ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[07 Jan 2010, 12:07 ص]ـ
بناء على ذلك: جميع النصوص في قبول توبة من تاب - وبعضها ثابت عن ابن عباس - تُناقض قوله هنا.
ر.
والتحقيق غير ذلك وهو:
أن ابن عباس رضي الله عنه - كغيره الصحابة - يرى صحة توبة متعمد القتل ,
فما معنى إذاً قوله (لاتوبة له)؟
الجواب: أن التوبة سقوط المطالبة بأثر الذنب , والمقتول عمداً لا يسقط حقه بتوبة قاتله.
هذا وجه , ووجهٌ آخرٌ مقبول هو أن القاتل عمداً أتى بجريرة - أعظم الذنوب بعد الشرك - لا تعدلها في عظمتها ما يبلغه عمل التائب فيما عمل من الحسنات في الغالب , فيبقى من أثر الذنب ما يبقى.
وهذا من دقة فقهه رضي الله عنه.
فقوله رضي الله عنه هنا موافق لقوله في غيرها من الآيات , ولا أثر - على الحقيقة - لقوله في توبة متعمد القتل في هذه الآية ولا في غيرها من الآيات. والله أعلم.
أخي الكريم من المعلوم أن آيات قبول توبة من تاب من الذنب متعارضة مع الوعيد الذي توعد الله به قاتل العمد دون تقييد له بتوبة من عدمها، وكذا من أشرك بالله تعالى.
وقد رجح أهل العلم آيات التوبة بمرجحات معروفة.
وهذه المسألة معروفة ولا تحتاج إلى أخذ ورد، ومن أراد التوسع فيها فعليه بكتب التفسير
والذي أعرفه أن جمعا من الصحابة رضي الله تعالى عنهم يرون أن قاتل العمد لا توبة له وبعض أقوالهم في البخاري وغيره.
قولك: إن التوبة هي سقوط المطالبة بأثر الذنب غير دقيق حفظك الله.
فإن التوبة على حسب المتاب منه.
فإن كان الذنب متعلقا بالله تعالى سقطت المطالبة به بالتوبة بشروطها، وإن كان فيه حق لغير الله تعالى روعي ذلك بحسبه.
وأرجو مراجعة أقوال أهل العلم في المسألة بدقة.
فالحاصل أن قوله في توبة القاتل عمدا معارض لنص الإجماع كما لا يخفى.
والله تعالى أعلم.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 Jan 2010, 12:49 ص]ـ
.
أثمن للأحبة الكرام ما سطروه وهو لا شك مما يعتبر في فهم الآية ولكن بعد تصفح واستذكار ما قاله السادة العلماء في الآية الكريمة ـ من أول كشاف الزمخشري مرورا بجامع القرطبي وأنوار البيضاوي وروح الآلوسي ومحرر ابن عطية وبحر أبي حيان ومفاتيح الفخر وفتوحات الجمل وعناية الشهاب و حاشية محي الدين شيخ زادة وانتهاء بمنار رشيد رضا وأضواء الشنقيطي و .................. ـ
فإني أستطيع الجزم بأن الكل حلل الجهالة تحليلا يؤكد أن كل معصية ترتكب فهي بجهالة أي: سفه وحمق على أي وجه كانت.
وأن الجهالة حال لازمة لصاحب المعصية لا تنفك عنه وبذا يبقى الاستشكال هو هو هو ولا يزال السؤال قائما:
لم جاء هذا القيد "بجهالة" طالما أن كل معصية ترتكب فارتكابها يحدث بجهالة
والجهالة حال ملازم للمرتكب على أي وجه، ومن تاب تاب الله عليه بفضله إن شاء.؟ .....
أجاب ابن عاشور عما سكت عنه غيره من المفسرين قائلا:
وذكر هذا القيد هنا لمجرّد تشويه عمل السوء، فالباء للملابسة، إذ لا يكون عمل السوء إلاّ كذلك. وليس المراد بالجهالة ما يطلق عليه اسم الجَهل، وهو انتفاء العلم بما فعله، لأنّ ذلك لا يسمّى جهالة، وإنّما هو من معاني لفظ الجَهل، ولو عمل أحد معصية وهو غير عالم بأنّها معصية لم يكن آثماً ولا يجب عليه إلاّ أن يتعلّم ذلك ويجتنّبه.
واختلف المفسّرون من السلف ومَن بَعدهم في إعمال مفهوم القيدين «بجهالة من قريب» حتّى قيل: إنّ حكم الآية منسوخ بآية {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48]، والأكثر على أنّ قيد (بجهالة) كوصف كاشف لعمل السوء لأنّ المراد عمل السوء مع الإيمان. فقد روى عبد الرزاق عن قتادة قال: اجتمع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فرأوْا أنّ كلّ عمل عصي الله به فهو جهالة عمداً كان أو غيرَه. والذي يظهر أنّهما قيدان ذكراً للتنبيه على أنّ شأن المسلم أن يكون عمله جارياً على اعتبار مفهوم القيدين وليس مفهوماهما بشرطين لقبول التوبة، وأنّ قوله تعالى: {وليست التوبة للذين يعملون السيّئات} إلى {وهم كفار} قسيم لمضمون قوله: {إنما التوبة على الله} إلخ، ولا واسطة بين هذين القسمين "أ. هـ
والله الموفق والمستعان
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[09 Jan 2010, 05:49 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
كما يبدو لي، الجهالة وصف ملازم لفاعل المعصية، والتي فسرها أهل العلم كما ذكر الشيخ بالسفه والحمق، والمعصية يكفيها تشويها وصفها (بالسوء)، وليس من الممكن أن نقول أن المراد بالجهالة ما يطلق عليه (وصف الجهل أي عدم العلم بأنها معصية أصلا) وذلك لترتب العقاب كما ورد في الآية على هذه المعصية، والجاهل الذي لا يعلم بأنه قد ارتكب محرما أصلا لا إثم عليه.
أما بالنسبة للعبارة التالية:
((والأكثر على أنّ قيد (بجهالة) كوصف كاشف لعمل السوء لأنّ المراد عمل السوء مع الإيمان))
في هذه العبارة إشكال حيث أن المسلم تنفك عنه صفة الإيمان عند ملابسته للمعصية كما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة، ولا تنفك عنه صفة الإسلام، والأحرى كما يبدو لي والله أعلم، أن تكون الجهالة وصف كاشف لحالة عقل المكلف البالغ العاقل الذي اختار الطيش والحمق واتباع الهوى.
وهناك نقطة أريد تسليط الضوء عليها، وهي أن المؤمن قد يلابس المعصية، ولكنه مضطر غير باغ ولا عاد = عندها لا إثم عليه كما ورد في النصوص الشرعية، وفي هذه الحالة يكون قد قاس الأمور بعقله حيث أنه قد قدر الضرورة بقدرها، فهناك انتفت عنه صفة الجهالة إلى صفة تمام العقل ورجحانه، والله أعلى وأعلم وأحكم.
¥