1. التشبيه إنما هو لتعميق المعنى وتثبيته في نفس المخاطب، فكيف يثبت الله تعالى في نفس المخاطب بأن يذكر للعرب الأولين تشبيها لا عهد لهم به.

2. جاء في أمهات كتب التفسير ما فيه مقنع في تفسير الآية، فكان الزعم بأن العرب لم يدركوا المقصود منها زعماً باطلاً لا دليل عليه.

3. لا بد عند إرادتنا تعيين مراد المتكلم من تنزيل الكلام على معهود العرب الأولين أهل اللسان الذي نزل به القرآن. ويلزم من هذا بطلان القول بالتفسير العلمي والإعجاز العلمي لمّا كانا غير معهودين للعرب الأولين. وإلا كان لنا أن ندعي الإعجاز العلمي في أشعار العرب وأمثلتها. وسآتيك بمثال يوضح المقصود:

قال تعالى (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) جعل منها أرباب الإعجاز العلمي دليلاً على بصمات الأصابع. وأن هذه الحقيقة لم تكن مكتشفة منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولقرون متطاولة من بعده، حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها.

ونحن عندنا في مقابل هذا مثل للعرب الأولين أورد الجرجاني في كتابه أسرار البلاغة أن العرب تقول في وصف الحاذق الماهر في صنعته:

إن له عليها إصبعا

أي إن له على ما يصنع أثر حذق ومهارة فدلوا عليه بالإصبع.

فما يمنع من حيث دلالة الألفاظ أن يكون قائل هذا المثل قبل أكثر من ألف سنة أراد أن يشير إلى هذه الحقيقة التي كشف عنها العلماء حديثاً؟؟

أنتظر الجواب ...

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه الطاهرين المهتدين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

بداية أشكرك على هذا الموقف الذي يدل على طلب الحق، وأشكر فيك عدم تعصبك، ونقول رحمة الله تعالى على جميع العلماء المسلمين الذين بذلوا وسعهم في الذٍَّب عن حياض هذا الدين.

وهذا إجابة ماسألت:

أولا: أقول خاطب الله سبحانه وتعالى العرب بلسانهم، ولا يقول أحد أو يدّعي بأن الله تعالى ضرب لهم تشبيها أو مثالا من غير ما يفهمون. وجميع هذه المسائل أقام عليها سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الدليل من كلام العرب وأشعارهم في مسائل نافع بن الأزرق له، حينما كان يحاول التشكيك في القرآن الكريم.

لكن كلمات القرآن الكريم وألفاظه فياضة بالمعاني، وليس من الحكمة أن نقول بقصر فهم معانيها على زمن من الأزمان دون غيره، فإذا عرض أمر جديد لم يظهر زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإننا نستدل نجتهد في ردّ هذه الأمور إلى كتاب الله تعالى لنعرف الحكم، وفي هذا الرد بحث عن فهم من كتاب الله لم يكن زمن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، فهل منهم من أظهر حكم تعاطي المخدّرات ... إذا لا بد من رد المسائل إلى أصولها من الكتاب الكريم والسنّة المشرّفة يقول تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء:83) فهذه الألفاظ القرآنية صالحة لكل زمان ومكان.

وليس من الحكمة مخاطبة الناس على خلاف مستوى ما يعقلون، فتخيل أخي الحبيب لو أن ألنبي صلى الله عليه وسلم قال لقريش إنه سيأتي زمان يطير الناس فيه في السماء في الحديد، أو أن الحديد سينقل الصوت والصورة .... وسيسير الحديد بسرع هائلة .... ماذا ستكون ردّة فعل أهل قريش حين ذاك.

فانظر إلى حكمة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم حين جواب عن أمارات الساعة: أن تلد الأمة ربتها، .... يتطاولون في البنيان) لكنه لم يخبر عن كيفية هذا التطاول هل هو ببناء الحديد أو الإسمنت ....

فحديث النبي صلى الله عليه وسلم تحقق وصدق وفق فهم الصحابة بتمامه، ولم يختلف فهم الحديث من ذلك الزمان عن هذا الزمان فالتطاول في البنيان هو نفسه، لكننا الآن نعلم كيفية حقيقة هذا التطاول الذي يقوم على أسس هندسية دقيقة، ومواد صناعية ذات كفاءات محددة ...

فدقة هذا الفهم لم تنف فهم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015