مَبْثُوثَةٌ?, وذلك لأن هذا يتعلق بمعنىً يقوم في الذهن، وإن لم يلزم من ذلك أن يكون هذا مثل هذا. وقد جعل شيخ الإسلام بن تيمية ‘، أحد المثلين في الرسالة التدمرية، على وجوب إثبات صفات الله Ü وأن إثباتها لا يلزم منه تمثيل, ما يكون في الجنة من أنواع النعيم، والحور، والقصور، والدور، والمراكب، وغير ذلك، فإن الأسماء واحدة، والحقائق مختلفة. فإن كان هذا التفاوت بين مخلوق ومخلوق, فكيف بين خالق ومخلوق؟! هذا هو المعنى المشترك. وفائدته: أن يفهم الخطاب، لأن الله تعالى لو لم يخاطبنا بما نعهد له مثيلاً في الدنيا، ما عقلنا مراده Ü.
6 - : لفت الأنظار إلى التدبر في خلق الله Ü: وذلك في قوله تعالى: ?أَفَلَا يَنْظُرُونَ .. ?. ولهذا ينبغي للدعاة لله Ü أن يستعملوا هذه الطريقة، وأن يحركوا العقول النائمة، والأذهان البليدة، لأن الذهن البليد، والعقل الغافل، مغلق لا يقبل موعظة، وذكرى. فإذا نفض عنه هذا الغبار أصبح صالحًا للاستقبال.
7 - : قرب دلائل الربوبية ومباشرتها للمكلفين: فالسماء، والأرض، والجبال، والإبل, لا تحتاج إلى كد، وعناء. فدلائل الربوبية هذه قريبة جدًا, بل هناك أقرب مما ذُكر, كما قال في آية أخرى: ?وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ? (الذاريات-21) ,
8 - : الأمر بالتذكير، واستعمال البراهين الحسية، والعقلية: لقوله تعالى: ?فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ? بعد أن قال: ?أَفَلَا يَنْظُرُونَ? وهذا يستدعي إعمال الأدوات الحسية؛ من البصر، والسمع وغيرها, واستعمال العقل في الاستنباط.
9 - : أن الداعية لا يملك إلا البيان, وإنما الهدى بيد الله: وأثر هذا على نفس الداعية ألا يشعر بالإحباط والخذلان, قال الله Ü: ?فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ? (فاطر-8) , فينبغي للداعية أن يجتهد في دعوته، وإبلاغها, وألا يشغل باله في النتائج، فذلك إلى الله عز وجل، ولو شاء الله عز وجل لآمن من في الأرض كلهم جميعاً.
10 - : لا إكراه في الدين: قال Ü: ?لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ? فأمر الدين والعقيدة لا يمكن أن يقع فيه إكراه, ولا يمكن أن تُدخل العقيدة في نفس الإنسان كرهًا. أما إقامة الدين، بمعنى الشرع، والنظام، فهذا من الأحكام السلطانية، التي إذا كتب الله تعالى لأهل دينه التمكين, فإنهم يلزمون الناس بها، فمن قبل دين الله فله ما لنا، وعليه ما علينا، وهو كأحدنا, ومن أبى، فإن عليه أن يدفع الجزية عن يد وهو صاغر، لكي يكون الدين لله, و معنى ذلك أنه خضع لدين الله، ولشرعه، ولأئمة المسلمين, فإن أبى فالسيف. هكذا رتب الله تعالى ورسوله r الأمور.
11 - : الوعيد الشديد على الكافر المعرض: قال تعالى: ?إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ?.
12 - : أن مجرد الإعراض، والتولي نوع من أنواع الكفر، فإذا صرف الإنسان فكره، وأعرض بعقله عن النظر في دين الله Ü كفر بذلك، حتى لو لم يقل كلام كفر, وحتى لو لم يقع منه شرك، وعبادة أصنام. وقد مثل لذلك بما جرى من أبناء عبد ياليل، حين دعاهم النبي r، فقد سألته عائشة، رضي الله عنها، فقالت: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأخشبين فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا)
¥