7 - واستشهاده لظرف الزمان مبهماً ومختصّاً بقوله - تعالى -: (سيروا فيها ليالي وأياماً)، (النار يعرضون عليها غدوّاً وعشيّاً)، (وسبّحوه بكرة وأصيلاً)، فأتى بشواهد للعامل ماضياً ومضارعاً وأمراً، والشواهد كما ترى متشابهة في عطف ظرف على آخر.

8 - واستشهاده لألفاظ العقود في تمييز العدد بقوله - تعالى -: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتمَّ ميقات ربه أربعين ليلة)، (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً)، (فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً)، (ذَرْعُها سبعون ذراعا ً)، (فاجلدوهم ثمانين جلدة)، (إنّ هذا أخي له تسع وتسعون نعجة)، فأتى بشواهد للعقود من ثلاثين إلى تسعين. وإنما ترك قوله - تعالى -: (إن يكن منكم عشرون صابرون) لأنه لم يُصرَّح فيه بالتمييز.

9 - واستشهاده لما يتعدّى بنفسه من الأفعال كأفعال الحواس بقوله - تعالى -: (يوم يرون الملائكة)، (يوم يسمعون الصيحة)، (لا يذوقون فيها الموت)، (أو لامستم النساء)، فأتى بشواهد للحواس الخمس.

10 - واستشهاده لاشتراط أن يكون ما قبل ضمير الفصل مبتدأ في الحال أو في الأصل بقوله تعالى: (أولئك هم المفلحون)، (وإنا لنحن الصافّون)، (كنت أنت الرقيب عليهم)، (تجدوه عند الله هو خيراً)، (إن ترني أنا أقل منك مالاً وولداً)، فأتى بشواهد من باب المبتدأ، ومن باب (كان)، ومن باب (إن)، ومن باب (ظن)، وأتى بالضمير أيضاً للمتكلم وللمخاطب وللغائب.

11 - واستشهاده لكسر همزة (إن) في العلة بقوله - تعالى -: (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم؛ إنه كان حوباً كبيراً)، (وصلِّ عليهم؛ إن صلواتك سكن لهم)، (إنا كنا من قبل ندعوه؛ إنه هو البَرّ الرحيم)، في قراءة من كسر الهمزة في الأخيرة، فأتى بشواهد للعلة للنهي، وللأمر، وللخبر.

12 - واستشهاده للجملة المضاف إليها اسم الزمان، سواء أكان ظرفاً أم اسماً، بقوله - تعالى -: (والسلام عليّ يوم ولدت)، (وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب)، ? لينذر يوم التلاق، يوم هم بارزون)، (هذا يوم لا ينطقون)، قال: " ألا ترى أن اليوم ظرف في الأولى، ومفعول ثانٍ في الثانية، وبدل منه في الثالثة، وخبر في الرابعة؟ (بلى، أرى!) ويمكن في الثالثة أن يكون ظرفاً لـ (يخفى) من قوله - تعالى -: (لا يخفى على الله منهم شيء) ".

• تنويع باتفاق الفواصل:

ويزيد في التفنّن بأنواع متفقة في الفواصل أو ما يشبهها، فمن ذلك:

1 - استشهاده لتأخر أدوات الاستفهام عن حروف العطف بخلاف الهمزة - بقوله - تعالى -: (وكيف تكفرون؟)، (فأين تذهبون؟)، (فأنّى تؤفكون؟)، (فهل يُهلَك إلا القوم الفاسقون؟)، (فأي الفريقين؟)، (فما لكم في المنافقين فئتين؟)، فأتى بشواهد لست أدوات، ولو اقتصر على بعضها لكان كافياً. وانظر كيف قرن شاهدي المثنى، واقتصر على: (فأي الفريقين؟) قبل تمام الجملة ليتم له الاتفاق.

2 - واستشهاده للجملة التابعة لمفرد نعتاً له بقوله - تعالى -: (من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه)، (واتقوا يوماً تُرجعون فيه)، (ربنا، إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه)، فأتى بشاهد لها وهي في محل رفع، وشاهد لها وهي في محل نصب، وشاهد لها وهي في محل جر، مع الاتفاق في الأواخر، وترك ما يتعلق بالشاهد الثاني، فإن تمامه: (يوماً تُرجعون فيه إلى الله)؛ ليتم الاتفاق أيضاً.

(4) تنظير وترجيح وتوضيح

هذه أبواب من فن ابن هشام في الاستشهاد بالقرآن الكريم، كنت على أن أشرح طرائقه فيها، وأكثر من أمثلتها وألوانها، ثم رأيت أن ذلك مبثوث في طول كتاب المغني، حتى إنه قال في مقدمته: " وقد تجنّبت هذين الأمرين (يعني: إيراد ما لا يتعلق بالإعراب وإعراب الواضحات)، وأتيت مكانها بما يتبصّر به الناظر، ويتمرّن به الخاطر، من إيراد النظائر القرآنية، والشواهد الشعرية، وبعض ما اتفق في المجالس النحوية ". وتجد ذلك وافراً في الجهة السابعة من الباب الخامس في ذكر الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها، وهي أن يحمل كلاماً على شيء ويشهد استعمال آخر في نظير ذلك الموضع بخلافه، والجهة الثامنة، وهي أن يحمل على شيء وفي ذلك الموضع ما يدفعه، وفي الفصل

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015