ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[07 Sep 2009, 06:23 ص]ـ
سألني أحدهم: هل التسبيح في القرآن لا يعني إلا التنزيه؟!
وهل يصح أن نقول بعد دعاء الإمام في التراويح؛ إذا أثنى على الله: (سبحانك)؟
فقلت: إنه قد شاع عند كثيرين أن التسبيح بمعنى التنزيه، وهذا ليس بدقيق، بل التسبيح فيه جانبان: التنزيه والتعظيم، ويُقدِّم أحد المعنيين على الآخر بحسب السياق.
ومن أدلة كون التسبيح تعظيمًا تفسيره في مواطن بالصلاة، والصلاة فيها جانب التعظيم للمعبود كما هو ظاهر.
ولو تأملت قول الملائكة: (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) فإنك ستجد أنه لم يقع سوء يُنزَّه الله عنه كما في قوله تعالى: (وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه) والفرق بين الموضعين ظاهر.
ومن ثَمَّ، فجانب التعظيم في هذا السياق أظهر من جانب التنزيه، وإن كان بعض السلف قد فسَّر التقديس بالتطهير والتعظيم أيضًا، غير أن جانب التطهير في التقديس أولى.
وانظر أيضًا إلى قوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) فأين جانب النقص المزعوم ليكون المراد بالتسبيح هاهنا التنزيه، إن جانب التعظيم في هذا الموطن هو الأظهر، والله أعلم.
وإذا كان في التسبيح معنى التعظيم = جاز قولنا ـ بعد ثناء الإمام على الله: (سبحانك).
وهاأنذا أنقل لك بعض نصوص العلماء في كون التسبيح يعني التَّنْزيه والتعظيم:
1 ـ في قوله تعالى: (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رِزَقَكْم ثمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِكُمْ هَلْ منْ شُرَكائِكْم مَن يَّفْعَلُ مِنْ ذلِكم مِّنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه مجاز القرآن: (ومجاز " سبحانه " مجاز موضع التنزيه والتعظيم والتبرؤ قال الأعشى:
أقول لمّا جاءني فخرهُ ... سُبْحاَن مِن عَلْقَمة الفاخرِ
يتبرؤ من ذلك له).
2 ـ وفي كتاب مسألة في (سبحان) لنفطوية، قال: (ومعنى «سبحان»: التنزيه، والتعظيم، والتكبير، والإبعاد)، ثم ذكر جملة من الآيات التي ورد فيها التسبيح بمعنى التنزيه عنده، ثم أتبعها بما يأتي: (وكل ما كان في القرآن من قوله: فسبح بحمد ربك، و سبح اسم ربك، فمعناه كله: نزهه، وعظمه من غير ما وصف الله به نفسه. وقوله في سورة الرعد: ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته (5)، أي كل ينزهه ويعظمه بأسمائه، وأسماء الله صفات له، وصفات الله مدح. وكل من ذكر الله باسم من أسمائه فقد أطاعه، إذا وصفه بصفته التي رضيها لنفسه ونفى سواها عنه. وكذلك قوله في الحجر: فسبح بحمد ربك، وقوله في سورة النمل: سبحان الله عما يشركون (6)، أي تعظيما له، وتنزيها عن إشراكهم به. ولست ترى ذكر سبحان (7) في سائر القرآن إلا ومعها إثبات ونفي، فالإثبات لأسمائه التي هي صفاته، والنفي فيما سوى ذلك، فتأمله تجده في سائر القرآن. كذلك قوله: ويجعلون لله البنات سبحانه (8)، وقوله: سبحان الذي أسرى بعبده، أي تنزيها له، وتعظيما عن قول المكذبين بأنبائه على ألسنة أنبيائه).
3 ـ في قوله تعالى: (سبح اسم ربك الأعلى)، قال ابن تيمية (ت: 728):، قال (والأمر بتسبيحه يقتضي ـ أيضًا ـ تنزيهه عن كل عيب وسوء وإثبات صفات الكمال له، فإن التسبيح يقتضي التنزيه والتعظيم، والتعظيم يستلزم إثبات المحامد التي يحمد عليها. فيقتضي ذلك تنزيهه، وتحميده، وتكبيره، وتوحيده) الفتاوى 16: 125.
4 ـ في قوله تعالى: (ألم تر أن الله يسبح له من في السموات ومن في الأرض) قال ابن جزي: (الرؤية هنا بمعنى العلم والتسبيح التنزيه والتعظيم).
5 ـ وفي قوله تعالى: (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا) قال الطاهر بن عاشور: (وعطفت {ويقولون سبحان ربنا} على {يخرون} للإشارة إلى أنهم يجمعون بين الفعل الدال على الخضوع والقول الدال على التنزيه والتعظيم).
والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2009, 06:42 ص]ـ
¥