ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Oct 2009, 10:45 م]ـ
وفي بحث آخر يقول الدكتور دودح:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه .. أما بعد:
لن يدع أعداء القرآن ومن ران على قلوبهم وعميت أبصارهم الطعن والتشكيك في كلام الله تعالى، ولهم في ذلك حجج سخيفة وأدلة ضعيفة، يردها العقل وتمجها الفطر السوية، بل القرآن معجزة بيانية وعلمية؛ وقد فوضت الأمر كله لله سائله تعالى التوفيق لرد فرية نسبة القرآن لسواه:
- الأنباء الكونية معجزة علمية:
لقد ادخر القرآن الكريم كثيراً من الآيات للأجيال في عبارات معلومة الألفاظ، لكن الكيفيات والحقائق لا تتجلى إلا حينا بعد حين، يقول تعالى: "إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ" [ص:87 - 88]، وقد فسر الطبري معنى الحين بقوله: "فلا قول فيه أصح من أن يطلق كما أطلقه الله من غير حصر ذلك على وقت دون وقت"، فلكل نبأ في القرآن زمن يتحقق فيه، فإذا تجلى الحدث ماثلاً للعيان أشرقت المعاني، وتطابقت دلالات الألفاظ والتراكيب مع الحقائق، وهكذا تتجدد معجزة القرآن على طول الزمان، يقول العلي القدير: "وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ" [الأنعام:66و67]، ونقل ابن كثير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- تفسيره للمستقر بقوله: "لكل نبأ حقيقة، أي لكل خبر وقوع ولو بعد حين"، وقد تردد هذا الوعد كثيراً في القرآن الكريم بأساليب متعددة كما في قوله تعالى: "ثم إن علينا بيانه" [القيامة:19]، وقوله تعالى: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" [فصلت:53]، وقوله: "وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها" [النمل:93]، قال ابن حجر: "ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة وخرقه للعادة في أسلوبه وفي بلاغته وإخباره بالمغيبات، فلا يمر عصر من العصور إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر به أنه سيكون يدل على صحة دعواه"، وقال محمد رشيد رضا: "ومن دلائل إعجاز القرآن أنه يبين الحقائق التي لم يكن يعرفها أحد من المخاطبين بها في زمن تنزيله بعبارة لا يتحيرون في فهمها والاستفادة منها مجملة؛ وإن كان فهم ما وراءها من التفصيل الذي يعلمه ولا يعلمونه يتوقف على ترقي البشر في العلوم والفنون الخاصة بذلك"، وقال جوهري: "أما قولك كيف عميت هذه الحقائق على كثير من أسلافنا؟، فاعلم أن الله هو الذي قال: "سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ" وقال: "وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا"، إن الله لا يخلق الأمور إلا في أوقاتها المناسبة وهذا الزمان هو أنسب الأزمنة، والمدار على الفهم والفهم في كل زمان بحسبه، وهذا زمان انكشاف بعض الحقائق"، وفي قوله الله جل وعلا: "سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ" [الأنبياء:37]، قال ابن عاشور: "وعد بأنهم سيرون آيات الله في نصر الدين"، وهي كما قال الرازي: "أدلة التوحيد وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم- ولذلك قال سبحانه "فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ". أي أنها ستأتي لا محالة في وقتها، واستعجال المنكرين يعني كما قال الشيخ جوهري: "استبعاد ما جاء في هذه الآيات من الأمور العلمية التي أوضحها علماء العصر الحاضر، فهم يستبعدونها طبعاً لأنهم لا يعقلونها، فقال الله تعالى لا تستبعدوا أيها الناس "سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ"، فإذا لم تفهمها أمم سابقة فسيعرفها من بعدهم، فقد ادخرنا هذه الأمور لأمم ستأتي لتكون لهم آية علمية على صدقك فتكون الآيات دائما متجددة".
ولقد كان جاري ميلر قسيساً يدعو للنصرانية، وبحث في القرآن منذ عام 1978م لعله يجد فيه مطعنا فإذا به يعلن إسلامه، لقد توقع أن يجد حديثًا يحمل سمات محلية وشخصية فإذا به يجد آفاق التعبير ممتدة لتشمل العالم أجمعه ويكثر فيه العتاب حتى للنبي صلى الله عليه وسلم نفسه بخلاف ما يُتوقع من كاتب يُمَجِّد نفسه، كما في قوله تعالى: "وَلَوْ تَقَوّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنكُمْ مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ" [الحاقة: 44 - 47] .. ، يقول الدكتور ميلر المبشر السابق: "قبل بضع سنوات
¥