وقال أيضاً (1/ 453): ((وانظر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين وضع الديوان، وقالوا له: يبدأ أميرُ المؤمنين بنفسِه، فقال: لا! ولكن ضَعُوا عمر حيث وضعه الله، فبدأ بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ مَن يليهِم، حتى جاءت نوْبَتُه في بَنِي عديٍّ، وهم متأخِّرون عن أكثر بطون قريش)).

وفي سير أعلام النبلاء للذهبي وتهذيب التهذيب لابن حجر في ترجمة العبَّاس: ((كان العبَّاسُ إذا مرَّ بعمر أو بعثمان، وهما راكبان، نزلاَ حتى يُجاوِزهما إجلالاً لعمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم)).

• وموقف أهل السنة والجماعة من آل البيت:

قال ابنُ تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية:

((ويُحبُّون (يعني أهل السُّنَّة والجماعة) أهلَ بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتوَلَّوْنَهم، ويحفظون فيهم وصيَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خُمّ: (أُذكِّرُكم الله في أهل بيتِي)، وقال أيضاً للعباس عمّه ـ وقد اشتكى إليه أنَّ بعضَ قريش يجفو بَنِي هاشم ـ فقال: (والذي نفسي بيده، لا يؤمنون حتَّى يُحبُّوكم لله ولقرابَتِي)، وقال: (إنَّ اللهَ اصطفى مِن بَنِي إسماعيل كِنانَةَ، واصطفى من كنَانَة قريشاً، واصطفى مِن قريشٍ بَنِي هاشِم، واصطفانِي مِن بَنِي هاشِم)، ويتوَلَّون أزواجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَّهات المؤمنين، ويؤمنون بأنَّهنَّ أزواجُه في الآخرة، خصوصاً خديجة رضي الله عنها، أمُّ أكثر أولاده، وأوَّل مَن آمن به وعاضده على أمره، وكان لها منه المنزلة العالية، والصدِّيقة بنت الصدِّيق رضي الله عنها، التي قال فيها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فضلُ عائشة على النساء كفضل الثَّريد على سائر الطعام)، ويتبرَّؤون من طريقة الروافض الذين يُبغضون الصحابةَ ويَسبُّونَهم، وطريقةِ النَّواصب الذين يُؤذون أهلَ البيت بقول أو عمل)).

وقال أيضاً في الوصيَّة الكبرى كما في مجموع فتاواه (3/ 407 ـ 408): ((وكذلك آل بيت رسول الله ? لهم من الحقوق ما يجب رعايتُها؛ فإنَّ الله جعل لهم حقًّا في الخمس والفيء، وأمر بالصلاةِ عليهم مع الصلاةِ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لنا: (قولوا: اللَّهمَّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيتَ على آل إبراهيم، إنَّك حميدٌ مجيدٌ، وبارِك على محمد وعلى آل محمد كما بارَكتَ على آل إبراهيم، إنَّك حميدٌ مجيدٌ).

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:

قال ابن كثير في تفسيره لآية الشورى بعد أن بيَّن أنَّ الصحيحَ تفسيرُها بأنَّ المرادَ بـ {القُرْبَى} بطونُ قريش، كما جاء ذلك في تفسير ابن عباس للآية في صحيح البخاري، قال رحمه الله: ((ولا نُنكرُ الوُصاةَ بأهل البيت والأمرَ بالإحسان إليهم واحترامِهم وإكرامِهم؛ فإنَّهم من ذريَّةٍ طاهرَةٍ، مِن أشرف بيتٍ وُجِد على وجه الأرض، فخراً وحسَباً ونَسَباً، ولا سيما إذا كانوا متَّبعين للسُّنَّة النَّبويَّة الصحيحة الواضحة الجليَّة، كما كان سلفُهم، كالعباس وبنيه، وعليٍّ وأهل بيته وذريَّتِه، رضي الله عنهم أجمعين)).

وبعد أن أورد أثرَين عن أبي بكر رضي الله عنه، وأثراً عن عمر رضي الله عنه في توقير أهل البيت وبيان علوِّ مكانتِهم، قال: ((فحالُ الشيخين رضي الله عنهما هو الواجبُ على كلِّ أحدٍ أن يكون كذلك، ولهذا كانا أفضلَ المؤمنين بعد النَّبيِّين والمرسَلين، رضي الله عنهما وعن سائر الصحابة أجمعين)).

ألا يكفي هذا دلالة على منزلة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

*الموضوع مستل من رسالة مختصرة في فضل آل البيت للشيخ عبد المحسن العباد.

ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[16 Nov 2009, 02:33 م]ـ

الأخ الكريم حجازي،

شكراً لك على هذا النقل الطيب. ولي على بعض ما ورد ملاحظات:

1. إذا كان يُطلب من كل واحد فينا أن يحفظ أهل ود أبيه، فكيف لا يحفظ الصحابة رضوان الله عليهم قرابة الرسول عليه السلام؟! ومن هنا ليس هذا ما أطلب.

2. ما أورده الكاتب من حديث المسند من قول الرسول عليه السلام:"اللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وعلى أهل بيته وعلى أزواجِه وذريَّتِه، كما صلَّيتَ على آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيدٌ، وبارِك على محمَّدٍ وعلى أهل بيته وعلى أزواجِه وذريَّتِه، كما بارَكتَ على آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيدٌ": لا إشكال عندي في دعائه عليه السلام لأهل بيته وأزواجه، وإنما الإشكال في الدعاء للذرية. ووجه الاستشكال الآتي: هل استجاب الله تعالى لرسوله في ذريته؟! فإن قيل نعم، فيلزمنا إذن أن نعتقد بأن كل من ثبت أنه من ذرية الرسول عليه السلام لا بد أن يرحمه الله مهما فعل. وإذا كان كل من هو من ذرية إبراهيم عليه السلام قد رُحم وبُورك فأولى الناس بذلك كفرة بنو إسرائيل لأنهم من ذرية إبراهيم (كما باركت على).

3. أما قول الرسول عليه السلام:"إنَّ اللهَ اصطفى كِنانَةَ مِن ولدِ إسماعيل، واصطفى قريشاً من كِنَانَة، واصطفى مِن قريشٍ بَنِي هاشِم، واصطفانِي مِن بَنِي هاشِم" فواضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال:"فأنا خيار من خيار من خيار". ولكن هل يعني ذلك أن الاصطفاء يستمر إلى يوم القيامة حتى بعد بعثة الرسول عليه السلام؟!

4. أما حديث:"كلُّ سببٍ ونسبٍ منقطعٌ يوم القيامةِ إلاَّ سبَبِي ونسبِي" فإذا صح فهل يصح تفسيره، وما معنى أن النسب غير منقطع؟ ّ! هل يأتي الناس بأعمالهم ويأت آل البيت بأنسابهم؟! وإلا فما المعنى الحقيقي للحديث؟ ثم هل يجوز في الإسلام أن ننسب الرجل إلى أهل أمه؟

5. وقد صح حديث زيد بن أرقم، ولكن هل يصح فهمه لمعنى أهل البيت؟ وإذا صح فهمه، فما بالنا نجده يدخل نساء الرسول في مفهوم أهل البيت ثم يخرجهن في رواية أخرى للحديث؟! وفي رأينا بعد التحقق لا ترادف في الآتية: الأهل، الآل، ذوي القربى.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015