ـ[رأفت المصري]ــــــــ[06 Sep 2009, 11:44 م]ـ

جزاكم الله خيراً ..

مع اعتقاد ضرورة التمثيل - كما تفضل الأساتذة - إلا أنني أقول:

إن الجانب النظري المحض، والتفكير في واقع القرآن ليمنع صحّة أو إمكانية ما سمي بـ"الترجمة الحرفية" ..

إن هي إلا عملية تفسير - كما ذكر الدكتور مساعد ومن قَبله من الأساتذة الفضلاء -، ولا يمكن بحال تجاوز هذه الحقيقة لاقترانها بالواقع القرآني.

وللتمثيل على ضربٍ من ضروب ما ذكرتُ أقول:

لو وقف المترجِم على آية من الآيات فأراد ترجمتها، وكانت هذه الآيات - كما هي الكثير من آيات القرآن الكريم - قد وقع الخلاف في تفسيرها (كلفظ القروء في آيات العدة)، فإن المترجِم في هذه الحالة بين أمرين لا ثالث لهما:

الأول: أن يترجم الكلمة أو الجملة على معنى من المعاني المحتملة أو تفسير مما تحتمله الآية، فإن فعل ذلك فقد ترجم التفسير لا اللفظ الحرفي للقرآن.

الثاني: أن يدّعي ترك كلًّ من هذه التفاسير، ونقل الكلمة إلى اللغة الأخرى بدون أن يعرض لتفسيرها، وهذا محال، وبيانه:

أن عملية الترجمة تتعلق بالمعاني لا بالألفاظ المجرّدة عن معانيها، إذ إنها عملية نقلٍ من لغة إلى أخرى، وهذا يتعلَّقُ بالمعنى فحسب، فالألفاظ لا تنتقل؛ وإنما المعاني هي التي تنتقل.

فالحقيقة أن الترجمة الحرفيّة "دعوى" لا حقيقة لها، قبل أن تكون مسألة شرعية نتكلّم في أدلّة جوازها أو منعها.

إلا أنه لا بدّ من التنبّه إلى محذور خطير:

أن الخوفَ من أن يدّعيَ المترجِمُ أن النصّ المترجَم هو ذات القرآن، ويتعلّق بهذا أكثر من محذور كذلك، منها:

- أن يظنّ القارئ للنصّ المترجَم أنه يقرأ النص الرباني نفسه (كالحال في الكتب المتقدّمة) ثم إنه يقع في قلبه أن ما في هذا النصّ المترجَم من الهنات والرّكّة الناتجة عن عملية الترجمة هي من ذات كلام الله.

- أن المترجِم سيقصر معنى النص القرآني الواسع على فهمه القاصر، وذلك من ناحيتين:

* الأولى: أنه اختار معنى من معاني النص معيّنة دون غيرها، مما يصبغ هذا النص المترجَم باختيارات صاحب الترجمة - كما نبهتُ في نقطة سابقة -.

* الثاني: أن في القرآن من دلالات الألفاظ ما لا يمكن الإحاطة به في ترجمة من التراجم، كدلالة الإشارة والاقتضاء، والمعاني المجازية التي تحملها بعض الألفاظ والتراكيب، وما إلى ذلك مما تختصُّ به اللغة دون غيرها.

والله أعلم بكلّ ذلك.

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Sep 2009, 12:11 ص]ـ

الذي يريد أن يعرف مدى الإشكالات في هذه القضية فليرجع إلى النقاشات التي دارت حول القرارات التي تصدر عن هيئة الأمم المتحدة وما هي اللغة المعتمدة في تفسير النص.

أما القرآن الكريم والآحاديث النبوية فما اتفق على معناه فهذا لا إشكال في نقله إلى لغة أخرى.

وأما ما اختلف فيه في الأصل فكذلك يمكن نقله كما هو ولا غضاضة في ذلك.

ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[07 Sep 2009, 01:38 ص]ـ

أتفق معكم وأقترح على أخي الأستاذ عبدالله الشهري أن يتكرم علينا بذلك لخبرته ولكونه قد عمل موازنة من قبل.

وأرجو ألا يضيق وقته عن إفادتنا.

جزاك الله خيرا على حسن ظنك بي.

لن يضيق إن شاء الله، وكذا سائر الإخوة المهتمين.

ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[07 Sep 2009, 01:49 ص]ـ

أرى أني أتفق مع الأستاذ الكريم عبد الله الشهري في بعض ما أشار إليه، ولا يخفى أنَّ مِنْ شروط المترجم أن يكون متقنا للغتين، اللغة التي ينقل منها واللغة التي ينقل إليها.

جزاك الله خيرا. بل لا بد أن يكون عالماً باختلاف المفسرين، ويعلم ماهو الأرجح، وفي حالة الترجيح هل يعد الراجح هو الترجمة الحرفية؟ فسيأتي آخر ويرجح مرجوح الأول ويصير عنده هو الترجمة الحرفية! أي المعنى الحرفي. فلو أخذنا مثلاً قوله تعالى (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم)، هل البلاء هنا الإنعام أم ما يصيب الإنسان من مكروه؟ فهذه من الأضداد كما تلاحظ، ولايوجد في اللغة الإنجليزية على الإطلاق كلمة واحدة تحمل معنيين متضادين لتؤدي الوظيفة الحرفية لكلمة "بلاء"، عندها إن كان المترجم عالماً باختلافات المفسرين فإنه سيضطر لقدر من التفسير وهنا لم تعد حرفية كما ترى، وإن كان ليس عالماً بالخلاف فإنه سيقع في إشكال الترجيح بلا مرجح، أي التحكم بسبب الجهل. والمقام يطول في رد دعوى القدرة على الترجمة الحرفية الخالية من المعايب.

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Sep 2009, 04:06 ص]ـ

جزاك الله خيرا. بل لا بد أن يكون عالماً باختلاف المفسرين، ويعلم ماهو الأرجح، وفي حالة الترجيح هل يعد الراجح هو الترجمة الحرفية؟ فسيأتي آخر ويرجح مرجوح الأول ويصير عنده هو الترجمة الحرفية! أي المعنى الحرفي. فلو أخذنا مثلاً قوله تعالى (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم)، هل البلاء هنا الإنعام أم ما يصيب الإنسان من مكروه؟ فهذه من الأضداد كما تلاحظ، ولايوجد في اللغة الإنجليزية على الإطلاق كلمة واحدة تحمل معنيان متضادان لتؤدي الوظيفة الحرفية لكلمة "بلاء"، عندها إن كان المترجم عالماً باختلافات المفسرين فإنه سيضطر لقدر من التفسير وهنا لم تعد حرفية كما ترى، وإن كان ليس عالماً بالخلاف فإنه سيقع في إشكال الترجيح بلا مرجح، أي التحكم بسبب الجهل. والمقام يطول في رد دعوى القدرة على الترجمة الحرفية الخالية من المعايب.

الأخ الفاضل عبد الله

لا أعتقد أن هناك إشكالاً في المثال الذي ذكرت، فلفظ البلاء هنا بمعنى الاختبار، وهو يؤدي المعنى في كلا الحالين، إن كان المقصود البلاء بالنجاة من العذاب أو البلاء بالعذاب نفسه فكلاهما صحيح ويمكن ترجمته.

الإشكال أخي الكريم ليس في المفردات وإنما هو في التراكيب والمعنى العام الصحيح المراد من النص.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015