فبالإضافة إلى خطب المساجد يوم الجمعة هناك حفل يحضره وزير الأوقاف وشؤون الأزهر وشيخ الأزهر وعلماء الدين، ولكن هناك بعض مظاهر التطرف في بحث هاتين الفكرتين، فالإسراء ثبت بالنص القرآني والمعراج ثبت في الحديث النبوي، ونجد أن حديث المعراج ربما شابته شائبة من الأخبار، والله أعلم بصحتها، هذا الأمر جعل أحد الخطباء كما روى لي صديق صلى في أحد المساجد في القاهرة، وهو محمد أحمد محمود، ينكر قصة المعراج، وأن يقول لا أصل لها، وإنما هي من وضع واختلاق اليهود وأثر من آثار الإسرائيليات في التراث الإسلامي، ومهما يكن فهو موضوع شائك وقد أكثرت الصحف الإخبارية اليومية الحديث عنه، وفيه حديث وكلام قديم، ونقف عند النصوص الصحيحة مُسَلِّمِين مؤمنين، ثم ذهبت بعد صلاة الجمعة إلى شقة ناطق ابن أستاذنا صالح المطلوب، بناء على دعوة سابقة.

الأهرامات

السبت 25 آب 1973م = 27 رجب 1393هـ

اتجهت صباحاً إلى سفارتنا الموقرة في القاهرة، فقد كنت قد قدمت الملف إلى الملحق الثقافي منذ يوم الثلاثاء، ووعد بإرساله مع الملفات الأخرى إلى إدارة الوافدين مطلع الأسبوع وهو اليوم، قلت أَمُرُّ عليه لعل في ذلك دافعاً يدفعه إلى إرسالها، قال: الموظفة التي تعمل على الآلة الكاتبة مجازة، الحمد لله، وأراح نفسه من عناء الكلام، ونبذ كل ما قطعه على نفسه من أنه سيرسل الأوراق اليوم وراء ظهره، ولم أجد بدًّا من مغادرة المكان بعد أن أخذت منه – سيد محمود معاون الملحق الثقافي- وعداً بإرسالها يوم غد.

قبل أيام قلائل تطلعت إلى القاهرة من قلعة صلاح الدين، وبانت معظم معالمها واضحة، ومنها الأهرام من الجانب الغربي تبدو على نسق جميل، قلت أزورها فإن الكلام عن عظمتها كثير، ومن ميدان التحرير انطلقت السيارة وهي تغص بالناس، وصلتُ إلى أسفل منطقة الأهرام التي تليها مرتفعات تجثم عليها الأهرام، وسرت على الشارع الذي يؤدي إليها آخذاً بالارتفاع حتى تبدو أحياء القاهرة قريبة أسفل منك، والذي أثار انتباهي هو هذه الخيل والجمال الموشاة والحمير يقتادها أصحابها، وما فهمت أمرها إلا حين عرض علي أحدهم الركوب على جمله والتجوال في أنحاء الآثار في المنطقة، إنهم يؤجرونها للزائرين للنزهة عليها، بدا الهرم جبلاً عاليا منظم الأطراف ترفع نظرك إلى السماء حتى تنتهي إلى آخره، ولا يقل ضلعه من الأسفل عن ثمانين متراً على شكل صخور ضخمة بعضها آخذ برقاب بعض تتناقص حتى تكون في القمة رأساً يكاد يكون مدبباً، ورأيت الناس يتسلقون عدة صخرات من الهرم وهنالك كهف ينفذون بداخله، وأخذت البطاقة الخاصة بذلك ودخلت مع الداخلين، وقبل الدخول اعترضني شيخ مصري تبدو عليه علامة النشاط وهو يقول: (أَزَوْرَك أَفَرْجَك)، شكرتُهُ، ودخلت في دهليز لا يرتفع عن الرأس كثيراً حتى انتهى إلى سلم يرتفع داخل الهرم بدرجة لا تقل عن 45 والصاعد لا يمكن أن يرفع قامته بل يتحرك حَبْواًً أو شبيهاً بذلك، ولم أتابع رحلتي إلى آخر المطاف حيث يقال إن في الأعلى غرفة صغيرة هي مكان لقبر فرعون، تركت المكان ولم تثر الأهرام بفخامتها في نفسي من عجب إلا الرثاء لأولئك المساكين الذين هلكوا بنقل الصخور، زرت أيضاً حديقة الحيوان وفيها ما لا يمكن التحدث عنه هنا من الحيوان، ومظاهر البشر الحيوانية.

التفكير بالعودة إلى العراق

الثلاثاء 28 آب 1973م = 30 رجب 1393هـ

بدأت أفكر بالعودة إلى العراق بعد أنْ علمتُ أن الدراسة لا تبدأ إلا في بداية الشهر الحادي عشر، وأن وجودي في القاهرة لفترة أطول لا مبرر له، خاصة أن الدكتور أمين قد تكفل بعمل كل ما تحتاجه المعاملة، وأنه سيرسل لي القبول إلى العراق، ولكن حدثت لي اليوم مفاجآت، أول مفاجئة حين أردت الحجز على الطائرة، كانت بطاقة سفري إلى القاهرة للوصول دون العودة، وكان علي أن أحجز من جديد ولكن الأمر أدهشني عندما كان أقرب موعد للسفر إلى بغداد بالطائرة العراقية هو يوم 12/ 9 واستبعدت ذلك التأريخ، وبدأت أفكر في محاولة لتقريب الموعد، قلت أسافر على الخطوط الجوية المصرية فإذا الموعد أبعد من ذلك 17/ 9، قلت لو سافرت عن طريق البحر إلى لبنان ومن هناك إلى سوريا فالعراق، ولكن الموعد ليس أقرب من ذلك، بالإضافة إلى ما يصاحب هذه الرحلة من متاعب لا أعرف

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015