ثم ألفت بعده كتاب (مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر)، وقد حرصت فيه على بيان هذه المصطلحات، وقد أفاد منه بعض الدارسين في الدراسات العليا، كالشيخ فهد الوهبي الذي درس موضوع الاستنباط من القرآن الكريم وفتّق مسائله. ولو أعدت كتابته مرة أخرى لاستدركت ما وقع من قصور في تحديد بعض المصطلحات؛ كالملاحظة التي ذكرها الشيخ فهد الوهبي في تعريف الاستنباط الذي ذكرت، وكذا تلك الحدة التي وجدها في نقد الشيخين - رحمهما الله - محمد عبد العظيم الزرقاني، ومحمد حسين الذهبي، وكان سبب ذلك ما وقع منهما في نقد التفسير المأثور إلى حدٍّ - في نظري - جعل قيمته أقل وأضعف من تفسيرات المتأخرين، وإني لأسأل الله أن يغفر لي ولهم، وأن يرزقنا سلامة القلب ومحبة الصالحين.

وظهر بعده كتاب (مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير)، وكان أخي الشيخ سامي جاد الله المشرف العلمي بدار المحدث قد أشرف عليه منذ جمعه إلى طبعه، وقد أفادني هذا الجمع، واستفاد منه الباحثون، ولله الحمد.

ثم كتبت كتاب (المحرر في علوم القرآن)، وقد كتبته لمعهد الإمام الشاطبي بجدة، وكان على حسب المفردات المقترحة لهذه المادة، وقد حرصت على إثارة عقل القارئ لبعض المسائل، والتنبيه على ما يحتاج إلى بحث وتحرير، وإن كان هذا الأسلوب قد واجه انتقادا من بعض الباحثين وأعضاء هيئة التدريس، غير أني لا أزال مقتنعا بهذه الفكرة، وأراها تستثير قارئ الكتاب للبحث والتنقيب.

ومما يتميز به هذا الكتاب تقريب (التعريف بالمصحف) الذي يكون في آخره - للقارئ، والتنبيه على جهود علماء المسلمين في هذا المجال، وقد كان من آخرها ما قام به مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية.

ثم خرج كتاب (شرح مقدمة في أصول التفسير) لابن تيمية (ت 728)، وهو أول شرح متكامل لهذه المقدمة النفيسة، وقد حرصت فيها على بيان المسائل المتعلقة بالتفسير وأصوله، وحرصت على التمثيل للأفكار التي ذكرها شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.

وفي الطريق ثلاثة كتب:

- (وقوف القرآن وأثرها في التفسير)، وستصدر قريبا - إن شاء الله - من مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.

- ومقالتي في الإعجاز العلمي، وستصدر تحت عنوان (الإعجاز العلمي إلى أين؟).

- وكتاب في شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الكلبي (ت 741).

وأسأل الله من فضله المزيد.

ما نصيحتك لمن يريد دراسة علوم القرآن؟ وكيف يبدأ؟

مشكلة علوم القرآن أنها لم تأخذ صورتها التي نراها عليها اليوم إلا متأخرا، وأرى أن بداية الاجتهاد في الجمع الكلي لأنواع علوم القرآن كانت على يد الزركشي (ت 794)، وكانت الفكرة التي انطلق منها أنه لم يجد لأنواع علوم القرآن مؤلفا كما هو الحال في أنواع علوم الحديث، فابتدأ بتصنيف كتابه هذا من خلال هذه الفكرة.

ولهذا، لا يوجد - إلى اليوم - متن يمكن أن يُعتمد في علوم القرآن، فضلا عما يعتور هذا الفن (علوم القرآن) من مشكلات في الأنواع المندرجة تحته يطول المقام بذكرها، لكن على سبيل الإشارة أذكر ما وقع من انتقاد لكتب علوم القرآن من أنها ذكرت مباحث من علم (أصول الفقه) وجعلتها من علوم القرآن، وهذا الانتقاد له وجه وحظ من النظر، لكن لمن أدخلها في (علوم القرآن) حظ من النظر أيضا، وقد أبنت عن شيء من ذلك خلال بعض دروسي، خصوصا درس عشاء السبت الذي ألقيه في جامع الراجحي بمدينة الرياض، حيث ابتدأت التعليق على كتاب (الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي (ت 911)، وذكرت مثل هذه الانتقادات وبينت ما أراه صوابا في هذه المسألة.

وبعد، فإني أنصح من يريد الاطلاع على أنواع علوم القرآن بأن يقرأ كتاب الشيخ الدكتور حازم حيدر (علوم القرآن بين البرهان والإتقان)، فإنه سيستفيد من هذا الكتاب معرفة أنواع علوم القرآن عند هذين العَلَمَين؛ ما اتفقوا في ذكره، وما زاد أحدهما على الآخر، مع ما في ملاحظات الدكتور حازم وتنبيهاته العلمية من فوائد جمة.

وبهذا الاطلاع يكون عنده رصد لمادة كتب علوم القرآن، وتكون عنده أصول هذا العلم، وإن لم يوجد متن يجمعها، فإذا قرأ هذا الكتاب يمكنه أن يترقى في القراءة في كتب علوم القرآن المتقدمة والمعاصرة.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015