وتقبل تحيتي

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Oct 2009, 09:46 م]ـ

3 - قال الله تعالى: ? وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ? [النساء:83]

جاء في التفسير الميسر في تفسير هذه الآية ما نصه: (وإذا جاء هؤلاء الذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم أمْرٌ يجب كتمانه متعلقًا بالأمن الذي يعود خيره على الإسلام والمسلمين, أو بالخوف الذي يلقي في قلوبهم عدم الاطمئنان, أفشوه وأذاعوا به في الناس, ولو ردَّ هؤلاء ما جاءهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أهل العلم والفقه لَعَلِمَ حقيقة معناه أهل الاستنباط منهم. ولولا أنْ تَفَضَّلَ الله عليكم ورحمكم لاتبعتم الشيطان ووساوسه إلا قليلا منكم.) انتهى

التعليق: عند التأمل في تفسير قول الله تعالى: ? وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ? نجد أنهم لم يذكروا شيئاً ذا بال في بيان معنى هذا الاستثناء، ولا في بيان المراد بفضل الله ورحمته، وإنما ذكروا ما ورد في الآية بالمعنى؛ فكأنهم أعادوا ما جاء الآية بأسلوب آخر.

وقد أشكل المراد بالاستثناء في هذه الآية على كثير من المفسرين، وذكروا تفاسير لا تخلو من تكلف وبعد.

وقد كتب أحد المتأخرين بحثاً في المراد بهذا الاستثناء، ونقل فيه أقوال المفسرين وخلافهم، ثم ختم بحثه بالتوقف في معنى هذا الاستثناء، حيث قرر أنه لم يظهر له شيئاً يطمئن إلى ترجيحه.

والذي يظهر لي أنه ليس في الآية إشكال – ولله الحمد – وذلك أن المراد بفضل الله هنا: الإسلام، وبرحمته: القرآن؛ وليس المراد بهما عموم الفضل والرحمة، فإنه لا أحد يمكن أن يسلم من اتباع الشيطان بدون فضل من الله ورحمة.

وعلى هذا المعنى فسرها الواحدي في الوجيز، فقال: ({ولولا فضلُ الله} أي: الإِسلام {ورحمته} القرآن {لاتبعتم الشيطان إلاَّ قليلاً} ممَّن عصم الله، كالذين اهتدوا بعقولهم لترك عبادة الأوثان بغير رسولٍ ولا كتابٍ، نحو زيد بن عمرو، وورقة بن نوفل، وطُلاَّب الدِّين).

وفسرها السيوطي في الجلالين، فقال: ("وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ" بِالْإِسْلَامِ "وَرَحْمَته" لَكُمْ بِالْقُرْآنِ "لَاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَان" فِيمَا يَأْمُركُمْ بِهِ مِنْ الْفَوَاحِش).

وفسرها الأيجي في جامع البيان بقوله: ("ولولا فضل الله عليكم ورحمته" بإرسال الرسل، وإنزال الكتب "لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً" ممن تفضل عليه بعقله الصائب؛ فاهتدى به، كورقة بن نوفل.)

وجاء في التفسير الواضح الميسر للصابوني ما نصه: (ولولا فضل الله عليكم بإرسال الرسول، ورحمته بإنزال القرآن لإرشادكم إلى طريق الحق والصواب، لاتبعتم الشيطان فيما يوسوس به إليكم من مقارفة الفواحش، وسلوك طريق الضلال، إلا القليل منكم، وهم أصحاب العقول المستنيرة، والبطائر النافذة.)

وكل هذه النقولات متقاربة، وهي المناسبة لتفسير الآية.

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[25 Oct 2009, 10:53 م]ـ

3 - قال الله تعالى: ? وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ? [النساء:83]

.

أخانا الفاضل أبا مجاهد

اسمح لي أن أضيف كلام الطاهر بن عاشور رحمه الله لأن فيه بيان للمعاني التي تحتملها الآية:

"وعلى القول بأنّ الضمير راجع إلى المؤمنين فالآية عتاب للمؤمنين في هذا التسرّع بالإذاعة، وأمرُهم بإنهاء الأخبار إلى الرسول وقادة الصحابة ليضعوه مواضعه ويعلّموهم محامله.

وقيل: كان المنافقون يختلقون الأخبار من الأمن أو الخوف، وهي مخالفة للواقع، ليظنّ المسلمون الأمْن حين الخوف فلا يأخذوا حذرهم، أو الخوفَ حين الأمن فتضطرب أمورهم وتختلّ أحوال اجتماعهم، فكان دهماء المسلمين إذا سمعوا ذلك من المنافقين راج عندهم فأذاعوا به، فتمّ للمنافقين الدست، وتمشّت المكيدة، فلامهم الله وعلّمهم أن ينهوا الأمر إلى الرسول وجلّة أصحابه قبل إشاعته ليعلموا كنه الخبر وحالَه من الصدق أو الكذب، ويأخذوا لكلّ حالة حيطتها، فيسلم المؤمنون من مكر المنافقين الذي قصدوه."

ثم قال:

"وقوله: {ولولا فضلُ الله عليكم ورحمتُه} امتنان بإرشادهم إلى أنواع المصالح، والتحذير من المكائد ومن حبائل الشيطان وأنصاره.

واستثناء {إلاّ قليلاً} من عموم الأحوال المؤذن بها {اتّبعتم}، أي إلاّ في أحوال قليلة، فإن كان المراد من فضل الله ورحمته ما يشمل البعثة فما بعدها، فالمراد بالقليل الأحوال التي تنساق إليها النفوس في بعض الأحوال بالوازع العقلي أو العادي، وإن أريد بالفضل والرحمة النصائح والإرشاد فالمراد بالقليل ما هو معلوم من قواعد الإسلام. ولك أن تجعله استثناء من ضمير {اتّبعتم} أي إلاّ قليلاً منكم، فالمراد من الاتّباع اتّباع مثل هذه المكائد التي لا تروج على أهل الرأي من المؤمنين."

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015