ولذلك نلتمس العذر للعلماء إذا ما فهموا هذا من لفظ الآية، لأنها ظاهرة فيه ... فإن ما يفهم من ظاهر الآية أن الشمس هي التي تتحرك، ونحن إنما صرفنا الآية عن ظاهرها لمعارضة ما ظهر لأدلة العقل

ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[05 Oct 2009, 02:02 ص]ـ

هذا ما ننازع فيه أخي الكريم، فنحن نزعم أن القرآن لم ينزل ليبين لنا بعد قرون متطاولة أسرار العلوم التجريبية

قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53) وقال سبحانه وتعالى: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل:89)

وقال جل جلاله: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت:43)

والذي أراه أن هذه البحوث الكثيرة في التفسير العلمي والإعجاز العلمي تغفل أمراً مهماً، هو فقه اللغة، ولو تظرنا إلى ما يزعمونه إعجازاً علمياً وعرضناه على شيء من فقه اللغة كما هي عند علماء أصول الفقه أدركنا مكمن المغالطة التي يقع فيها أرباب الإعجاز العلمي، والتي يكفي فيها أن نقول: إن فهمنا للقرآن يجب أن يكون على معهود العرب الأولين في كلامهم وتصرفهم فيه،

صحيح أن الله سبحانه وتعالى أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا فقال سبحانه وتعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:78) لكن الله سبحانه وتعالى وهبنا السمع والأبصار والأفئدة لنرتقي بها ونعلم مراده، وندرك آياته في خلقه، وأوجب علينا أن نعمل العقل ونتفكر لا أن نبقى على حالنا حين خروجنا من بطون أمهاتنا، قال سبحانه وتعالى:

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة:164)

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران:190)

(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران:191)

وأمرنا سبحانه وتعالى بأن لا نمر على آياته ونحن معرضون، قال سبحانه:

(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (يوسف:105)

ولذلك نلتمس العذر للعلماء إذا ما فهموا هذا من لفظ الآية، لأنها ظاهرة فيه ... والحديث يا أستاذ حسن لم يكن على الإعجاز العلمي أو غيره، وإنما هو من باب التماس العذر للشيخ ابن عثيمين أو القرطبي رحمهما الله، فإن ما يفهم من ظاهر الآية أن الشمس هي التي تتحرك، ونحن إنما صرفنا الآية عن ظاهرها لمعارضة ما ظهر لأدلة العقل

أخي الحبيب أنا لا أتهم أحدا من العلماء، لكنني أستغرب كل الاستغراب ممن ينتسب إلى العلم الشرعي ويمثل الدين الذي جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعث رحمة للعالمين قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الانبياء:107)، ثم يأتي باجتهاده الخاطئ ليستبيح دم من يقول بأن الأرض تدور حول الشمس، وهو يعلم بأن المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.

هذا إن كان اجتهاده لمجرد الاجتهاد، أما إن كان اجتهاده ليبرر أمرا عقديا يريد أن يبنيه ويصوّره للناس، ويأخذ عليهم بالسيف أن يتبعوا مقالته فالأمر مختلف.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015