5. بالنسبة لمسألة الهمزة فإليكم ما قاله شيخي في كتاب المقتطف من بينات الإعجاز العددي: ((قول في الهمزة: نقل غانم الحمد في كتابه رسم المصحف، عن أبي عمرو الداني قوله: " والهمزة قد تصور على المذهبين من التحقيق والتسهيل، دلالة على فشوهما واستعمالهما فيها، إلا أنّ أكثر الرسم ورد على التخفيف ... ". وجاء في مناهل العرفان للزرقاني عند الحديث عن قواعد رسم الهمزة: " .. وإن سكن ما قبلها حذفت .. " ويعقب في الهامش قائلاً: " أي حذفت من الحرف ورسمت مفردة". عند دراسة بعض الوثائق المتعلقة برسم المصحف في عهد عثمان، رضي الله عنه، وجدنا أنهم يكتبون بطريقة تجعلك تميّز بين ما مثلاً وماء. وهذا يدل على أنهم كانوا يرسمون الهمزة قبل وضع صورتها هكذا: ء)) انتهى. من هنا أرجو أن نعلم أن إضافة النقط والألفات والياءات الصغيرة ..... ألخ. تختلف عن مسألة الهمزة؛ لأنّ الأولى إضافات إلى الرسم للتوضيح، والثانية لها قواعد في الرسم فصلها العلماء في كتب علوم القرآن ولم تُبحث في باب الإعجام.

6. اختلاف القراءات تنعكس بشكل محدود على مسائل الإعجاز العددي. ولابد من التزام قراءة بعينها للبحوث. وعندما يثبت وجود النظام العددي في مصحف حفص نكون قد أقمنا الحجة، وليس بالضرورة أن تكون باقي المصاحف تكرر الملاحظات نفسها. ألا يكفي إجماع الصحابة على رسم مصحف حتى نعتمده في البحث. وأحب هنا أن ألفت الانتاه إلى أن المصحف السائد في العالم الإسلامي يحتمل قراءة حفص وغيرها، ولننظر مثلاً إلى رسم كلمة (أدريك) والتي لم ترسم كما يقرأ حفص هكذا (أدراك).

7. عندما أملى الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن على المتقنين من الكتبة أقرّهم على اصطلاح العرب في الكتابة. وظواهر الرسم العثماني تدل على أنه عليه السلام لم يقرهم في مواضع كثيرة على اصطلاحهم في الكتابة. ونقول ذلك لعلمنا يقيناً أنهم رضي الله عنهم كانوا أشد الناس اتباعاً وأبعدهم عن الابتداع. وإلا فلماذا، مثلاً، يكتبون كلمة شيء هكذا (شيء) في 201 موضع في المصحف، ثم هم يكتبون في الآية 23 من سورة الكهف هكذا: (لشاىء). والأمثلة على ذلك كثيرة تؤكد استحالة أن يكون ذلك عن هوى أو خطأ. وإذا أفلح البعض أن يرجع ذلك إلى تعدد القراءات فماذا يقول في الرسم الذي لا علاقة له بالقراءة ككلمة (لأاذبحنه) وكلمة (بأييد) وكلمة (قرءنا) في موضعين ... ألخ. إذن هناك إقرار وهناك عدم إقرار، وعليه يكون كله توقيفي من جهة الإقرار ومن جهة عدم الإقرار.

8. إنكار دلالة النظام على القصد في الخلق هو منطق الملاحدة. هذا عندما نُقيم الحجة على أن هناك نظاماً بديعاً. ومن هنا لا نتهم مسلماً بشيء من هذا، ولكن نربأ به أن يتشبّه بهم وهو لا يدري. إذن نحن نريد فقط اعترافاً بدلالة النظام، ثم بعد ذلك يكون علينا عبء إثبات وجود هذا النظام.

9. ما يوجد عند اليهود مما يسمى (القابالا) يشبه ما عند المتصوفة، ولا علاقة لهذا بالمسألة المطروحة. والقول إن التوافقات قد توجد في كلام البشر لا دليل عليه إلا ما يكون من توافقات محدودة لا يقصدها الكاتب. والمسألة المطرحة تشير إلى نظم بديعة يجهلها معظم الأخوة الذين يجادلون في المسألة. والحكم على الشيء فرع عن تصوره.

