب في أن أزورهم عصر كل يوم حيث أقوم معه بقراءة رسالة مقدمة من طالب لنيل شهادة الماجستير في النحو، والموضوع (التضام في النحو العربي) موضوع طريف وليس بجديد، إذ إن الدكتور أمين أحد أعضاء المناقشة، ويتخلل في ذلك الكثير من الحديث اللطيف من الأستاذ الكريم الذي لا يضن علي بمشورة أو نصيحة، حتى إني كنت أستمر معه حتى ما قبل الثانية عشرة من الليل بقليل، الحقيقة أن موقف الدكتور أمين موقف سأظل أذكره طيلة حياتي، موقف كريم، ليس لي عليهم من فضل سابق سوى أني كنت أحد طلابه في الموصل .. عندما وصلت إلى القاهرة أول ليلة وزرتهم في البيت في نفس الليلة، وكان أشرف ولد الأستاذ أمين موجوداً في الغرفة، فقال مُوَجِّهاً الكلام لأشرف: (يا أشرف ترى غانم زَيَّك بالنسبة لي).

زيارة مرقد الإمام الشافعي، وجامع عمرو بن العاص

الأربعاء 29 آب 1973م = 1 شعبان 1393هـ

استقرت فكرتي على الحجز في الطائرة العراقية للسفر إلى بغداد ولو أن التاريخ بعيد، ولكن ذلك سيجنبني المتاعب التي ربما تعرضت لها لو أني سلكت طريقاً آخر أسرع للوصول إلى بغداد، عندما راجعت مكتب الخطوط الجوية العراقية إذا هم يريدون أن تكون الجنيهات المصرية محولة بالسعر الرسمي أي حوالي دينار عراقي لكل جنيه مصري، وفي ذلك خسارة لي إذ إن التحويل بالسعر التشجيعي (السياحي) يساوي ما لا يقل عن جنيه ونصف مصري لكل دينار عراقي، واضطررت أن أحول ثلاثين باوناً إسترلينياً من الشيكات السياحية وبلغت (28) جنيهاً مصرياً، فدفعت (22) جنيهاً للخطوط الجوية، والباقي احتفظت به، وكانت هذه الثلاثين باوناً لو حُوِّلَت بالسعر (التشجيعي) لبلغت (45) جنيهاً أو أكثر، على كل حال خسارة لا بد منها.

كنت أفكر بزيارة مرقد الإمام الشافعي عليه رحمة الله، قلت لأزوره هذا اليوم، وذهبت إلى هناك حيث زرت الجامع، وصليت فيه الظهر، وزرت مرقد الإمام الشافعي رحمه الله، الإمام الشافعي ومرقده يقعان في منطقة أكثرها مقابر ومساجد قديمة وبيوت شعبية، وقد لاحظت بعض العامة يمسكون بأخشاب الضريح يقبلونها ويتبركون بها، بل ربما طلبوا قضاء حاجة!! قلت أزور مسجد عمرو بن العاص رضي الله عنه، وأسرعت بي سيارة التاكسي إلى مصر القديمة حيث يقع الجامع في منطقة أثرية وشعبية، وإذا به بناء قديم، واستحضرت ساعتها صور ومواقف أولئك الأبطال الذين حملوا الهداية إلى مصر وجاوزوها إلى أقصى الديار، هناك عمل ضخم لتجديد جامع عمرو بن العاص، وربما كان أضخم جوامع القاهرة أو يقف إلى جانب الجوامع الكبيرة المشهورة إذا تم البناء الجديد فيه.

في الليل حدث شيء لم يكن في الحسبان، هناك طالب عراقي يدرس الماجستير (محمد فضيل الكبيسي)، وهو ينزل في الفندق الذي أنزل فيه، قد حجز بالطائرة يوم 31/ 8 و 3/ 9 فوعد بأنه يمكن أن يتنازل لي عن حجزه على الطائرة يوم 31/ 8 إذا وافق المكتب.

الحجز على الطائرة

الخميس 30 آب 1973م = 2 شعبان 1393هـ

في الصباح ذهبت أنا والسيد محمد فضيل الكبيسي إلى مكتب الخطوط الجوية العراقية لمحاولة إدخال اسمي محل اسمه في قائمة المسافرين على الطائرة العراقية إلى بغداد يوم غد، وقد انزعج مدير المكتب لمثل هذا التصرف بحجز أكثر من مقعد في وقت واحد، وأخيراً وافق على طلبنا، وأتم لنا ذلك في لحظات، وقد كان اغتباطي كبيراً، إذ إن وجودي في القاهرة حوالي نصف شهر بدون عمل شيء يثقل على النفس، فقد فرَّج هذا كربتي، وزرت في الصباح بعد ذهابي إلى مكتب الخطوط أستاذي الدكتور أمين السيد، وشرحت له أمر سفري وأدار الحديث عن المستقبل، وكنت قد أودعت نقودي عنده فأخذتها وأبقيت عنده ثلاثين جنيهاً مصرياً أمانة، لأني لا يمكنني أخذها معي إلى العراق، فإذا عدت فهي من نصيبي وإلا فهو يصرفها لوجه الله، وودعني عند مغادرتي الدار بكل جميل، إن هذا الرجل الكريم يتصرف معي كأنه أخي الكبير يساعدني، اللهم فاحفظه واغفر له وبارك له في عمله، زرت بعد ذلك الإخوة الساكنين مع خليل إسماعيل الحديثي ولم أجد إلا واحداً، وبعدها ذهبت إلى مراقبة البعوث الإسلامية للوقوف على نتيجة ملف

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015