2. ونزاعنا مع أرباب الإعجاز العلمي ليس في أصل الحقائق التجريبية (العلمية) ولا في ثبوتها، بل في زعمهم ودعواهم أن القرآن دل عليها، وأشار إليها على وجه لم يكن معهوداً للعرب الأولين حتى كشف عنها العلم الحديث في عصرنا هذا، فنحن لا ننكر الحقائق، بل ننكر أن تكون آيات القرآن دالة على هذه الحقائق التي يكشف عنها العلم الحديث على وجه لم يكن معهوداً للأولين، وفي جعلهم هذا السبق القرآني "المزعوم" وجهاً من وجوه الإعجاز.

3. القول بأن العرب الأولين لم يفهموا المقصود بآية التصعد في السماء، ولم يعرفوا مرماها قول بعيد عن التحقيق، بل إن أمهات كتب التفسير مبينة لمعناها، وقد جئت بأقوال المفسرين الأولين لهذه الآية، فنحن الآن متفقان على أن هذه الآية كانت مفهومة للعرب الأولين، سواء كان على معنى التكليف بما لا يطاق، أو على معنى صعود الجبل أو غير ذلك. ما يهمنا أن هذه الآية كانت مفهومة للعرب الأولين على وجه ما، ولا يجوز بحال ألا تكون مفهومة لهم.

أظن أن النقاط الثلاث السابقة ليست محل نزاع بيننا.

4. فيبقى محل النزاع فيما ذكرتَه في قولك:

بسم الله الرحمن الرحيم

أما الفهم العصرى لها والذى يتبناه مؤيدو الاعجاز العلمى فانه يمثل مستوى أخر من فهم النص، وهو كذلك لا غبار عليه طالما أنه لا يتعارض مع الفهم الأول وانما يزيده ثراءا فى المعنى دون أن يلغيه أو يستبدله وينسخه

والذي أشار الأخ الأمين إلى معناه ...

حيث تقول ما يمنع أن يكون هناك مستويان في فهم النص؟:

أ. فهم قديم للعرب الأولين بحيث يجري على أصول البلاغة وحسن الإفهام.

ب. وفهم حديث بحسب ما كشفت عنه العلوم الحديثة بحيث يزيد في ثراء المعنى ولا يلغيه.

وبهذا يكونُ العربُ الأولون قد فهموها على معهودِهم على ما يقتضيه فنُّ التشبيهِ من تقريبِ المعنى إلى السامعِ، وبما يجري على أصولِ البلاغةِ وحسنِ الإفهامِ ولا يُصادِمُها، ويكونُ لنا – بعد ذلك- أن نضيفَ إليها وجهاً جديداً كشفَ عنه العلمُ الحديثُ بحيث لا يعارض الفهم القديم، ولا يخالفُ أصولَ البلاغةِ بعد أن أصبحَ نقصانُ الإكسجينِ عند الصعودِ في السماءِ معنىً معهوداً لنا في هذا العصرِ، وحقيقةً علميَّةً لا جدالَ فيها، وهذا الوجه الجديد تحتمله اللغة، وتقبله العادة.

أظن أن الخلاف بيننا الآن محصور في النقطة الرابعة؟

أليس كذلك أخي؟

ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[17 Sep 2009, 11:42 م]ـ

أخى الأستاذ / البيراوى، حفظه الله

أسعدنى ردكم الكريم

ويعلم الله أنى أبادلكم ما ذكرتموه من مشاعر الحب والاعجاب والتقدير

كما أنى أكن نفس المشاعر تجاه شيخكم الكريم / بسام جرار، حفظه الله

وقد كان بينى وبينه مراسلات عديدة، لكنها توقفت منذ عام تقريبا

وأرجو أن أتعرف منكم على أخباره، لأنى وجدت موقعه (نون) متوقفا عن النشاط منذ مطلع هذا العام (2009) وحتى اليوم

فأرجو أن يكون بخير ان شاء الله، وأرجو أن تبلغه تحياتى وسلامى

فى حفظ الله، ودمتم بخير

ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[18 Sep 2009, 12:02 ص]ـ

[ quote] أظن أن الخلاف بيننا الآن محصور في النقطة الرابعة؟

أليس كذلك أخي؟

فى الواقع لقد احترت - أخى الكريم - فى تحديد موقفك بدقة

ذلك أن نصف كلامك يوحى بأنك لا تعترض على تفسير أنصار الاعجاز العلمى للآية محل النقاش

بينما نصفه الآخر يوحى بعكس ذلك!!