10. إذا سلمنا بوجود النظام العددي جزمنا أنه مراد لله، أما تفسير دلالة ذلك فهذا أمر آخر. مثال: كتاب شيخي المتعلق بزوال إسرائيل. فما جاء فيه من أعداد حتما هي مرادة لله. أما القول إنها حتماً تدل على زوال إسرائيل عام 2022م فقول غير صحيح. وقد سألت شيخي الشيخ بسام جرار عن ذلك فقال لي: ما هو عنوان الكتاب؟ فقلت: زوال إسرائيل 2022 م نبوءة أم صُدف رقمية؟! فقال: إذن لم أقل إنها ستزول عام 2022م، بل جعلت ذلك محتملاً أن يكون مصادفات رقمية، أو أرقام لا نجزم بدلالتها، ولكن نترك الحكم للقارئ الذي يجب أن يتحمل مسؤولية حكمه على هذه الأرقام. فقد تكون تفسيراً رياضياً للنبوءة القرآنية الواردة في سورة الإسراء وقد لا تكون. ولأنني لا أقبل بالصدفة فقد تكون تفسيراً للنبوءة وقد تكون دلالتها أعمق من ذلك. ثم قال لي: هل قرأت مقدمات الكتاب: قلت نعم. قال ألم تقرأ قولي: "لا أقول إنها نبوءة ولا أقول إنها ستحصل". قلت: نعم قرأت ذلك، بل قرأته بخط غامق لافت. ثم قلت له: فلماذا كتبت إذن حفظك الله؟! فقال: لا يسعني أن أكتم العلم. قلت: فإذا لم تصدق التوقعات فماذا سيكون موقفك؟ فقال: وهل قلتُ إنها ستزول؟! الناس يقولون.

ـ[جمال السبني]ــــــــ[24 Nov 2009, 07:39 م]ـ

الأخ الكريم أبا عمرو البيراوي، والإخوة الكرام الآخرين ..

السلام عليكم ورحمة الله ..

أظن أنني أكثرت (في المشاركات السابقة في هذا الموضوع) من الكلام وأنني تفاعلتُ مع الموضوع أكثر من اللازم، ولكنه الحرص على إيصال ما أعتقده حقا إلى الإخوة الزملاء والقراء ..

لا أريد أن أنتقص من قدر الجهود التي يبذلها الإخوة العاملون في مجال الإعجاز العددي، فهم مجتهدون مأجورون إن شاء الله .. ولكن التباحث والتناقش يقتضي تقليب الأمر على وجوهه جميعا وفحص الموضوع من كل جوانبه، ولذا أثرتُ اعتراضات كثيرة تتعلق برسم المصحف، واتخذت من نقاط الأخ أبي عمرو البيراوي مقتبسات أعلق عليها بما أريد قوله وإثارته، وذلك لأن ما يقوله الأخ أبو عمرو يأي في نقاط مضبوطة يسهل استيعابها والتعامل معها .. وكل ذلك من أجل تتجه مناقضة الموضوع إلى الوجهة التي ينبغي أن أن تتجه إليها ..

وأريد مرة أخرى أن أعلق على بعض النقاط في كلام أخي (أبي عمرو البيراوي)، وقبل ذلك أريد أن أصحح خطأ ورد سهوا مني في مشاركة سابقة، إذ قلت إن الإخوة الباحثين في الإعجاز العددي يعدون (فأسقيناكموه) كلمة واحدة بينما هي في الحقيقة النحوية (5) أحرف .. والصحيح الذي أردت قوله وأخطأت كتابته هو (5 كلمات). وهذا لا يخفى على الإخوة، ولكنني أريد أن أريح نفسي .. وفي كلامي السابق بعض الأخطاء اللغوية أو النحوية الطفيفة التي لا تخفى، ومن أكثر من الكلام؛ وقع في الأخطاء ;)

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015