انتشرت فى السنين الأخيرة كتابات كثيرة (كتب ومقالات) حول الإعجاز العلمى فى القرأن الكريم، وظهرت مواقع على الإنترنت تجمع من هنا وهناك الكثير مما كتب، و تعود الكثير من محبى الإسلام ان ينقلوا ما كتب دون تمحيص فأختلط الصحيح مع السقيم و احتارت العقول فى الحكم على ما ينقل، لذلك وجب التوقف أمام هذه الظاهرة و الدعوة لمراجعة ما كتب حولها
هذه دعوة لأصحاب الفكرالإسلامى، لمراجعة كل ما قيل حول الإعجاز العلمى فى القران الكريم، و سوف ابدأ بطرح رؤيتى هنا فى النقاط التالية: ..
1) مبررات المراجعة
2) أمثلة من التفسير المقبول و أخرى من التفسير المرفوض علمياً
3) وضع منهج علمى لتقييم كل ما يكتب عن الإعجاز العلمى، منهج يماثل منهج علماء الحديث، و نصنف من خلاله ما يقال عن الإعجاز العلمى من حيث الجودة العلمية إلى: ..
00 - مقبول و له درجتان: ..
-- صحيح
-- حسن
00 - غير مقبول و له درجة واحدة: ضعيف
وفى هذا التصنيف سوف استرشد بمنهج علماء الحديث فى التقييم
مقدمة ضرورية حتى لا يساء فهم ما أكتبه
حتى يمكن فهم ما أكتبه فهماً صحيحاً، ولا يساء تفسيره، أحب أن أوضح عدة أمور: ..
أولاً: هناك إشارات لظواهر تنتمى للعلوم الطبيعية فى أيات القرأن الكريم، والقضية الأساسية هى كيف نفهم هذه الإشارات. هناك خلط وتشويه كثير فى هذه القضية، يستفيد منها من يهاجم القرأن والوحى، ويستفيد منها أيضاً بعض الكتاب الراغبين فى الشهرة والكسب المالى، وينقل الكثير من المسلمين ما يكتب حولها دون مراجعة وتدقيق
ثانياً: وهناك أيضاً من أراد الدفاع عن الإسلام والقرأن عن هذا الطريق. و من معرفتى أستطيع ان أقول ان الكثير ممن يكتبون فى موضوع الإعجاز هم مخلصون للإسلام، و محبون له، و يعملون من أجل الدعوة إلى الإسلام والدفاع عنه. ولكن إذا أخطأ هؤلاء فيما يطرحون، فإن خطأهم سيفتح بابا للهجوم على القرأن والإسلام. و هنا دعوة متكررة و مخلصة لكل من يكتب عن الإعجاز أو ينقل ما قرأ عنه، ان يلتزم الحرص والدقة فيما يكتب أو ينقل، فالمراجعة الدائمة هى من سمات الباحث عن الحقيقة، و خصوصا عند الربط بين الوحى الإلهى و بين نتائج العلم البشرى و قضايا العلوم الطبيعية المتغيرة. وهنا أهمية التمييز بين الدعوة للإسلام والدفاع عن الإسلام عندما نبحث فى قضايا العلم والبحث العلمى فى العلوم الطبيعية والحيوية، وبين اثبات والتحقق من وجود نتائج العلم الطبيعى فى الإشارات القرأنية
ثالثاً: من أجل الوضوح فالمطلوب من كل متكلم فى هذا الموضوع ان يوضح لنا ما هو الفرق بين التفسير و التأويل، وما معنى " العلم" و ما معنى الإعجاز، ثم ما الفرق بين التفسير العلمى والإعجاز العلمى، و ما معنى السبق.
رابعاً: هناك على الأقل ثلاث معايير لابد من توفرها حتى نطمئن لما يقال عن التفسير العلمى لأيات الذكر الحكيم:
1) عدم الخروج على قواعد تفسير القرأن وعلومه
2) التمكن من المجال العلمى المرتبط بالأية و معرفة جيدة بالطريقة العلمية لبحث ظواهر العلم (وهذا ما ينقص فى الكثير مما يكتب).
3) عدم وجود أخطاء منطقية و عقلية فى الربط بين النص القرأنى والظاهرة العلمية قيد البحث (وهذه من لب المشاكل الناتجة من نظام التعليم الذى أهمل اللغة العربية، والأساتذة التى تركز على الحفظ ولا تهتم بتدريب الطلاب على التفكير العلمى ولا على التفكير النقدى فى الأدب والفكر). وهنا ايضا يمكن ملاحظة كيف يمكن لمن لا يتقن العلوم الطبيعية و علوم القرأن ان يفصل تفسيراً علمياً تفصيلاً عن طريق اللعب بالنص القرأنى حتى يتسق مع احد نتائج العلم الطبيعى.
كل هذا فى غاية الأهمية لأننا نتعامل مع وحى الهى وليس كلام بشر، ويجب الإحتراس من الخطاء حتى لا نعطى فرصة لأعداء الإسلام. وسوف أعطى أمثلة لذلك مستقبلاّ، إن شاء الله.
¥