عليك اخى الفاضل أن تحسم أمرك وتحدد موقفك بوضوح

فان كنت لا تعترض على تفسيرهم ففيما اذا وجه الخلاف بينك وبينهم؟

ثم ان كنت لا تعترض عليهم فما معنى قولك:

فنحن لا ننكر الحقائق، بل ننكر أن تكون آيات القرآن دالة على هذه الحقائق التي يكشف عنها العلم الحديث على وجه لم يكن معهوداً للأولين، وفي جعلهم هذا السبق القرآني "المزعوم" وجهاً من وجوه الإعجاز.

وأخيرا ان كنت لا تعترض عليهم فلماذا جعلت عنوان موضوعك هذا يقول:

" تهافت القول بالاعجاز العلمى. . . "؟!

كما أخبرتك: حدد موقفك بوضوح أكثر رفعا للالتباس وقطعا للأمر

وعلى كل حال فانى أرى أن نقاط الاتفاق فيما بيننا هى أكثر من نقاط الاختلاف باذن الله تعالى

وفقك الله لما يحبه ويرضاه

ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[18 Sep 2009, 12:46 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة الأفاضل سلام الله ورحمته وبركاته عليكم أجمعين

أعتقد أنه لا يخفى على أحد منكم أن معنى التفسير: هو الكشف عن المراد الإلهي في آيات كتابه الكريم وفق الطاقة البشرية، وهذا الأخير شرط لابد منه فما من مخلوق يحيط بكلام الخالق تعالى.

ولا شك أن الناس تتفاوت مشاربهم ومذاهبهم فأهل اللغة يصفون عذوبة وروعة الجمال البياني ودقة الألفاظ والمعاني، وهذا ما يضفي على النص وقارا وتقديرا، وأهل التفسير والتأويل يبحثون عن الكشف عن دقائق المعاني وأساليب بيانها، وأهل العلم يكشفون عن الحقائق العلمية والنواميس التي خلقها الله في هذا الكون وأشار إليها في كتابه الكريم، وهذه الأساليب كلها تُجَلّي قداسة الآيات القرآنية.

فلا يعاب على أحد جهده في الكشف عن المراد الإلهي على أن لا يخرج عن الحقيقة الظاهر ويخالف ظاهر الآية فيأتي بتأويلات ليس لها أصل أو دلالات علميه ليس له عليها برهان.

وإذا كان الأمر كذلك فإننا نعلم أن الناس تتفاوت علومهم ومعارفهم من زمان إلى آخر

ومن بديع حكمة الله تعالى أننا نجد القرآن الكريم لم تتغير حاله مهما تغيرت أحوالنا.

فقل في هذا الزمان من يصف القرآن الكريم بعد أن يتذوق عذوبته وحلاوته كوصف الوليد بن المغيرة ولا يخفى قوله على أحد حين قال: والله إن لقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمغدق وإن أعلاه لمثمر ... وما هو بكلام بشر.

لكننا اليوم نجد جوانب تبهر العقول فلا مانع لأي أحد أن يجتهد مشكورا ولا ننكر على أحد علما آتاه الله إياه.

وأنصح في هذا الباب قراءة كتاب الله يتجلى في عصر العلم

وهذا الكتاب موضوعات متنوعة في العلوم كتبها علماء كل وفق اختصاصه، ولا أظن أحدا يقرأ هذا الكتاب إلا وقد قوي وشحذ إيمانه.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015