هذا وصف مسلوب المفاضلة مقصود به المبالغة في الحسن، فإضافتها إلى ضمير الألواح على معنى اللام، أي: بالأحسن الذي هو لها، وهو جميع ما فيها، لظهور أن ما فيها من الشرائع ليس بينه تفاضل بين أحسن ودون الأحسن.

وهذه الآية نظير قوله تعالى: (واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم) في سورة الزمر.

والمعنى: وأمر قومك يأخذوا بما فيها لحسنها.

قال تعالى: (ولما سقط قي أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا ... ) [الأعراف: 149] متى كان ذلك؟ وما سببه؟

كان مقتضى الظاهر في ترتيب حكاية الحوادث أن تتأخر هذه الآية عن قوله: (ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) لأنهم ما سقط في أيديهم إلا بسبب حادث حدث انكشف لهم بسببه ضلالهم، وهو رجوع موسى وما رأوه من فرط غضبه وتوبيخه أخاه وإياهم.

وإنما خولف مقتضى الترتيب تعجيلا بذكر ما كان لاتخاذهم العجل من عاقبة الندامة وتبين الضلالة، موعظة للسامعين لكيلا يعجلوا في التحول عن سننهم حتى يتبينوا عواقب ما هم متحولون إليه.

ما سبب قول موسى: (رب لو شئت أهلكتهم من قبل ... ) [الأعراف: 155]؟ وقوله: (أتهلكنا بما فعل السفهاء منا)؟ وما معناه؟

(لو) في قوله: (لو شئت أهلكتهم) يجوز أن تكون مستعملة في التمني، أي: ليتك أهلكت السبعين من قبل خطيئة القوم التي تسبب عنها الرجوع إلى المناجاة، وأهلكتني فلا أشهد هلاكهم.

ويجوز أن يكون الحرف (لو) مستعملا في معناه الأصلي من امتناع جوابه لامتناع شرطه، أي: لو شئت لأهلكتهم من قبل وإياي، فيكون المعنى اعترافا بمنة العفو عنهم فيما سبق، وتمهيدا للتعريض بطلب العفو عنهم الآن

والاستفهام في قوله: (أتهلكنا) مستعمل في التفجع، أي: أخشى ذلك، لأن القوم استحقوا العذاب، ويخشى أن يشمل عذاب الله من كان مع القوم المستحقين وإن لم يشاركهم في سبب العذاب.

فالمعنى: أنك لم تشأ إهلاكهم حين تلبسوا بعبادة العجل فلا تهلكهم الآن.

قال تعالى: (اسكنوا هذه القرية وكلوا ... ) [الأعراف: 161] وقال في البقرة: (ادخلوا هذه القرية فكلوا ... ) هل هذه القرية هي المرادة بقوله تعالى: (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة) في سورة المائدة؟ وما سر التعبير كل مرة بصيغة؟

نعم هي القرية ذاتها.

وكثير من اختلاف الألفاظ في هذه القصة بين هذه السورة وسورة البقرة إنما هو تفنن في حكايتها، فهم قد قيل لهم: ادخلوا القرية واسكنوها، كما هي عادة القرآن في تغيير أسلوب القصص استجدادا لنشاط السامع.

وفي بعض الاختلافات أوجه ذكرها ابن عاشور عند هذا الموضع.

(كما أخرجك ربك) [الأنفال: 5] ما نوع الكاف هنا؟ وعلامَ تدل؟

الكاف هنا للتشبيه.

وهو تشبيه حال بحال، متصل بما قبله، بتقدير مبتدأ محذوف تقديره: هذا الحال كحال ما أخرجك ربك من بيتك بالحق. ووجه الشبه هو كراهية المؤمنين في بادئ الأمر لما هو خير لهم في الواقع.

فالتشبيه تمثيلي وليس مراعى فيه تشبيه بعض أجزاء الهيئة المشبهة ببعض أجزاء الهيئة المشبه بها، أي أن ما كرهتموه من قسمة الأنفال على خلاف مشتهاكم سيكون فيه خير عظيم لكم كما هي عادة الله بكم في أمره ونهيه.

وهذا أحسن الوجوه.

ـ[محمد العبادي]ــــــــ[31 صلى الله عليه وسلمug 2009, 06:16 م]ـ

الأخوين: عدنان، وأفنان:

جزاكما الله خيرا.

أولاً:

الكلام على لسان أم مريم وليس على لسان مريم.

ثانياً:

سواء كان الكلام كلاما محكيا على لسان أم مريم أو كلام الله تعالى يبقى مضمون العبارة صحيحا فليس الذكر كالأنثى.

للتنبيه ورفع التوهم.

أحسنت أخي، وحقا قد وقع لي سبق كتابة فأنا أقصد امراة عمران.

أما ما ذكرته فيفيد فيما يسميه العلماء بالمتصل لفظا المنفصل معنى، ويصلح له مثالا، وإن كان المعنى صحيحا في كلا الحالين كما تفضلت.

ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[31 صلى الله عليه وسلمug 2009, 07:41 م]ـ

أخي الحبيب: هذه الآية أعيت العلماء من قبلك , فقد استفدنا من الشيخ الدكتور محمد ولد سيدي حبيب الجكني الشنقيطي في برنامج التفسير المباشر يوم الجمعة 7 رمضان 1430 أن هذه الآية أصعب آية في القرآن تفسيرا وإعرابا وتوجيها للقراءات , حتى إن الدكتور / عبد الرحمن الشهري قال له: (من أصعب الآيات) فقال له الشيخ: بل هي أصعب الآيات على الإطلاق.

ثم اطلعت على تفسير القرطبي فوجدته نقل عن الإمام مكي رحمه الله قوله: هذه الآيات الثلاث (106 - 107 - 108) عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن إعرابا ومعنًى وحُكماً.

جزاكم الله خيراً على هذه الكناشة الرمضانية الملئية بالفوائد القيمة. لكن هل تسمحون لأمثالي من طويلبات العلم المشاركة معكم ولو بخواطر تأتي في البال عند تدبر آيات القرآن الكريم؟

أضيف سؤالاً آخر كنت قد طرحته ليُسأل في التفسير المباشر لكن لم يتم الإجابة عنه وهو بخصوص الشاهدين الآخرين أسأل كيف يشهدان على ما لم يروه عندما وصى الميت أمام الشاهدان الأوليان وكيف يؤخذ شهادة من لم ير أو يحضر الوصية على من شهادة من رأى وحضر؟

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015