ويبدو أن تلك الإشارة لفتت نظر بعض الإخوة الذين قرؤوا الترجمة، وكان الأخ الدكتور عبد الرحمن الشهري، المشرف على ملتقى أهل التفسير، أكثر الإخوة رغبة في إظهار تلك اليوميات، وتوقع أن يكون فيها ما يمتع القارئ ويستهويه، وأبدى استعداده للمساعدة في تهيئتها للنشر، وقد يسر الله تنضيدها بالحاسبة، وآمل أن يتحقق فيها ذلك الظن الحسن، إن شاء الله.

ويتجاوز عدد المفكرات التي تضم تلك اليوميات خمس عشرة مفكرة، مع بعض الكراسات الأخرى، وهي بين كبيرة الحجم ومتوسطته، وتتفاوت في ما هو مكتوب فيها، فبعضها أكثر كتابة من بعض، وقد لا يكون إخراج نسخة متسلسلة تاريخياً منها هو الصيغة المثلى لنشرها، وقد يكون تصنيفها في موضوعات متجانسة أكثر ملاءمة لذلك، ووجدت أنه يمكن إخراجها في عدة أجزاء حسب هذه الصيغة، أهمها:

(1) الرحلة في البحث عن الطريق: (يوميات سنة 1972 حتى نهاية النصف الأول من سنة 1973م)، وهي يوميات تحكي الأيام التي قضيتها بعد تخرجي من الكلية أبحث عن عمل مناسب للعيش، وتقلبت فيها بين الجندية، والبحث عن الوظيفة، والعمل في شركة، وانتهت بالسفر إلى مصر للدراسة.

(2) الرحلة إلى مصر لدراسة الماجستير (يوميات النصف الثاني من سنة 1973م حتى آخر سنة 1976م)، وهي تحكي قصة سفري إلى القاهرة لدراسة الماجستير في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وقد أقمت في القاهرة إقامة متواصلة طيلة ثلاث سنوات، تخللتها زيارة الأهل في العراق في صيف سنة 1974م، وقد تكللت تلك الرحلة بالحصول على شهادة الماجستير، والعودة إلى العراق، والحصول على وظيفة في كلية الشريعة بجامعة بغداد، والحمد لله.

(3) يوميات على هامش الحرب، وهي اليوميات التي كتبتها في أثناء أيام الحرب التي وقعت سنة 1973 بين العرب وإسرائيل، والحرب التي جرت بين العراق وأمريكا في سنة 1991م، وفي سنة 2003، وانتهت باحتلال العراق، يَسَّرَ الله تحريره من المحتلين.

(4) مذكرات أسير، وهي تحكي قصة ما حصل لي في أثناء اختطافي مع مجموعة من الأصدقاء سنة 1983م، واعتقالي سنة 2003م.

(5) يوميات متفرقة، لم تدخل في المجموعات السابقة، وهي من سنوات شتى، وموضوعاتها مختلفة.

(6) مجموعة رسائل شخصية، فقد كنت أكتب مسودة الرسائل التي أرسلها في المفكرات التي أكتب فيها اليوميات، قبل أن أكتبها في الورقة المبيضة التي أرسلها بالبريد لإخواني أو أقاربي أو أساتذتي أو أصدقائي، وذلك قبل أن يظهر البريد الإلكتروني في السنوات الأخيرة، وقد لا يكون مناسباً نشر هذه الرسائل، لأن أكثر موضوعاتها شخصية، ليست ذات قيمة أو أهمية للقارئ.

وبين يديك أخي القارئ المجموعة الثانية من اليوميات، وهي تحكي قصة رحلتي للدراسة إلى مصر، وتحكي قصة تأليف كتاب (رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية) وهو رسالة الماجستير التي تقدمت بها إلى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وقد أبقيت تلك اليوميات على نحو ما كُتِبَتْ في المفكرات، سوى أني أضفت إليها عناوين فرعية لكل يومية، وقد يكون فيها ما يحتاج إلى مراجعة في الصياغة أو وضوح في الفكرة، لكني أبقيتها على حالها لتكون معبرة بصدق عن حالي في تلك الأيام، كما عشتها، وكما كتبتها يوماً بيوم، فقد اعتدت أن أكتب تلك المذكرات يومياً في الليل قبل النوم، ولعل بعضها كُتِبَ في اليوم التالي، لكن معظمها كتب في اليوم نفسه، فهي يوميات وليست مذكرات، وإن كانت تحمل في طياتها أعز الذكريات (1).

وحتى لا أخفي على القارئ شيئاً من أمر هذه اليوميات فإني لا أجد حرجاً من القول بأني قد حجبت بعض يوميات الرحلة، وهي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، أو تزيد قليلاً، دفعاً للحرج عني أو عن غيري، وإن كانت تحكي أحداثاً وقعت، أو تعبر عن مشاعر حقيقة حصلت، لكني إذا كنت قد وجدت مسوغاً لتسجيلها حين وقعت فإني لا أجد مسوغاً لنشرها اليوم، وهي مسجلة في صحائف أعمال من تعنيهم، والله يغفر لنا ولهم.

وكتبتُ تعليقات موجزة على بعض المواضع في هذه اليوميات، إذا وجدت ذلك يساعد القارئ على الوقوف على المراد فيها. ولا يخفى على القارئ أنه قد مضى على كتابة هذه اليوميات أكثر من خمس وثلاثين سنة، تبدلت فيها الأحوال، وتغيرت فيها العوائد، وتبدلت فيها المواقف، فليس من الضروري أن يكون ما جاء في هذه اليوميات يعبر عن قناعتي اليوم كما عبر عنها في ذلك الوقت، وأعتذر إلى من قد يجد فيها ما لا يرتاح إليه، وأستغفر الله إن كنت قد جانبت الصواب في بعض ما كتبت، (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا).

وأود في هذا المقام أن أتوجه بالشكر الجزيل والدعاء بالخير للأخ الأستاذ عمار الخطيب الذي أشار إلى هذه اليوميات، ثم قرأها بعد طباعتها، وللأخ الدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري الذي شَجَّعَ على إخراجها ونشرها، وتفضل بكتابة تقديم لها، فاجعل اللهم لهما نصيباً من خيرها وأجرها، واجعل تبعة ما فيها من تقصير على كاتبها، واغفر اللهم لي ولوالدي – رحمهما الله - ولأخي المهندس سفر – رحمه الله - الذي كانت له الأيادي البيضاء عليَّ في توفير أسباب الرحلة المادية والمعنوية، إنك أنت الغفور الرحيم.

غانم قدوري الحمد

تكريت - الجمعة

5/ 10/1430هـ

25/ 9/2009م

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015