الطويل الذي عقده للحذف؛ إذ كان يستدل على المحذوف وكيفية تقديره بالنظائر.

ولكني أذكر بعض ما أستحسنه من هذه الضروب، وبعض ما وجدته في غير المغني منها. فمن ذلك:

1 - فصل عقده للتدريب في (ما)، وذكر فيه قوله - تعالى -: (ما أغنى عنه ماله وما كسب)، وأن (ما) الأولى تحتمل النافية والاستفهامية، و (ما) الآخرة موصول اسمي أو حرفي، وقوله - تعالى -: (وما يغني عنه ماله إذا تردّى)، (ما أغنى عني ماليه)، و (ما) فيهما تحتمل الاستفهامية والنافية، ورجّح النفي بقوله - تعالى -: (فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم)؛ لأنه متعين فيه. فذكر النظائر المتشابهة، ورجّح بأحدها.

2 - وقولهم: " جاء زيد ركضاً " يحتمل المصدرية والحالية، ورجّح الحالية بقوله - تعالى -: (ائتيا طوعاً أو كرهاً، قالتا: أتينا طائعين)، فمجيء (طائعين) وهو حال، في موضع (طوعاً أو كرهاً) يدل على أنهما حالان.

3 - وقوله - تعالى -: (فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا) في الأعراف، يحتمل أن يكون الأصل: بما كذبوه، وبما كذبوا به، ويرجح الآخِر منهما التصريح به في سورة يونس.

4 - وتنبيهه على أنه قد يحتمل الموضع أكثر من وجه، ويوجد ما يرجح كلاًّ منها، كقوله - تعالى -: (فاجعل بيننا وبينك موعداً لا نخلفه)، فالموعد محتمل للمصدر، ويشهد له: (لا نخلفه نحن ولا أنت)، وللزمان، ويشهد له: (قال: موعدكم يوم الزينة)، وللمكان، ويشهد له: (مكاناً سوى)، وإذا أعرب (مكاناً) بدلاً من (موعداً) لا ظرفاً لـ (نخلفه) - تعيّن للمكان.

5 - وقوله - تعالى -: (إلا أن يعفون) الواو فيه لام الكلمة، والنون ضمير النسوة، والفعل مبني، وأما: الرجال يعفون - فالواو ضمير المذكّرين، والنون علامة الرفع، وهي تحذف في النصب، نحو: (وأن تعفوا أقرب للتقوى)، فوضّح بما في الموضع نفسه، وباللفظ نفسه.

6 - ومجيء (أخرى) بمعنى (آخرة)، نحو: (وقالت أولاهم لأخراهم)، فإذا كانت كذلك جمعت على (أُخَر) مصروفاً، واستدل لمجيئها كذلك بقوله - تعالى -: (وأنّ عليه النشأة الأخرى)، وقوله: (ثُم الله ينشئ النشأة الآخرة)، فاستدل بنظيرين متشابهين عاقبت فيهما الكلمة ما هو بمعناها.

7 - وكسر همزة (إن) من أجل اللام بعدها، نحو: (والله يعلم إنك لرسوله، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون)، ووضح هذا بأنها فتحت مع هذين الفعلين عند فَقْد اللام، نحو قوله - تعالى -: (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم)، وقوله: (شهد الله أنه لا إله إلا هو).

• النظير في الوهم والخطأ:

ويأتي بالنظائر في أوهام العلماء في الإعراب وغيره:

1 - فوهَّم الزمخشريَّ في تجويز الحال من الفاعل ومن المفعول في قوله - تعالى -: (ادخلوا في السلم كافة)؛ لأن (كافة) مختص بمن يعقل؛ أي لا يكون إلا حالاً من الفاعل، قال ابن هشام: " ووَهْمُه في قوله - تعالى -: (وما أرسلناك إلا كافة للناس)، إذ قدر (كافة) نعتاً لمصدر محذوف؛ أي: إرسالة كافة - أشدّ؛ لأنه أضاف إلى استعماله فيما لا يعقل إخراجَه عما التُزم فيه من الحالية. ووهمه في خطبة المفصل إذ قال: محيط بكافة الأبواب - أشدّ وأشدّ؛ لإخراجه إياه عن النصب البتة ". فذكر وهم الزمخشري في النظائر على وجه التدرّج، كما ترى.

2 - ونبّه على خطأ الرازي في تلاوة قوله - تعالى -: (لا تتخذوا بطانة من دونكم)، فإن الرازي سأل: ما الحكمة في تقديم (من دونكم) على (بطانة)؟ وأجاب، وليست التلاوة كما ذكر. قال ابن هشام: " ونظير هذا أن أبا حيان فسّر في سورة الأنبياء كلمة (زُبُراً) بعد قوله - تعالى -: (وتَقَطَّعوا أمرهم بينهم)، وإنما هي في سورة المؤمنون، وترك تفسيرها هناك، وتبعه على هذا السهو رجلان لَخَّصا من تفسيره إعراباً ". فذكر خطأ الرازي في تلاوة آية ونظّره بخطأ أبي حيان في تلاوة آية أخرى، ومتابعة السمين والسفاقسي له.

• التورية:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015