" هذه الصفة بأن الرياح (لواقح) تستدعى وقفة تأمل طويلة.
فالرياح الباردة تثير سحابا. . وهى تدفع السحب المكهربة الى لقاء بعضها بعضا، حيث أنها تلقى بالسحابة سالبة التكهرب بين أذرع سحابة أخرى موجبة التكهرب فيحدث البرق والرعد ويسقط المطر، وما أشبه هذا بحدوث التلقيح،فهى تلاقح بين السحب فيكون برق ورعد ومطر
ثم ينزل المطر على الأرض فيخصبها، وهو تلقيح من نوع آخر بين الماء والأرض
كما أن الرياح تحمل حبوب اللقاح من زهرة لتلقى بها الى مبيض زهرة أخرى فيكون تلقيح من نوع ثالث هذه المرة، تلقيح بالمعنى الحرفى للآية
فنحن أمام كلمة صادقة مجازا وصادقة حرفيا، وعلى أى صورة فهمتها فانها تصدق معك. . . وكل هذا العلم التفصيلى فى تكهرب السحاب وانتقال حبوب اللقاح لم يكن معلوما أيام نزول الآية، وقد حمل المفسرون معنى الكلمة على أنه مجاز: فالرياح تثير السحاب وتسقط المطر على الأرض فتخصبها،فهى لواقح بالمعنى المجازى، ولكن العلم وضع أيدينا على كنوز البيان فى داخل هذه الكلمة فاذا بالصدق فيها مجازى وحرفى، وجزئى وكلى، واذا بانتقاء هذه الكلمة فى موضعها معجزة من معجزات الاحكام والدقة فى البيان القرآنى "
والآن أختنا الفاضلة دعينى اسألك على أن تصدقينى القول:
ألا تشعرين بعد اطلاعك على هذه المعانى بأنها قد أضافت جديدا مما لم يك معلوما لأهل اللغة الذين ذكرتى بعضا منهم؟
هذا ما كنت أعنيه بسؤالى فى المداخلة السابقة
ثم اننى قد دعوتك - أنتى والأخت سمر - الى ابداء رأيكما فى معنى آية سورة النمل " وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب، صنع الله الذى أتقن كل شىء. . " وفى دلالتها على سبق القرآن الكريم الى تقرير حقيقة دوران الأرض والتى لا يرقى اليها الشك، ولكن لم يصلنى رد منكما
أكرر لك شكرى على مجهودك فى النقل، وأرجو أن تتأنى قليلا فى اصدار حكمك على الاعجاز العلمى للقرآن الكريم، والموفق هو الله، وهو الهادى الى سواء السبيل
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[25 Sep 2009, 03:37 م]ـ
[ align=center] الإعجاز العلمي للقرآن
لابد أولاً من افتراض حسن النية في كل من يحاول اجتذاب الناس إلى دينهم مهما ظهر من مجافاته طريق الصواب؛ فقد قال الله تعالى عن أضل عباده: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} [الأعراف:30]، ولكن لا بد من إظهار انحرافه عن منهاج النبوة حتى لا يغتر به الآخرون.
يعيد بعض الباحثين (1) بداية هذا الانحراف إلى ما يلي:
1ـ محاولة بعض المفسرين الماضين سد الثغرات المتوهمة في قصص الأنبياء color]
2 ـ الاحتجاج بشعر العرب على القرآن ـ بدلاً من الاحتجاج بالقرآن على اللغة ـ: كما احتج الأشاعرة على تأويل الاستواء بالاستيلاء: (قد استوى بشر على العراق)، وتأويل الكرسي بالعلم: (ولا يُكرسئ علم الله مخلوق)؛ صرفاً للفظ عن ظاهره.
ولعلَّ أول من وقع في شبهة الإعجاز العلمي في القرآن: الغزالي (ت505) في (إحيائه)؛ إذ ادعى أن القرآن يحوي سبعة وسبعين ألف علم، بعدد كلماته مضاعفة أربع مرات؛ بادعائه أن لكل كلمة ظاهراً وباطناً وحدَّاً ومطلعاً، وفي كتابه (جواهر القرآن) يخصص الفصل الخامس لبيان اشتمال القرآن على جميع العلوم أو الفنون الدنيوية.
وكما فتح الغزالي الباب للخلط بين التصوف والإسلام؛ فتحه للخلط بين الفكر والفقه في نصوص الوحي، فجاء من بعده الرازي (ت606) فزاد الطين بلة .. ثم استفحل الأمر فجاء ابن أبي الفضل المرسي (ت655)؛ فاستخرج الهندسة من قوله تعالى: {انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ} [المرسلات:30]، والجبر والمقابلة من الحروف في أوائل السور مثلاً.
وفي هذا العصر الذي بهر أبصار المسلمين وبصائرهم بنظرياته ومخترعاته، وإذا كان الكواكبي (ت 1320) هو السابق للابتداع في التفسير بمثل عزوه التصوير الفوتوغرافي إلى قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً} [الفرقان:45]؛ فإن لواء الابتداع في هذا الأمر معقود للشيخ/ طنطاوي جوهري (ت1358)؛
¥